اطلس: التخمة هو مصطلح علمي يصف حالة عسر الهضم التي تصيب المرء منا وهي إحدى أمراض الامعاء الأكثر شيوعا، وهي من الأمراض الوظيفية حيث لا تعمل اجهزة الجهاز الهضمي بشكل طبيعي.
وفي مجتمعاتنا العربية نعاني بإستمرار من التخمة، فقد عشنا مرحلة عندما تحولت الأنظمة الجمهورية العربية الى أنظمة ملكية حتى ورّث الرؤساء أبنائهم. وفي المعارضة أيضا جرى توريت قيادات الفصائل الى الأبناء أو الى أفراد من العائلة.
وحاليا نعيش حالة التخمة ليس فقط لدى الأنظمة أو المعارضة وإنما يضا في مؤسسات المجتمع المدني، تلك التي تنادي دوما بضخ القيادات الشابة، فشاخ القائمون عليها وهم "يترتحون" بالكرسي القيادي.
لم يعد بإستطاعتنا أيها الأحبة أن نهضم كل هذه المعادلات التي تتعلق أولا ببقاء ذات الوجوه على رأس الهرم السياسي والإجتماعي والديني والثقافي في عالمنا العربي ( حتى لو شربنا سفن أب). لم نعد نتقبل فكرة الزعيم الأوحد، ولا شعار " بالروح بالدم نفديك". وفي المنظور الإجتماعي مللنا من ذات الوجوه التقليدية التي تريد أن تعيدنا الى عصر الإنسان الأول ومللنا أيضا تلك الوجوه الدينية التي تظهر على المناير والفضائيات وتحثنا دزما على الطاعة العمياء للوالي وأولي الأمر والبطانة الصالحة بل تشرّع ما حرم الله سبحانه وتعالى وتتدخل في السياسة بشكل سافر داعية للتطبيع مع الإحتلال الغاصب.
مللنا من المتشدقين المرددين دوما مقولات تتعلق بضرورة ضخ الدماء الشابة في قيادة الهيئات والمؤسسات والذين يتظاهرون بأهمية تطبيق مبدأ " نفي النفي" الفلسفي ومبدأ التراكمية بحيث ينفي الجيل الجديد الجيل الأقدم منه في سلبيات موروثه ويراكمون على تجارب الماضي ويأخذون المفيد ويبتعدون على السلبي.
نريد أن نرى في عالمنا العربي تطبيقا خلاقا لإحلال الجيل الجديد مكان الجيل القديم من خلال أولا الإيمان بقدرات الجيل الجديد وتسلحه بتقنيات العصر والمستجدات العلمية وثانيا بالتنحي لصالح القوى الشابة الجديدة وثالثا بمد يد العون .. بدلا من المعاداة ورابعا بإسقاط مقولة "حنكة وخبرة وتمرس الأباء".
لست من دعاة كنس كل الماضي وشطب تاريخ الأجداد والآباء ( رغم أن التاريخ .... طعمانا كف .. كا يغني مارسيل خليفة)، ولست مقتنعا بتلك المقولات التي يرددها البعض منا " الله على الزمن الجميل" .... فالزمن دوما جميلا ... ولو ترحمنا على الزمن الماضي ووقفنا على الأطلال وتغنينا بمعادلات الماضي ... فمعنى ذلك أننا نقول للجيل الجديد ... أننا فشلنا أيما فشل إذا كان زمانهم الان أسوأ من ذلك الزمن الذي عشناه .. بمعنى ... " لا فينا ولا في اللي عملناه".
وبالمناسبة .... زمن أول حوّل ... فليس لمعادلات الزمن القديم أي مكان هذه الأيام وكفانا تغنيا وتشدقا بالماضي، عقارب الساعة لا تتوقف وتسير دائما الى الأمام ولا يتوقف معها الزمن.
نحن في زمن الحجة بالحجة والبرهان بالبرهان والبحث العلمي التطبقي وما وراء عصر البلمرة ونبتعد أكثر فأكثر عن الجدل البيزنطي ومقولة " عنزة ولو طارت".
فلنعط للجيل الجديد .. الشباب والشابات مساحاتهم والفضاء الذي يحلقون به، ولنتعلم منهم ونستمع إليهم ونحاورهم ونكف عن ممارسة السلطة الأبوية الزائفة نحوهم ... كل ما يحتاجونه هو اللمسة الرقيقة وحسن الإستماع والمشاورة والحوار والتشجيع وأن نتنحى لنترك المكان لهم .. ولسوف يبدعون.
إنفضوا عن أسمالكم وعن أنفسكم ودواخلكم رداء الحنكة والخبرة والدراية والمعرفة، وكفوا عن ترديد الخزعبلات، ولا تتغنوا بأمجاد الماضي ولا تترحموا على أيام زمان .... فنحن أبناء اليوم، وعجلة الحياة تقول لنا ... ترجلوا ... فهناك جيل يحمل الشمس في حقائبه المدرسية قادر بعلمه وعنفوانه على أن يمخر عباب السماء.