اطلس:انتهت المرحلة الأولى من الانتخابات المحلية بإعلان النتائج في الثاني عشر من كانون الأول 2021، والتي جرت في ثلاثمائة وسبع وثمانون هيئة محلية في الضفة الغربية وقطاع غزة
وبدأ الاستعداد لإجراء انتخابات المرحلة الثانية في ست وستين هيئة محلية في السادس والعشرين من شهر آذار القادم، وستكون الإجراءات والسياسات ذاتها بالطبع، من حيث تسجيل القوائم والدعاية الانتخابية، ويوم الاقتراع ومن ثم الفرز وإعلان النتائج.
في نهاية المرحلة الأولى، لا بد لنا من الوقوف مطولا على موضوع الانتخابات، الانتخابات التي انتظرها الكثيرون لسنوات، لا أعني هنا انتخابات الهيئات المحلية بعينها، وإنما الانتخابات بمفهومها الأوسع والأشمل، انتخابات التشريعي والرئاسة، هذه الانتخابات التي وعدنا بها، وتم اعلان البدء عنها وتشكيل القوائم وتسجيلها أيضا، ومن ثم... لم تجر هذه الانتخابات، لأن لا انتخابات دون القدس، ولا انتخابات دون غزة، فلا انتخابات.
جرت الانتخابات بكل سهولة وسلاسة، ويمكن القول أن العملية الانتخابية كانت ناجحة بالفعل، لم تسجل أي خروقات أو تعديات خلال العملية الانتخابية وبعدها، إلا في حالة واحدة تم الإعلان عنها في إحدى القرى الفلسطينية في الشمال، هذا الانضباط والالتزام من أعضاء القوائم والناخبين يعكس مدى الرغبة في إنجاح العملية الانتخابية وبالتالي الاستمرار في المرحلة القادمة.
نعم دولة رئيس الوزراء، نحن متعطشون للانتخابات، بكل أنواعها وأشكالها ودرجاتها، نحن متعطشون للاختيار، والمشاركة في صنع القرار، ولكن ما ينقص هو منحنا الفرصة لذلك.
يرافق تعطشنا للانتخابات، رغبة في تعديل قانون الانتخابات الحالي، وأقصد في هذه المرحلة الانتخابات المحلية.
فنظام القوائم المعمول به الآن، لا يعتبر النظام الأمثل في الاختيار لرؤساء الهيئات المحلية بطريقة تضمن وصول الأكثر كفاءة واستحقاقا، لأن هذا النظام يطبق على أرض الواقع من منطق عائلي بحت، ويفرض على الناخب اختيار أشخاص ضمن القوائم لا يملكون الحد الأدنى من المقومات لدخول المجالس المحلية، أن تفرض علي أشخاصا تدرج أسماؤهم في قوائم لضمان الحصول على أصوات عائلاتهم.. هو أبعد ما يكون عن المنطق.
وماذا عما بعد النتائج وطريقة التوافق على اختيار رئيس الهيئة، ففي كثير من الأحيان لا تحسم النتيجة مع نهاية الفرز،ولا تصل أي قائمة إلى نسبة النصف زائد واحد، وتتقاسم القوائم الأصوات وبالتالي المقاعد،وتبدأ مفاوضات (تقسيم) المناصب، فلا توافق على الرئيس، وترغب كل قائمة بأن يكون الرئيس منها، وقد يصل الحل بتقاسم الفترة الزمنية للرئاسة بعامين لكل رئيس، مع تناوب منصب النائب، وقد يتشارك ثلاثة في تقاسم فترة أربعة سنوات من الرئاسة، فهل يعقل أ، يتغير رئيس الهيئة المحلية ثلاث مرات في أربع سنوات، ما البرنامج الذي يستطيع تنفيذه، وما الموضوعية في الحكم على إنجازه خلال فترة زمنية قصيرة، ناهيك عن المعروف لدينا، أن لا أحد يبني على ما أسس من سبقه، الكل يبدأ العمل وفق الخطة التي يراها الأفضل، وفي أغلب الأحيان يلقي بالتقصير على السابق، فلا يكاد يبدأ هو الآخر بالعمل، وإذ بفترته قد انتهت، وحان وقت بدء الفترة الجديدة، وفي المحصلة المواطن هو الذي يدفع ثمن عدم الإنجاز وتردي الأوضاع...
