اطلس- وطني الصغير يبتلعه الاحتلال ويدمره الانقسام ، ووطني الكبير يغرق في ظلام القتل والذبح والشعارات والتنظيمات وقد عدنا قبائل لا لنتعارف ولكن لنتذابح.
لماذا تهون الحياة بكل هذه الوحشية .. وتغيب الاخلاق والقيم؟ كيف يسمح بعضنا لنفسه بان يفجر مسجدا يحتشد فيه المصلون بكل خشوع وايمان وعبادة للخالق الواحد الاحد؟ كيف يسمح بعضنا لنفسه بان يفجر سوقا شعبية تمتلىء بالناس الفقراء والابرياء الذين لا ذنب لهم ويعانون قسوة الحياة والركض وراء لقمة العيش وبالنادر ما يجدونها؟.
هل نحن فعلا امة عربية واحدة؟ وهل نحب الخير لنا ولغيرنا؟
هل نبحث عن مستقبل آمن ومريح ام نركض الى الوراء؟ هل نبحث عن توفير اسباب الحياة الكريمة والمعيشة المستقرة ام اننا نركض وراء كل ما يدمر ويخرب؟ هل الدماء والارواح عزيزة ام انها مباحة ومستباحة؟ هل نؤمن بان لنا رأيا ولغيرنا آراء وان ما هو حق لنا حق لهم؟ هل نرى بعينين اثنتين ام بعين واحدة؟ هل نتكلم ونستمع ام نتكلم فقط؟.
تمتلىء البحار بالهاربين من جحيم بلادنا الى توقعات بحياة اسهل ويحتشد ملايين اللاجئين من اطفال وشبان ونساء ورجال وكبار وسط جحيم المعاناة والالام.
اتطلع الى بلادي ويملأني الحزن والالم والخوف لا من الواقع فقط ولكن من تصورات المستقبل البائس .. فالواقع المر في عالمنا لا يخلق عالما مبشرا.
بعد ان دمروا سوريا والعراق وليبيا واليمن وقسموا السودان ومزقوا الصومال يجيء اليوم دور مصر. وبعد تخريب تاريخ وحضارة بلاد الشام واليمن التعيس يجيء دور مهد التاريخ والحضارة بلاد النيل. والمسؤولية ليس من نصيب جهة واحدة وانما الكل مسؤول والكل مذنب .. لان القضية ليست قضية تنظيم او نتيجة مـؤامرة .
كل طرف يريد ان يكون الامر له وان تكون السلطة له والمال والنفوذ له والحاضر له والمستقبل له. لقد كانت هناك «القاعدة» اولا ثم جاءت «داعش» ثانيا، وما بينهما من تنظيمات ومسميات .. والاهداف واحدة والسبل متشابهة .. والماضي يشبه الحاضر والمستقبل ينذر بالاسوأ.
يقولون انها مؤامرة وانه مخطط .. وان اميركا تقود هذا التدمير بعد ان فعلت ما فعلته بالعراق وليبيا، ويقولون ان اسرائيل تدعم هذا التمزيق والتخريب وان حاخاما اسرائيليا كبيرا هو نير بن ارتسي وصف «داعش» بالنعمة من الله الى الشعب اليهودي .. اذ كلما تمزق العالم العربي ازدادت اسرائيل قوة وامنا، كما ان احدا من هذه القوى التي تقتتل وتذبح وتدمر بالدول العربية لا تقترب من اسرائيل بل وتلقى دعما مباشرا وغير مباشر منها احيانا، ويظل «حزب الله» اللبناني هو الاستثناء الوحيد.
هي في جزء منها مؤامرة بالتأكيد .. ولكن معنى المؤامرة هو المصالح اولا ووجود قوة تفكر وتخطط وتنفذ ضد ناس لا يفكرون ولا ارادة قوة لهم ولا مخططات. ثانيا ان ذنب الضعيف لا يقل مسؤولية عن دور المتآمر ولولا الضعف ما كانت مؤامرة اساسا. ويقولون ان الفقر وعدم توفر التنمية والتطوير والوظائف من اسباب هذا التطرف والتخلف . لكن كبار قادة التطرف وكثيرين من عناصره هم من الاغنياء، وابن لادن مثلا كان صاحب ملايين وفضل شاكر كان غنيا مشهورا .. ان اكبر منابع التطرف تجيء من التحريض والتعبئة واحاديث الغرف المغلقة.
ليس هذا تشاؤما وانما تعبير عن الواقع .. ولا هو مجرد شعور بالاحباط وانما مرارة في النفس. وقد يكون من الاسهل القول لا بد ولا بد، ويجب ويجب وان القادم افضل ، لكنني ارفض ان اخادع نفسي او اخدع غيري .. فمن الواقع المظلم يبدو الليل القادم .. والامل الوحيد هو ان تتغير العقلية وطرق التفكير .. وان نصل الى مرحلة نفصل فيها بين الاجتهادات والدولة وبين الذين كانوا يقولون وما علينا نحن ان نقوله، وبين ما كان قبل مئات السنين وما هو قائم وقادم.
قد يكون من الاسهل القول لا بد ولا بد، ويجب ويجب وان القادم افضل ، لكنني ارفض ان اخادع نفسي او اخدع غيري .. فمن الواقع المظلم يبدو الليل القادم .. والامل الوحيد هو ان تتغير العقلية وطرق التفكير .. وان نصل الى مرحلة نفصل فيها بين الاجتهادات والدولة وبين الذين كانوا يقولون وما علينا نحن ان نقوله، وبين ما كان قبل مئات السنين وما هو قائم وقادم.