كثيرون من بيننا عبدوا أصناما من البشر يشكلون أولياء نعمتهم والذين بدورهم نيابة عن أصنامهم إستخدموهم للبطش والتنكيل بأبناء الشعب والكادحين وجميعهم يدركون أن كل ذلك لا محالة زائل والتاريخ يثبت ذلك، وكما تقول القصيدة عن أحد رموز الطغيان " نيرون مات .. ولم تمت روما ... بعينيها تقاتل".
قلّة أقل، انبهرت ببعض الأفراد ممن – وعلى مدار التاريخ – قامت الماكنات الاعلامية بتلميعهم، أو اعتبروا اجتماعيا على أنهم من الأشخاص الذين " يشار اليهم بالبنان" كما "عضوات مسلسل باب الحارة.
باستثناء الرياضيين والعلماء ومن ضمن تصنيفهم المهني المتميز الذين انبهر بهم الكثير من بيننا لأنهم اثبتوا ميدانيا قدراتهم والمعيتهم، قلة قليلا أستطيع أن أتقبل انبهارنا بها، أما الأكثرية ممن إنبهر بهم العالم فلم يكونوا سوى "نقطة هائمة في أبجدية" كما يقول الشاعر الراحل نزار قباني، أو كما تغني المغنية لطيفة فهم " مجرد قناع ... وكم مسرحية بطلها القلم" وأداة طيعة في يد " المحافظون الجدد" وماكنة عائلة روتشيلد الاعلامية.
لم نعد حتى نتذكرعادل سلام من العراق، وفرج الله الحلو من لبنان، وعبد الخالق محجوب من السودان، وشهدي عطية الشافعي من مصر وعمر المختار من ليبيا وروحي الكيلاني من الاردن ورجاء أبو عماشة من فلسطين وغيرهم الكثيرين ممن فعلا كانوا يستحقون أن ننبهر بهم إذ إجترحوا البطولة والمأثرة، وبتنا نتذكر هؤلاء "الفقاقيع" الملمعين من قبل الماكنات الاعلامية.
كما وبعد انتهاء الاستعمار القديم وسيطرة الاستعمار الجديد، فقد ولّت حقبة " التدخل الاستعماري الخجول" في شؤون البلاد والعباد وبلغ التدخل الى مرحلة الاملاءات المباشرة " وبالبسطار" تماما كما لغة العسكر " نفذ ولا تناقش"، فلا يبرز أي قائد سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي أو غيرهم الا من خلال صناعة وتلميع وتنفيذ املاءات الطغمة التي تحكم العالم على كافة الاصعدة، مع منحه هامشا جانبيا كي يصول ويجول كي يظهر كما لو أنه صانع القرار أو الفكرة أو المبادرة أو الأحرص على البلد أو حتى "بيمون".
وعندما ينتهي دورهم وتستدعي الحاجة لاستبدال الحرس القديم بالحرس الجديد تكون نهايتهم ماساوية واحيانا على أيدي من إنبهر بهم أو صفق لهم أو كان ذنبا من اذنابهم. وكم هي الحالات في تلك الدول التي يسمونها "دول العالم الثالث" والتي انتهى بها زعماء هذا البلد أو ذاك بحدث ماساوي ومعظم عملية تداول السلطة قد تمت بانقلابات عسكرية وليس من خلال صناديق الانتخابات التي ان تمت فعمليات التزوير كانت السمة الاغلب رغم وجود بعثات مراقبة دولية اكدت "نزاهة الانتخابات".
اذا ...لماذا ينبهر البعض من بيننا بهذا أو ذاك.
ببساطة لعدة اعتبارات أهمها عملية التلميع التي تحف بهذه الشخصيات فترفعهم الى مصاف "المشاهير" ويكفي لأي منا أن يبحث عنهم على محركات البحث العالمية ليأخذ منها – ومن بينها محرك ويكبيديا- المعلومة المكتوبة عن الشخصية التي يبحث عنها دون أن يتحقق من صحتها ودون أن يكون لها اسناد بحثي علمي محكم.
خلاصة القول ... اننا في زمن التلميع .. تلميع ليس فقط الأحذية ... بل تلميع كل شىء، تلميغ الافراد ... تلميع الدول ... تلميع السياسة والاقتصاد ... تلميع انحدار القيم والاخلاق .. تلميع التبعية وانهيار المبادىء ... تلميع يتبعه تلميع .... فلا ننبهر بذلك كله..... فهه المرحلة هي مرحلة "بويا الكيوي".
إنه زمن الوعي المفقود .... ولا بد أن نشهد عودة الوعي كما قال توفيق الحكيم ذات يوم.