اطلس- مشهدان ، يثيران ما يثيران في النفس العربية والفلسطينية ، الاول عربي ، والثاني فلسطيني ، الاول متعلق بزيارة اول زعيم عربي (عمر البشير) الى دمشق منذ أزمتها التي كادت تطيح بها على رأس شعبها وحضارتها و مستقبلها ، والثاني متعلق بالعرض العسكري الذي اقامته حماس في ذكرى انطلاقتها الحادية والثلاثين .
رئيس عربي ، نعم ، ولكنه ديكتاتور ، يتحكم بالبلاد والعباد منذ ما يزيد على ثلاثين سنة ، مطارد من محكمة الجنايات الدولية بتهم ارتكابه مجازر حرب ضد شعبه ، مرة يدعي انه يحكم باسم الشريعة ، ولهذا احتضن المؤتمر العالمي للاخوان المسلمين بعيد فوزهم في انتخابات مصر ، ومرة يدعي انه يدعم الثورات بما في ذلك حركة حماس ، حيث استهدفت اسرائيل بعض مصانع اسلحة مولتها ايران ، ومرة يشارك في الحرب على اليمن في الحلف العربي الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين الذين تدعمهم ايران ، وفي موضوع التطبيع العلني مع اسرائيل كشف نتنياهو مؤخرا ان عاصمته ستكون موضع زيارته الثانية بعد مسقط . لكن أخطر ما تكرس في عهده ، تقسيم البلاد الى دولتين وشعبين وعاصمتين وعلمين و نشيدين "وطنين" و عملتين وجوازين سفريين .
في ساحة الكتيبة في غزة ، استعرضت حماس وكتائب القسام ذخيرة عسكرية هائلة ، سيارات عسكرية وصواريخ وطائرات مسيرة ، عرض بقدر ما يثير الفخر في النفس ، يثير الريبة في إن كانت هذه البقعة من الارض محاصرة ، فخر يتجاوز نفوس الفلسطينيين الى كافة الشعوب التي تناضل من اجل تحررها الوطني والاجتماعي والاقتصادي في أربعة ارجاء الكون ، في غضون ثلاثين عاما من عمر هذه الحركة ، تبهرنا بهذا العتاد ، تبهرنا في التنظيم ، تبهرنا في الحشد ، تبهرنا بالنشيد الوطني الفلسطيني وباطلاق صورة عرفات اول الصور قبل صورة مؤسسها وشهيدها المقعد احمد ياسين ، وبصورة ابو علي مصطفى ، وبعلم فلسطين على صدر كل مقاتل من مقاتليها . ولكن ، تكاد الفرحة تختنق في قلوبنا ، حين يتكرس الانقسام فعليا وعمليا ، والحديث هنا لا يقتصر فقط على موضوع الخلاف بين فتح وحماس ، بل على غزة والضفة ، وكأنهما كيانين وبلدين وشعبين . لم يقل اسماعيل هنية رئيس الحركة ان الاعتداء على الضفة ، يعني اعتداء على غزة ، وبالتالي لسوف نرد عليه بقصف تل ابيب ولا حتى عسقلان او مستوطنات الغلاف . الاعتداء على الضفة اصبح تقليديا ويوميا ، قتلا واسرا وهدما ، الاعتداء على الضفة تجاوز الاعتداء على الناس ، بل تجاوز ذلك الى مقدمات ملموسة ومشهودة من اجل حسم امرها اسرائيليا ، كما حصل مع القدس من قبلها . رغم ان الاعتداءات على غزة ، في المقابل ، ما كانت لتقابلها مناصرة حقيقية في الضفة . في الانتفاضة الاولى التي اشتعلت في كل الارض المحتلة ، كانت شرارتها قد قدحت من مخيم جباليا .