اطلس- مع استمرار المنوال الحالي لاطار التعليم العالي، وقبول المزيد من الطلبة في تخصصات مكررة او غير مجدية او لا نحتاجها في بلادنا، ومن ثم تخريج عشرات الالاف كل سنة، وتدهور جودة التعليم، وتراجع او تدني مستوى واهمية البحث العلمي
ومع مواصلة انفصال التعليم العالي والبحث العلمي الضئيل الموجود، عن حاجات ومتطلبات وخصوصية مجتمعنا الفلسطيني، فان ذلك يحتاج الى تدخل ومن كل الاطراف، لوضع وتطبيق خطط استراتيجية، قصيرة وبعيدة المدى، من اجل التغيير او التعديل او حتى من اجل ايقاف عجلة التدهور الحاصلة في نظام التعليم العالي الفلسطيني.
ومؤسسات التعليم العالي الفلسطيني، بمستوى شهاداتها المختلفة، من دبلوم وبكالوريوس وماجستير، وربما برامج وشهادات الدكتوراه، كما بدأ العمل في بعض المجالات في بعض الجامعات، وبالتخصصات المتشعبة التي تحويها، والتي نجدها مكررة في معظم الجامعات الفلسطينية، هي الجهة الرئيسية او الاولى، التي تتحمل المسؤولية عن اوضاع التعليم العالي الحالية، من حيث ضعف التخطيط والارشاد وعدم التركيز كاولوية على النوعية او على مصلحة الطالب من خلال ربطها بحاجات المجتمع، فالوضع الحالي للجامعات، اصبح يهدف وبالاساس لاستقطاب المزيد من الطلبة وبالتالي المزيد من الدخل الذي يصاحب ذلك، واصبح التركيز اكثر على كيفية حل الازمة المالية التي عانت وتعاني منها الجامعات، عن طريق قبول المزيد من الطلبة وبالتالي المزيد من الاقساط، وتم تناسي ان نسبة البطالة عند خريجي العديد من التخصصات تزيد عن 50%، وان هذه النسبة تزداد مع الزمن، وتزداد معها مضاعفات عدم ايجاد عمل الاجتماعية والاقتصادية وغيرهما.
ومن الممارسات التي اعتدنا عليها، وما زلنا نتمسك بها، هي النظرة غير الموضوعية، الى التعليم المهني او الى التعليم التقني، والذي هو من المفترض وفي الوقت الحالي ان يكون اهم واكثر فعالية من التعليم الجامعي التقليدي في بلادنا، والذي تستثمر فيه الدول المتقدمة، مثل المانيا، الجزء الاكبر من الطاقات والاموال، والذي يقبل عليه الكثير في هذه الدول، والذي يجد خريجوه الفرص ويساهمون في تطوير المجتمع وسد حاجات البلد، ورغم الحديث الكثير عن اهمية التعليم المهني، الا ان القليل قد تم عمله من اجل تشجيع الاقبال على هذا التعليم او خلق الفرص والامكانيات، او من خلال تغيير نظرة الناس اليه، من اجل تشجيع الطلبة للتوجه نحوه، ومن ثم ربطه وبشكل استراتيجي، مع احتياجات المجتمع.
والابحاث وبأنواعها، والتي من المفترض ان تقوم بها مؤسسات التعليم العالي، ومن ثم تزود المجتمع بالحلول، او توفر الاجابة على اسئلة، او تساهم في سد فراغ او تلبية حاجة، سواء للقطاع العام، او للقطاع الخاص والمدني، من شركات ومؤسسات، تعتبر من الاهداف الاساسية لجامعات عريقة في العالم، وليس فقط التعليم او تخريج الطلبة، ومعروف ان هناك معايير عديدة يتم استخدامها من اجل تحديد مستوى الجامعات في العالم، منها البيئة الاكاديمية، ومستوى الابحاث، ومدى استخدام او الاستعانة بالابحاث من قبل الاخرين، ورغم الحديث الكثير عن هذا الجانب، اي البحث العلمي في جامعاتنا، ورغم تشكيل مجلس البحث العلمي الفلسطيني، الا ان السؤال الاهم الذي ما زال يتردد، هو هل تم ارساء او تم بدء العمل لترسيخ بيئة او ثقافة للبحث العلمي من حيث الاحترام والاستدامة والتقبل، وهل تم ارساء القاعدة لربط نتائج البحث العلمي مع احتياجات المجتمع، بكل قطاعاته؟ بحيث تكون هذه القاعدة مستدامة، لا تتغير بتغير الاشخاص او بتغير السياسات او بمدى توفر الاموال؟
ومن اهم اولويات التعليم العالي، والتي يبدو اننا لم ننجح بعد في القيام بها، هو نسج العلاقة التشاركية مع القطاع الخاص، بحيث تكون الفائدة متبادلة والمساهمة مشتركة، حيث ان القطاع الخاص ومن اجل ان ينمو ويتقدم وينافس يجب ان يتجه الى الأبحاث والدراسات وتطوير المنتجات وتسويقها، وكل ذلك يعتمد على مستوى الاستثمار في الابحاث في مؤسسات التعليم العالي، ومدى استغلال نتائجها، ومدى ملائمة النتائج لاحتياجات المواطن والبلد وبالطبع لطموحات القطاع الخاص، وتعتبر الشركات التي تعتمد على الابتكارات والتجديد من انجح الشركات، حيث تعتبر الابحاث سر بقاؤها لكي تنافس في عالم شديد المنافسة، وفي الوقت الحاضر، هناك العديد من الشركات العملاقة التي وصلت الى ما وصلت اليه بفعل الابحاث والابتكارات؟
وفي ظل الواقع الحالي للتعليم العالي في بلادنا، اليس بالاحرى بمؤسسات التعليم العالي، وبالجهات الرسمية، وبالمجتمع الفلسطيني ككل، بالعمل من اجل البدء بالتغيير الجذري، في النظرة وفي الممارسة، وفي الهدف من التعليم العالي، وبالتخطيط المشترك، بعيد المدى، وعلى المستوى الوطني، للحد من او للتخلص من تخصصات او مجالات اصبحت عالة، على البلد وعلى المجتمع وعلى الطالب وعلى الخريج وعلى اهله، وبان يتم ملائمة ما تقدمه الجامعات وبشكل علمي موضوعي ومهني مع احتياجات مجتمعنا الحالية والمستقبلية.