اطلس- امتزجت مشاعر الاشتياق بالحزن والفقدان لدى الطفلة شهد التي لم تتجاوز خمسة أعوام وهي تنهي للتو رسما لمجسم تشكيلي لقبعة زرقاء كتب عليها شعار (TV) دلالة إلى والدها الصحفي الشهيد رام ريان.
وسعت شهد بما رسمته إلى التعبير عن رسالتها للعالم بأن الاحتلال الإسرائيلي لا يحترم القوانين والمواثيق الدولية بقتله لوالدها الصحفي وهو يلبس الزى الرسمي لعمله خلال العدوان الأخير على قطاع غزة.
وجرى عرض ما رسمته شهد ضمن معرض لرسومات الأطفال نظمته روضة وحضانة "ميرا" النموذجية بالتعاون مع برنامج غزة للصحة النفسية.
ولا يغيب عن شهد أخر لحظات لقائها بوالدها، عندما غادر المنزل مسرعا لمواصلة تغطية جرائم الاحتلال.
وتردد بنبرات حزينة متقطعة "والدي لم يفعل شيئًا سوى تصوير الشهداء، ولا أعرف لماذا قتلوه ..؟، ولكني سأجلس معه في الجنة بإذن الله".
وأظهرت رسومات الأطفال مشاعر الاشتياق لآبائهم وأمهاتهم ومنازلهم التي دمرت خلال العدوان الإسرائيلي الأخير، والخوف من العدوان البشع.
وفي لوحة مجاورة يظهر عشرات الشبان يلتفون حول سيارة مشتعلة وألسنة اللهب تخرج منها، في محاولة لإنقاذ شاباً كان عالقاً داخلها بعد استهدافه في غارة للاحتلال.
ويجسد المشهد حدثا فارقا في حياة الطفل فتحي ظل عالقا في عقله عندما استهدف عمله القائد العام لكتائب القسام الجناح العسكري لحركة "حماس" أحمد الجعبري في نوفمبر عام 2012، ليرسمها بشكل تفصيلي ضمن المعرض.
ويظهر فتحي اشتياقه الكبير لعمه بقوله: " دائماً أحلم بأنه عاد إلى البيت من جديد، وأستيقظ مسرعاً دون أن أراه، كل ما أريده أن اجتمع به في الجنة".
وتضمن المعرض تقديم أطفال دمرت منازلهم خلال العدوان عرضا مسرحيا شيقا للحظات استشهاد الأطفال تزامناً مع أصوات لطائرات الاحتلال وإطلاق الرصاص.
وحضر المعرض العديد من المهتمين والأطباء النفسين والمختصين بتشخيص حالات الأطفال ورسوماتهم ومجسماتهم للأهل والمتابعين.
ويقول المدير التنفيذي في برنامج غزة للصحة النفسية ياسر أبو جامع لـوكالة "صفا" إن: " من حق الأطفال عرض رسالتهم للعالم لكي يشاهدوا حجم المأساة التي يعيشها هؤلاء"
ويعتبر أبو جامع بأن اليوم العالمي لحماية الطفل في غزة يختلف عن كافة الدول العربية لما له من أهمية لإيصال الرسالة للعالم.
ويتساءل أبو جامع بغضب " أين الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الطفل التي تصدح حناجرها من أجل حقوق الطفل في قطاع غزة".
بدورها، تقول مديرة روضة وحضارة ميرا وجدان دياب إن: " أطفال قطاع غزة لا يختلفون كثيراً عن باقي الدول العالم، فهم يحبون السلام والعيش به، ولا يريدون من الاحتلال سوى أن يكف الأذى عنهم".
وأكدت بأن معاناة الأطفال لا تخفي على أحد، " فالجميع يعرف ما بداخل أطفاله من معاناة بعد العدوان الشرس".
من جهتها، تقول الأخصائية النفسية رانية السوسي لـ"صفا " إن : " الأطفال يعانون من حاله نفسية بعد الحرب ظهرت جلياً من خلال رسوماتهم المشاركين بها"، مؤكدة على أولياء الأمور بضرورة العمل على تعزيز العلاقة مع أبنائهم قبل التحول إلى مرض نفسي.
ودعت السوسي جميع المشاركين إلى الاستماع لأبنائهم وتنفيذ بعض من مطالبهم لكي يشعر بالأهمية في المنزل وبذلك يستطيع مقاومة الأحلام المزعجة والاضطرابات النفسية".