اطلس- كيف تطغى الكراهية السوداء والحقد الاعمى على الفكر السديد والسلوك القويم؟ هذا ما جسّده بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء للمرة القياسية الرابعة، في سحب تصاريح زيارة القدس لكل سكان بلدة سعير الذين يناهزون عشرين ألفا، لأن أحد ابناء القرية الذي لم يتجاوز السن القانونية العالمية ، قام بعملية طعن جندي في منطقة باب العامود المكتظة دائما بالجنود والشرطة والمخابرات والوحدات الخاصة الاسرائيلية.
لم يتمكن الفتى من الفرار من المكان، وربما انه لم يفكر اصلا بذلك، فكثير من الشباب الفلسطيني يعيشون مرحلة متضاربة من الحياة المضطربة، حيث البطالة تضرب عميقا في صفوفهم، وحيث ان تطلعاتهم الشخصية تصطدم بالواقع المضطرب سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، يفكرون بالهجرة من البلد، وحين يكون ذلك متعسرا، يفكرون في هجرة الحياة. وكم من مرة ذهب اولاد وفتيان في سن ياسر الطروة يحملون سكاكين او مفكات لتنفيذ عمليات قرب الحرم الابراهيمي وغالبا ما يتم اعتقالهم، وكأنهم انما جاءوا من اجل الاعتقال او الاستشهاد لا من اجل الطعن، ولسرعان ما تذهب اسرائيل الى اعلان «بطولتها» و«بطولة» جنودها في احباط عمليات طعن، وتصدق كذبتها، فيتبين ان المنفذ فتى لم يتجاوز السن القانونية، وأداة التنفيذ سكينة فواكه.
وتنطلي الكذبة على بعض فصائلنا، التي تذهب ابعد من تصديق الكذبة من المباركة بالعملية، الى تبنيها احيانا، فنرى على صفحات التواصل اشارات ان المنفذ يلتف بعلم هذا الفصيل، او يلبس قميص ذاك الزعيم او وكأن هذا اثبات الانتماء.
ان خروج الناس الى مواجهات من هذا القبيل، بما في ذلك عمليات الدهس المتكررة ، انما هو دليل كاف على تخلف الفصائل عن ركب الجماهير، وغرقها في شؤون اخرى بعيدة كل البعد عن مقاومة ومقارعة الاحتلال بكل الوسائل المتاحة، ولا حتى بنصفها او ربعها، ونشير هنا الى الانقسام الذي يطوي عامه الثامن دون اي بصيص ضوء في دهاليز نفقه، وانه بعد فشل حكومة التوافق ، يغرقون في صياغة الحكومة القادمة، وان التنسيق الامني في الضفة لم يستطع المجلس المركزي ان يزحزح طوبة واحدة في مدماكه المقدس، وبصدد شق شوارع عريضه له في غزة مقدمة لتشريعه وتحليله وفق هدنة قد تمتد لعشر سنوات.
الاعتماد الكبير اليوم وربما غدا، هو على قيادة اسرائيلية تحكمها الكراهية السوداء والحقد الاعمى، فيقرر مستواها السياسي ممثلا بأقطاب اليمين المكثف، على معاقبة كل الضفة الغربية، بسحب مليون تصريح، فيتدخل المستوى الامني بقصر ذلك على محافظة الخليل، فيتدخل المستوى الاقتصادي لقصر ذلك على بلدة سعير فقط. انهم لا يدركون انهم بقرارهم هذا انما سجلوها في قائمة القرى المقاومة و ادخلوها التاريخ الفلسطيني المشرف