رام الله - أطلس - رأى ممثل البنك الدولي د.أودو كوك أن المعطيات الاقتصادية في فلسطين لا تبعث على التفاؤل، والنقطة الأهم بالنظر للمستقبل يحددها مستقبل العملية السياسية، والأهم في ظل السيناريوهات المتوقعة الحفاظ على استمرار السلطة بالقيام بمهامها.
وبين كوك في محاضرة له في معهد السياسات الاقتصادية ماس تحت عنوان المطرقة والسندان: التطورات الأخيرة في الاقتصاد الفلسطيني وبحضور رفيع من المستوى السياسي والفعاليات الاقتصادية والأكاديمية أن النمو الاقتصادي في تراجع منذ ثلاث سنوات، ومعه ارتفعت نسب البطالة، وشهد الوضع المالي للسلطة تحسنا ولكنه ليس بالكافي، واستمرت الديون على الحكومة بالتراكم، ووصلت في العام 2013 لأعلى النسب، محذرا من مخاطر ديون البنوك المتراكمة على الحكومة، وهو ما يؤثر بشكل حقيقي على الوضع الاقتصادي.
وأضاف البنك الدولي متشائم إزاء الوضع في الضفة وغزة، ونسب النمو لهذا العام بلغت 2.5% نموا متوقعا و نفس النسب ستستمر في العام 2014 إذا ما استمر الوضع القائم على حاله واستمرت المفاوضات لعام آخر.
وبين أن موازنة العام 2014 تحمل بعض المخاطر في ظل وجود فجوة تمويلية تصل إلى 380 مليون دولار، ومطلوب من الحكومة بعض الإصلاحات الضرورية ومنها تقليل دعم الوقود، وزيادة الموارد بتطبيق فاعل للنظام الضريبي وتحسين الجباية على الكهرباء.
وأوضح كوك أن المشكلة ليست في الديون الحكومية، ولكن المشكلة في تراجع الإرادات الحكومية، لافتا لوجود تهرب ضريبي كبير في فلسطين.
ويعتقد كوك أن العجز في الموازنات إذا ما استمرت في الصعود ستصل لنهاية محددة، وأنه لا مجال لحل سريع، ولكن يمكن للحكومة اتخاذ إجراءات على المدى المتوسط (3-5 سنوات) وتشمل إصلاحات في نظام التقاعد والخدمة المدنية والتحول الحكومي من الاستهلاك إلى الاستثمار.
وأوضح أن جزء رئيسي من مساعدات المانحين تذهب لبند الرواتب، وهذا النوع من الإنفاق غير كافي لبناء قاعدة للاقتصاد، ويجب على الحكومة أن تتجه للتنمية والاستثمار في التعليم والطاقة، لافتا لوجود مصادر في فلسطين لم يتم استغلالها حتى اللحظة مثل غاز غزة.
وأوضح كوك في معرض رده على أسئلة المشاركين، أن التجربة الفلسطينية لها خصوصية في عدم قدرتها على الاستدانة من المؤسسات الدولية، لافتا لتجربة بعض الدول الأفريقية التي تمكنت من تحقيق نمو وصل إلى 7-8% رغم بعض الظروف السياسية الصعبة، وذلك بسبب قدرتها على خلق بيئة مناسبة للاستثمار وخط سياسات اقتصادية واضحة.
وعن السيناريو المتوقع في حال فشل المفاوضات قال كوك هذا سؤال صعب لأنه سياسي، وهناك الكثير من السيناريوهات المتوقعة في حال الفشل يتراجع الاقتصاد وفي حال النجاح بنسب نمو عالية، ولكن المهم في هذه السيناريوهات أن نضمن بقاء السلطة وقيامها بدورها، مبينا أن هناك الكثير من التوقعات التي بنيت وتوقعنا فيها أن تكون الصورة أفضل، ولكن فلسطين تتعرض لهزات تقلب الأمور رأسا على عقب، مشددا على أهمية أن تعمل السلطة على تخفيف مديونيتها وزيادة الاستثمار لأنها في لحظة محددة ستكون مسؤولة عن تقديم كل الخدمات.
وعن الدور الذي يمكن للبنك الدولي لعبه لإزالة المعوقات الإسرائيلية، بين أن البنك الدولي شكل لجنة قبل سنتين ولكن لتحقيق نتائج ايجابية لا بد أن تتعاون حكومة إسرائيل.
بدوره قال المدير التنفيذي لشركة بديكو سمير جليلة إن القطاع الخاص غير معني بالتوقعات الاقتصادية، ولا بالسيناريوهات المختلفة، السيناريو الوحيد بالنسبة له هو الوضع القائم، عندي وصف مختلف للواقع الراهن عما تم تقديمه، فمطلوب من القطاع الخاص حمل الحكومة والجري فيها، في حين تستمر هي بالنمو، خسر القطاع الخاص غزة، والقدس، وإيرادات كثيرة من خارج الضفة الغربية، ونسب النمو 3% لا معنى لها، ومعتبرا أن الرؤية التي قدمها تحلل الوضع بناء على احتياجات الحكومة.
وتساءل حليلة كيف يمكن للبنك الدولي المساعدة في خلق علاقة توازن بين الحكومة والقطاع الخاص.
وقال ممثل البنك الدولي التقارير لا تغير الحقيقية الاقتصادية، القطاع الخاص في فلسطين بسبب قاعدته الاقتصادية المنوعة، على الرغم من تراجع الإنتاج الصناعي والزراعي إلا أن هناك قطاعات اقتصادية واعدة، والعلاقة بين القطاع الخاص والحكومة محكوم بمستوى الضرائب المفروضة وإدارة الضرائب، لافتا إلى أن العبء الضريبي في فلسطين ليس بالكبير لكن الامتثال لدفع الضرائب قليل، وأنه بدون امتثال عالي للضرائب ستظل هذه العلاقة غير مستقرة.
وتساءل رئيس مجلس إدارة هيئة سوق المال ماهر المصري لماذا لا يقوم البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بمعالجة مشكلة الديون المتأخرة، إذا كانت السلطة لا تستطيع لوحدها دفعها، وكيف يمكن للسلطة التحفظ على مبالغ مالية كافية للاستثمار في ظل تصاعد الديون المتأخرة.
وأجاب كوك بالقول المشكلة هو باستجلاب المزيد من المانحين، فالسلطة تتلقى حوالي 2 مليار دولار سنويا، ومن الصعب تقديم المزيد، والمشكلة الحقيقية في صندوق التقاعد، والذي هو في أزمة فالحكومة تدفع رواتب التقاعد من الوازنة، وهو من أسباب ارتفاع العجز، ويجب إعادة رسملة صندوق التقاعد على المدى الطويل.
المصدر: وفا