اطلس- معروف ان موضوع توفر المياه بالنوعية والكمية المطلوبة هو من الأمور الأساسية للمجتمعات البشرية، حيث يتجلى هذا بوضوح في مناطق تُعتبر مصادر المياه فيها محدودة أو محل صراع ومفاوضات ومنافسة بين أكثر من طرف
وهذا بالضبط ما يتجلى في بلادنا، وبالاخص في غزة، حيث أصبحت قضيه المياه قضية حيوية على الصعيد الوطني، ومن هذا المنطلق فأن الحفاظ على جودة ونقاوة المياه هو أمر ملح وضروري خاصة في وضع أضحت فيه نوعية هذه المياه مهددة بنشاطات الإنسان، حيث يعتبر الاستخدام البشري غير الصحيح سواء في الصناعة، الزراعة، أو النواحي العمرانية خطراً على تلوثها أو في التقليل من جودتها
وقبل عدة ايام صدر تقرير عن سلطة المياة الفلسطينية، وكان من ضمن ما اشار الية التقرير، ان حوالي 96% من مياة الخزان الجوفي في قطاع غزة، هي مياة غير صالحة للاستخدام، وان معدل استهلاك الفرد من المياة كان حوالي 90 لترا يوميا، وهذا اقل من المعدل العالمي الموصى بة لاستهلاك الفرد المقدر بحوالي 150 لترا في اليوم ، واضاف التقرير ان الوضع المائي في قطاع غزة هو في تدهور مستمر نتيجة الاستهلاك المتزايد للمياة الجوفية، وبالتالي تسرب مياة البحر، وكذلك مياة الصرف الصحي الى خزانات المياة الجوفية، والذي ادى الى ارتفاع نسبة الملوحة وازدياد التلوث، وبالاخص زيادة تراكيز الكلوريد والنترات وغيرهما، حيث حسب التقرير تصل تراكيز الكلوريد في بعض المناطق، الى حوالي 5 الاف ملغرام لكل لتر من المياة؟
ومن الامور التي هي ضرورية للحفاظ على جودة المياة، وبالاخص هذه الايام في قطاع غزة، وبالاضافة الى ترشيد الاستهلاك، هو وجود نظام الصرف السليم لمياه الصرف الصحي، وكذلك المعاملة الصحيحة للمياه الخارجة من الزراعة ومن مزارع الحيوانات، وكذلك الاستخدام الصحيح للمبيدات والاسمدة، من حيث اختيار الجرعة الملائمة والطريقة السليمة، والأهم المراقبة الروتينية والتحليل الدوري لعينات المياة.
وفي خضم ما وصل الية الوضع الحالي للمياة في قطاع غزة، فأننا بحاجة وبسرعة للبحث عن حلول جذرية ومستدامة، اي حلول طويلة المدى لمعضلة جودة المياة، ومن ضمنها ربما يكون محطات تحلية المياة، حيث حسب احد التقرير الصحفية الاسرائيلية، فأن محطات تحلية مياة البحر، توفر حاليا حوالي 35% من احتياجات مياة الشرب في اسرائيل، ومن المتوقع ان يصل الى 40% السنة القادمة، والى حوالي 70% بحلول عام 2050، وذلك من خلال سحب المياة من البحر، اي من البحر الابيض المتوسط، وتحويلها او تهيئتها للشرب، ومن ثم اعادة ما يتم فرزة او انتاجة من املاح الى البحر الواسع، وبسبب التطور التكنولوجي لمحطات تحلية مياة البحر، فأن فعاليتها قد ازددات، وبالتالي قلت تكاليف المياة الناتجة منها التي من المفترض ان تستخدم للاستهلاك البشري.
ومحطات تحلية مياة البحر هي فقط احدى المسارات الهامة لحل معضلة المياة، لان هناك مسارات اخرى تم ويتم اتباعها للحصول على المياة، ومنهاالتطور التكنولوجي والاداري الكبير في عملية استغلال المياة العادمة، اي اعادة تدويرها لكي يتم الاستفادة منها،وهذا ما حصل عند الجانب الاسرائيلي، حيث حوالي 90% من هذه المياة يتم تكريرها واعادة استخدامها في الزراعة او في زراعة انواع معينة، وما لذلك من فوائد اقتصادية وتنموية وبيئية.
ومعروف اننا نملك جزء من البحر الابيض المتوسط، اي البحر الذي يمتد على ساحل قطاع غزة، من مدينة غزة الى دير البلح وحتى رفح، واذا كانت التكنولوجيا متوفرة او سوف تكون متوفرة في الاسواق الحرة، ولتحلية المياة، ونحن نملك الكثير من الكوادر المتعلمة والتي يمكن تدريبها، ونحن في امس الحاجة الان وفي المستقبل لمياة الشرب، فلماذ لا نضع استراتيجية قصيرة وبعيدة المدى، وخطة عمل محددة الاهداف والاوقات من اجل السير في هذا المسار؟
ومعروف كذلك، اننا نتج سنويا او شهريا او يوميا الالاف من الامتار المكعبة من المياة العادمة، والتي تذهب سدى او تلوث البيئة والصحة، ولا نستغل ولو الجزء البسيط منها، فلماذ لا نقوم كذلك بوضع خطة عمل لتكريرها وبالشكل العلمي الصحيح، وليس بشكل عشوائي كما يتم الان، ومن ثم الاستفادة التدريجية منها، في الزراعة ولزراعة انواع معينة من المحاصيل،كما يتم في العالم؟