اطلس:دعونا أيها ألأحبة، نعيد الأمور الى ألف بائها وسياقها وفق منظومة مبادئ وذلك فيما يتعلق بالحالة الافغانية وأية حالة أخرى مشابهة سابقة و/أو حالية و/أو لاحقة.
الاحتلال هو احتلال، بغض النظر عن مسمياته، وفي الحالة الأفغانية نهاية سبعينات القرن المنصرم عندما تواجدت قوات الاتحاد السوفياتي على الأرض الافغانية تحت مسمى " المساعدة الأممية" فإنها كانت احتلالا، وعندما تم دحرها وهللّ الغرب لذلك، وحلّ محلها ... اعتبر اليساريون ذلك احتلالا .. الله أكبر ... فكيف يستقيم الكيل بمكيالين؟
ان مبدأ "عدم التدخل في الشؤون الداخلية" لأي بلد هو أيضا مبدأ لا يتجزأ، فحتى لو كان تدخل أي دولة في شؤون دولة أخرى ليس بالتواجد الفعلي الاحتلالي على الارض وانما بالسيطرة عليها بطريقة غير مباشرة فإن ذلك يشكل أيضا احتلالا.
هذا الانهيار السريع والمتوقع للجيش الأفغاني بعد خروج الجيش الامريكي، مفاده أن "الدمى المتحركة" الافغانية التي كان يحركها الاحتلال لا تستطيع أن تصمد مطلقا أمام من يقاوم عقائديا أو وطنيا، فهم متسلحين بفكر ما بغض النظر اتفقنا معه أم اختلفنا بينما الدمى المتحركة كانت تبحث عن مصالحها، ومن يبحث عن مصالحة لا يقاتل أو يضحي، بل اذا جفت بئر .... يضرب في أعماق الأرض ... بحثا عن بئر أخرى، كما قال شاعرنا سميح القاسم – رحمه الله – في مسرحيته الشعرية " قرقاش".... لذلك نراهم يولون الأدبار أو كما يقولون بالعامية " يا فكيك" أو " يا روح ما بعدك روح" ويلقون باللائمة على بعضهم البعض.
قد يقول قائل، هل البديل ... حركة طالبان التي قد تدخل أفغانستان في دوامة حرب أهلية؟ ... ولكن ... هل بالوجود الأمريكي على امتداد العشرين عاما الماضية انتهت الحرب الأهلية؟ هل بالوجود الأجنبي يتم تأمين البلد؟ وهل تأمين البلد فعلا كان حقيقيا وهذا الفقر المدقع واستمرار حالات اللجوء الى خارج أفغانستان وتحديدا الهند وايران والباكستان هو فعلا الاستقرار الحقيقي للبلد؟
حركة طالبان أيها الأفاضل سيطرت بذكاء لسبب واحد وحيد ... لا يوجد غيرها، لا الجيش الأفغاني هو جيش نظامي بمعنى الكلمة ليتصدى، ولم يكن الأمريكان يهدفون أو يسعون لأن يكون جيشا نظاميا مسلحا وفق الأصول ويحظى بالقدرة الجوية الرادعة لأي تقدم وسيطرة من ميليشيات غير منظمة.
حركة طالبان سيطرت لأن من يتشدق ويدّعي من الفصائل الاخرى .. التقدمية واليسارية بشكل خاص ان وجدت فعلا ... سجّل على امتداد سنوات وسنوات ... فشلا ذريعا .. لا بل والتصاقا بالاجنبي وزلم النظام. وبذلك فقد سمحت هذه القوى التي تدّعي أنها طليعية لأن تدخل حركة طالبان كما يقولون " سمحنالو ... دخل هو وحمارو" وعندها انطبقت مقولة " قالوا لفرعون .. مين فرعنك ... قللهم ما لقيت حدا يردني".
لا تستعن أيها القارىء العزيز مطلقا بالاجنبي عندما تريد معالجة الأمر المحلي، ولا تقبل بالتدخل الخارجي تحت أي مسمى من المسميات .. حتى لو كلفك ذلك الكثير الكثير ... حروبا طاحنة وخسائر في الأرواح والمعدات والثروات.أهل مكة أدرى بشعابها ... وما بحرث الأرض الا عجولها وعلى الله ... يتوكل المتوكلون.