اطلس- ما ينشر الآن ويبث على مدار الساعة حول الشرق والغرب و"الإسلاموفوبيا" وصراع العقائد
يختبر صدقية وجدية عشرات بل مئات الندوات التي عقدت خلال العقود الأربعة الماضية حول حوار الأديان، والتعايش السلمي .
فهل كان ذلك الحراك الإعلامي مجرد حبر على ورق، أو رحلات سياحية تذرعت بسبب يبررها؟
هذا السؤال وغيره من الأسئلة المتعلقة بهذه الظاهرة يفرض نفسه ونحن نرى فضائيات ومنابر إعلامية تعود إلى ما قبل الشروع في الحوار .
وقد يرى البعض أن الطبع بالفعل يغلب التطبع بالمعنى الخلدوني، وأن ما تراكم خلال قرون عدة لا ينتهي في عقود، لكن المسألة أبعد من ذلك لأن هناك أطرافاً أشبه بالمافيات تتغذى من هذا الصراع، وتشعل الحرائق كلما وقعت عينها على هشيم هنا أو هناك، لأن هذا الصراع يزدهر كلما تراجع الوعي لحساب التعصب .
أما القول إن الصراع يدور بين شرق وغرب لأسباب أيديولوجية فهو مضاد للحقيقة التاريخية، لأن الحربين العالميتين اللتين فتكتا بأوروبا في النصف الأول من القرن الماضي كانتا تدوران بين مسيحيين ومسيحيين، فالمصالح القومية هي الدافع الحقيقي حتى لو أخفيت وراء أقنعة أيديولوجية .
وما يثار مجدداً عن الخشية من أسلمة أوروبا، فيه الكثير من المبالغة فالإنسان أحياناً يتخيل أشباحاً ثم يصدق أنها موجودة بالفعل، ومن يقولون ذلك يتخيلون أن الإرهاب يشكل نسبة متدنية بل استثناء من المسلمين يجسد أكثر من مليار ونصف المليار مسلم، وهذا بحد ذاته تصور متطرف، وما ينتج مصطلحات من طراز الأسلمة أو التهويد في هذه الآونة هو اختزال التاريخ بكل الأشواط التي قطعت لتمدين البشر، وإساءة تفسير مجراه وما ترسب منه من ظواهر بحيث تلبي أحلام ساسة وجنرالات فضلوا قراءة الأساطير على قراءة التاريخ .
الغرب ليس متجانساً إلى الحد الذي يوضع فيه كله في سلة واحدة أو في قارب واحد، ففي القارة الأوروبية ذاتها ثمة خلافات ذات جذور تاريخية لأن شعوب القارة عاشت نزاعات وخاضت حروباً فيما بينها، بعضها دام أكثر من سبعين سنة وبالمقابل فالشرق أيضاً ليس متجانساً بحيث يحكم عليه بالجملة وكأن شعوبه قطع غيار متشابهة .
وما يقوله العلماء عن صعوبة إدراك الفروق وسهولة الحكم بالجملة ينطبق بدقة الآن على معالجات إعلامية تطبخ على عجل وأصبح لها بورصتها السياسية، فهل ذهبت مئات الندوات عن حوار الأديان وفلسفة التعايش الإنساني سدى؟