اطلس- تصاعدت في الايام والاسابيع الاخيرة، الدعوات والمطالبة بالتوجة نحو الانتخابات عندنا، سواء اكانت هذه الانتخابات تشريعية، اي للمجلس التشريعي الفلسطيني، او رئاسية، او غيرهما، وبالطبع الدعوة لكي تشمل الانتخابات الضفة وغزة
وحسب التصريحات فأن الهدف من التوجة للانتخابات، هو تحريك الوضع او المأزق الفلسطيني الداخلي، اي مأزق الانقسام والتشرذم وتبعاته واثاره السلبية الكثيرة، ورغم الترحيب المبدئي من قبل الاطراف الفلسطينية بالدعوة للتوجه الى الناس من خلال الانتخابات، وبالاخص من قبل الطرفين الرئيسيين في الساحة السياسية الفلسطينية، الا ان الامور لم تتجاوز الكلام او التصريحات ولم تتقدم ولو خطوة عملية في هذا الصدد، وبقى الترحيب يراوح مكانه، في ظل اتهامات متبادلة، وشروط وتخبط ومراوحة ومناورات؟
وبالطبع فأن كل ذلك يوحي بعدم الجدية او عدم الاستعداد، او حتى عدم وجود التفكير الجدي في اجراء الانتخابات، وحتى لو افترضنا انة قد جرت الانتخابات في الوقت الحالي، فالسؤال المهم، هو هل من الممكن ان تؤدي هذه الانتخابات الى تجاوز مرحلة قاتمة، او الى حلحلة الجمود الحالي في الوضع الفلسطيني، وهل من الممكن وفي ظل الظروف الحالية، ان تؤدي الانتخابات الى البدء العملي لحل المأزق الفلسطيني الداخلي، او ان ما سوف يحدث هو العكس، اي هل من الممكن ان تؤدي نتائج الانتخابات، وليس الانتخابات نفسها، الى تعقيد الوضع الفلسطيني، والى تعميق الانقسام، والى افراز سلبيات وتعقيدات وتشرذم اكثر مما هو في الوقت الحالي؟
ومن المعروف، وعلى صعيد العالم، ان السياسيين و المشرعين يلجأون الى الانتخابات، وبغض النظر عن نوع هذه الانتخابات، من اجل اخذ رأي او حكم الناس، في مواقف وفي اوضاع وفي اشخاص وفي امور حالية ومستقبلية، تخصهم و بلدهم، وبالتالي فأن المهم، ليس هو الانتخابات بحد ذاتها، وانما نزاهة او مصداقية عملية الانتخابات، وكذلك نتائج هذه الانتخابات، اي طبيعة اختيار الناس، والاهم كذلك هو احترام نتائج الانتخابات من قبل كافة الاطراف، او من قبل القوى المتواجدة والفاعلة والمؤثرة في الساحة، وبالتالي التوقع بأن يتم تطبيق اختيار الناس، من خلال صناديق الاقتراع، على الارض، سواء من خلال اختيار الاشخاص او السياسات، او من خلال نتائج الاستفتاءات، التي في العادة ترافق الانتخابات، وبالتالي فأن السؤال الاهم، هو هل الارضية والشروط والقناعة متوفرة، وعند كافة الاطراف الفلسطينية، من اجل توفير الاجواء الديمقراطية، ومن اجل اجراء انتخابات نزيهة، ومن اجل احترام نتائج الانتخابات، وبغض النظر عن هذه النتائج، او مهما افرزت هذه الانتخابات، سواء اكان هذا الافراز في الضفة او في غزة؟
