اطلس- نشر الصحفي الاسرائيلي اليكس فيشمان، وهو كاتب بارز في صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، مقالا في "يديعوت احرنوت" امس الاثنين، تحت عنوان " هل اسرائيل غير متورطة بالحرب السورية" جاء فيه:
استراتيجية إسرائيل بالتعامل مع الحرب السورية كانت فعالة، إلا أنها في خطر أن تجد نفسها متورطة فيها
"دعوهم ينزفون" - هذه هي سياسة وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون الرسمية، التي أوكلها للمؤسسة الأمنية في ظل الأحداث في سوريا. على المستوى الاستراتيجي بكلمات أخرى، نحن لن نتدخل لمصلحة أحد.
من وجهة نظر إسرائيل هي حرب تقودها إيران ضد أعضاء الجهاد العالمي والمجموعات الإسلامية السورية بهدف حماية أبرز حليف لها في الشرق الأوسط – نظام الرئيس بشار الأسد.
لم تقرر إسرائيل بعد أي من المجموعات المتحاربة الطامحة للحكم ترغب برؤيتها كجار لها في الحدود الشمالية. لحين اتخاذ قرار كهذا، بالتالي، دعوهم يواصلون قتل أحدهم الآخر.
قد تكون إسرائيل لا تتدخل في الحرب الأهلية في سوريا؛ ولكن عندما يصل الأمر لمصالح القدس، هكذا قيل على الأقل، إسرائيل تغوض حتى العنق في الفوضى السورية. لا شيء يحدث على الحدود مع سوريا صدفة. من غير المرجح أبدا أن تكون مقاتلة سلاح الجو الإسرائيلي التي قتلت أربعة إرهابيين وهم يحاولون زرع قنبلة على حدود هضبة الجولان الأسبوع الماضي قد استدعيت للمكان محض الصدفة.
السوريون القوميون الدروز، بإرشاد من حزب الله، نفذوا هجوما مشابها قبل 18 شهرا، متسبيين بإصابة ضابط في الجيش الإسرائيلي بإصابات خطرة. الافتراض أن أعضاء من هذه الخلية الإرهابية ليسوا بين الأحياء الآن وأنهم لم يموتوا من أسباب طبيعية، معقول جدا.
توقيت الهجوم في كانون الثاني/ يناير 2015 على قافلة تقل جهاد مغنية، المسؤول عن نشاط حزب الله في الجولان، لم يكن محض صدفة أيضا؛ فقد حدث بعد ثلاثة أيام من مقابلة أجراها زعيم حزب الله الشيخ حسن نصرالله، والتي هدد فيها بمعاقبة إسرائيل لهجماتها المزعومة في سوريا.
أحدهم صدق تهديداته وأخذها على محمل الجد وقرر قطع اليد الانتقامية التي كان يتحدث نصرالله عنها. بعدها بأيام قليلة قال يعالون إن البنى التحتية التابعة لحزب الله في مرتفعات الجولان قد دُمّرت. كان محقا، لكن الوضع لم يبق على حاله مطوّلا.
الحرب بين الحروب
بمفاهيم جميع الاستخبارات والمعلومات العملية، تبذل إسرائيل جهدا كبيرا على حدودها مع سوريا لمنع انزلاق القتال الى أراضيها. هذا النضال اليومي، الذي يعتبره الجيش الإسرائيلي "الحرب بين الحروب"، قد يكون السبب وراء منح وسام شرف لوحدة 504 (وحدة الاستخبارات البشرية التابعة للمخابرات العسكرية) مؤخرا.
نتيجة عمل الوحدة 504 واضحة جدا على طول الحدود. فقد أنتجت عامل ردع ومنعت عمليات التسلل. بالفعل، منذ دفع معظم قوات الجيش السوري من المنطقة الحدودية وسيطرة التنظيمات الإسلامية الراديكالية كجبهة النصرة على مواقعها، لم تكن هناك حادثة مهاجمة تنظيم جهادي واحد لاسرائيل. يشير ذلك الى أن إسرائيل تملك السيطرة التامة – استخباراتيا وعمليا – على كلا طرفي الجدار الحدودي.
هناك حالتان شاذتان لاستراتيجية "دعوهم ينزفون" – عندما يتم انتهاك سيادة إسرائيل، وعندما تتسرب بعض الأسلحة من سوريا لأيدي حزب الله في لبنان.
في معظم الحالات التي ينقل فيها مصادر للإعلام الأجنبي تقارير بأن إسرائيل هاجمت أهداف داخل سوريا – عدا عن عمليات تهدف للردع أو كرد محدد – فهذه عمليات سرية، والتي لا تخلف أية بصمات والتي لا تتبنى اسرائيل مسؤوليتها.
منذ اندلاع الحرب الأهلية في سوريا قبل أربعة سنين، أثبت هذا التكتيك نجاعته. في بعض الحالات، ترجح المجموعة المستهدفة أن إسرائيل مسؤولة ولكنها تمتنع عن تنفيذ هجمات إنتقامية، بما أن فتح جبهة أخرى ضد إسرائيلي ليس في مرتبة مرتفعة في قائمة مصالحها.
تعرف كل من سوريا، إيران، وحزب الله خطوط إسرائيل الحمراء بشكل جيد. طالما تلتزم إسرائيل بقوانينها هي وتنفذ هجمات سرية لا تخدم مصالح قوات المتمردين المعادين للأسد مباشرة، فهم مستعدون لقبول المهانة وابتلاع كرامتهم.
يصح الافتراض أن كيفية اختيار الأهداف وكيفية تنفيذ العمليات العسكرية معدة لتعزيز عامل الردع، وتوجيه رسالة واضحة للطرف الآخر بأنه عليه ألا يحاول نقل أسلحة قد تقيّض حرية عمل سلاح الجو الإسرائيلي في الأجواء اللبنانية.
هذا الرهان المحسوب أثبت نفسه ناجحا حتى الآن – وهنا يكمن الخطر. كلما مر وقت أطول، تميل الذراع العملية ومتخذو القرارات في القدس بشكل أكبر للوقوع في غرام النتائج، ما يزيد المخاطر.
اختيار الأهداف سيصبح أقل صرامة؛ اعتمادا على ضعف العدو وقد تجد إسرائيل نفسها جزءا لا يتجزأ من الصراع في سوريا.
نعم، قد يحصل حزب الله على صواريخ أكثر حداثة ودقة في لبنان، لكن مرتفعات الجولان ستصبح ساحة قتال. يلعب وزير الدفاع ورئيس الوزراء دورا مركزيا في إرسال المؤسسة العسكرية الدفاعية لضمنا ألا يحدث هذا.
موجة التقارير الإعلامية الغربية حول هجمات إسرائيل في سوريا بدأت في كانون الثاني/ يناير 2013، عندما إسرائيل نفذت هجمات مزعومة على قافلة تقل صواريخ مضادة للطائرات معدة لحزب الله. هوجمت القافلة في منطقة قريبة من دمشق. وكانت هناك 9 أو 10 تقارير مشابهة حول هجمات مذ ذاك الحين. لم تتبنَ اسرائيل المسؤولية لأي منها.
وتيرة هذه التقارير آخذة بالازدياد. إحدى عواقب هذه الأحداث، حتى إن لم تتبنَ إسرائيل المسؤولية عنها، هي أنه يخلق تدخلا إسرائيلي في الوضع بسوريا – حتى إن لم تكن إسرائيل تقصد القيام بذلك