من الطريف المبكي أن إحدى القوائم التي لم تنل شرف الفوز أعلنت أنها ستكون في المعارضة، فهل الهيئة المحلية هي معترك سياسي يتطلب المعارضة، أم هي مؤسسة خدماتية تعنى بخدمة المواطنين وتسيير شؤونهم، لا بد من الخروج من إطار التكتلات داخل الهيئات المحلية، توحيد الجهود نحو الهدف الأساسي وهو المواطن.
لا يمكن لنا أن نغفل ما حصل في هذه المرحلة من الانتخابات في قرية جبع، وموقف الأهالي من الانتخابات ومقاطعتها بالكامل، حيث كانت نسبة الاقتراع(صفر)، وكانت هذه طريقتهم في إيصال صوت من نوع آخر، وهو صوت الاعتراض على العنف الذي أدى إلى فقدان أحد ابنائها طعناً في الجامعة. كان تصويت أهالي جبع أكثر قوة وتأثيرا من أي تصويت آخر، هو صوت الألم والأمل في التغيير، والسعي للأمن والأمان.
من الأفضل والأكثر منطقية، أن يتم الترشح لمنصب رئيس الهيئة المحلية بنظام الأفراد لا القوائم، ولنقم برفع سقف المؤهلات لمن يرغب بالترشح لرئاسة الهيئة المحلية، وليكن الفوز للأفضل فعلا...
ولو تحدثنا عن اختيار الأعضاء لا يختلف الأمر كثيرا، فلماذا علي أن أختار قائمة بأكملها، لماذا لا أستطيع كصاحب حق اقتراع أن اختار الشخص الذي أراه مناسبا من كل قائمة، ويتم تحديد عدد الأعضاء التي يختارها كل ناخب.
لا أعتقد أن من يختار قائمة بعينها، لديه نفس درجة القناعة بكل الأسماء الواردة فيها، كما أن ترتيب اللأسماء في القوائم عليه بعض علامات الاستفهام، أن تضع شخصا يحمل من المؤهلات ما يكفيه للفوز بعضويه المجلس في أسفل القائمة، فتضمن أصوات العائلة التي ينتمي لها، وتضمن فوز من هم في أعلى القائمة لحسابات أخرى...
وماذا عن دور المرأة في الانتخابات، نعم هناك في كل قائمة عنصر نسائي، وربما أكثر، بل أن هناك قائمة نسائية بالكامل في قرية برقين في محافظة جنين، ولكن لننظر بموضوعية أكثر نحو التمثيل النسائي في القوائم الانتخابية، ما الترتيب الذي يوضع فيه اسمها في القائمة، وما الدور الذي تؤديه لاحقا، وما المؤهلات التي يتم اختيار العنصر النسائي بناء عليها، كثيرة هي الأسئلة المتعلقة بهذا الجانب، وأكثر هذه الأسئلة أهمية بنظري هو: لو لم تكن هناك(كوتة) نسائية، وفق قانون الانتخابات، هل كنا سنرى أسماء لمرشحات ضمن غالبية القوائم ؟؟
العديد من الجوانب المتعلقة بالقانون الحالي للانتخابات المحلية بحاجة لإعادة النظر فيها من جديد، والتركيز على فوز الأكثر أحقية في المقام الأول، بعيدا عن كافة الحسابات والموازين الأخرى، إن كانت المصلحة العامة هي الهدف الرئيسي من إجراء الانتخابات...