وفي ظل الحديث عن الانتخابات، الإ انة يجب التذكر، ان الواقع الذي ما زال ينخر في جسد المجتمع الفلسطيني وبكافة اجيالة، وبعيدا عن الخلفيات السياسية والحزبية والفكرية، هو الانتماءات العائلية او العشائرية، ورغم الوعي، ورغم النسبة الكبيرة من الاجيال الشابة، ورغم النسبة المتصاعده من مشاركة النساء في نشاطات عديدة في المجتمع الفلسطيني ومن ضمنها الانتخابات، ورغم النسبة الكبيرة، التي يحويها المجتمع الفلسطيني من خريجي الجامعات والتعليم العالي، الا ان الانتماء العائلي كان وما زال وربما سوف يكون واضحا او حتى مؤثرا، في الانتخابات المستقبلية، وهذا الاقحام للعنصر العائلي وبعيدا عن الكفاءة، يمكن ان لا يؤدي الى النتائج التي يطمح لها المواطن الفلسطيني، وبالاخص في افراز نتائج، تؤدي في المحصلة الى حلحلة المأزق الفلسطيني الداخلي؟
وبالاضافة الى توفر الاجواء المحلية، ووجود القناعة الداخلية، بأهمية اجراء الانتخابات، وبضرورة احترام نتائجها، من اجل الخروج او من اجل حلحلة المأزق الفلسطيني الحالي، فالسؤال المهم كذلك، هو هل الاجواء او الظروف او مصالح الاطراف الكثيرة، او اللاعبين المتعددين، سواء في المنظقة من حولنا، او في العالم، اي هل هذه الاطراف تريد اجراء انتخابات في الوقت الحالي، وبالتالي التخلص من الانقسام الفلسطيني، ام انها تحبذ المحافظة على الجمود الحالي، وعلى الانقسام والتشرذم، من اجل استخدامة في اوراق سياسية، ولخدمة المصالح، او لاضعاف هذا الطرف او ذاك؟
والمتتبع وبشكل سريع للمواقف، وللافعال، يرى ان هذه الاطراف، ذات المصالح في الوضع الفلسطينيى الحالي، انها وببساطة لا تريد تحريك او حلحلة الوضع، او انها تريد القيام بخطوات، بشكل تعيد اللحمة الفلسطينية الحقيقية، وتنهي الانقسام، وهذه الاطراف كثيرة، وغاياتها متعددة، وحتى لو افترضنا ان هناك اطرافا تريد وبشكل جدي انهاء الانقسام، فأنها ربما تكون غير قادرة، وبالاخص في ظل التأثير القوي للاطراف المحيطة بالمناطق الفلسطينية، او تأثير الاطراف الداعمة اقتصاديا او ماليا لهذه الطرف الفلسطيني، او لذاك، ونحن نعرف ان هذه الاطراف قادرة على اصدار وتنفيذ التهديات، سواء بالحصار السياسي او الاقتصادي او حتى اللوجيستي على الارض، هذا اذا ابدت الاطراف الفلسطينية الرغبة الجدية، لانهاء او لحل المأزق الفلسطيني الداخلي، ومن خلال الانتخابات؟
وفي خضم هذا الواقع، اي واقع عدم الرغبة الاقليمية، او حتى عدم رغبة قوى دولية في انهاء او حلحلة الانقسام الفلسطيني، ومن ثم عدم الرغبة الحقيقية الفلسطينية، سواء بالوقوف في مواجهة ضغوطات القوى المؤثرة، وبالتالي خسارة الامتيازات التي تحصل عليها في ظل الاوضاع الحالية، او الخوف من نتائج انتخابات غير مضمونة، يبقى موضوع التوجه نحو الانتخابات، يدور في فلك المناورات او التصريحات التي تهدف الى القاء اللوم على هذا الطرف او ذلك، ويبقى المواطن الفلسطيني يأمل وينتظر بأن يتم اعطاؤة حق الاختيار، من خلال انتخابات نزيهة، التي وحتى لو تمت، وفي ظل الظروف الحالية المعقدة، فأن نتائجها او بالادق الخطورة من عدم احترام نتائجها، وبغض النظر عن الطرف الذي سوف يقوم بذلك، سوف يؤدي بالوضع الفلسطيني الى التدهور اكثر، والى التعقيد اكثر، والى التشرذم اكثر، وربما اكثر بكثير من الاوضاع الحالية؟