اطلس- تم هذه الايام، وكما حصل في الماضي، تنظيم لقاءات واجتماعات وندوات، من اجل تشجيع ودعم او تحفيز الاقبال على المنتجات الوطنية، اي شراء المنتجات التي يتم تصنيعها محليا بواسطة اياد فلسطينية، ويتم في نفس الوقت التشديد على مقاطعة منتجات المستوطنات الاسرائيلية، التي يبدو انه ورغم الحملات والقوانين والضبط والمصادرة والتوعية، الا ان جزءاً من منتجات المستوطنات، ما زال يصل سواء بشكل مباشر، او غير مباشر، اي على شكل منتجات اسرائيلية، الى الاسواق الفلسطينية، وعلى ما يبدو كذلك فإنه ما زال هناك من
الموردين ومن التجار ومن المستهلكين الذين يشترونها او يقبلون عليها او يستهلكونها.
ولا يوجد شك او جدال حول مدى اهمية تشجيع المنتجات الوطنية، ولا أهمية نتائج زيادة الاقبال عليها، سواء اكان ذلك في المدى القصير او البعيد، وسواء اكان ذلك على صعيد التشغيل والحد من البطالة، او على صعيد الانتاج وتحقيق نوعا من الامن الغذائي او في مجال الاعتماد على الذات، اوعلى صعيد امكانية زيادة تصدير المنتج الوطني الى الخارج وما سوف يجنيه ذلك من عملات صعبة، او حتى على صعيد التطوير الكمي والنوعي للمنتج الوطني؟
ان توفير الدعم للمنتج الوطني هو اولوية وطنية، ولكن لكي ينجح الدعم ويبقى او يستديم، من المفترض ان يكون ذلك على اسس صحيحة او بشكل موضوعي، ومن خلال اتجاهات مختلفة، وبالطبع من ضمنها الاسعار، وحملات التسويق، ولكن الاهم والذي يحقق نتائج على المدى البعيد، هو التركيز على الجودة اي النوعية، اي كفاءة وفائدة المنتج اسوة بالمنتجات المستوردة الاخرى، سواء اكانت اسرائيلية او غيرها، وبالاضافة الى الجودة او النوعية، التركيز كذلك على سلامة او امان المنتج الوطني، اي عدم الحاقة الضرر او المرض او حتى الشعور بذلك عند المستهلك، ولتحقيق ذلك يتطلب العمل المتواصل من قبل الجهات المعنية، لترسيخ هاتان الصفتان للمنتج الوطني، اي الجودة والامان، في اذهان المستورد والتاجر والمستهلك الفلسطيني.
ومن المعروف ان هناك اعتقاد وفي أحيان عديدة هذا الاعتقاد غير صحيح، بأن المنتج الوطني لا يحتل المرتبة التي يتبوأها المنتج الاجنبي، فيما يتعلق بالجودة والفائدة والامان او السلامة، وللحد من هذا الاعتقاد او لازالته، وبالاضافة الى حملات التسويق والاعلام واجراءات التوضيح وحملات الرقابة والتفتيش والفحوصات المخبرية الضرورية، فإنه يجب الاهتمام وبشكل عملي او تطبيقي، بوجود مواصفات وطنية تركز على معايير الجودة والسلامة، وتعمل في المحصلة لصالح المنتج الوطني ولصالح المستهلك الفلسطيني، ولا داعي لان نذكر أن كثير من الناس يذهب لشراء منتجات غير وطنية، اي منتجات مستوردة سواء اكانت اسرائيلية او غيرها، ولو بأسعار أعلى، ويمكن تبيان ذلك وبوضوح في قطاعات اساسية مثل قطاعات الادوية، والاغذية، وحتى قطاعات غير اساسية اخرى، وذلك بالارتكاز على هذين المعيارين، اي الجودة والسلامة.
والمواصفات الوطنية، من المفترض ان تلبي متطلبات وحاجات المستهلك الفلسطيني اولا، ومن المفترض ان تحدد مقومات الجودة للمنتج، وعلى سبيل المثال منتج مثل عبوة مياه معبأة او حبة شكولاتة او احد المنظفات الكيميائية، من الواجب توفر بعض المكونات فيه لكي يحقق الفائدة المرجوة، ومن المفترض توفر هذه المكونات بالكميات المحددة، اي بدون زيادة او نقصان وعدم وجود مواد اخرى يمكن ان تحدث اضراراً، وذلك كي يتمتع المنتج المحلي بالسلامة والامان؟
وبما ان هناك ظروف محددة للواقع الفلسطيني واحتياجات او متطلبات محددة للمستهلك الفلسطيني، من المفترض على المواصفة الفلسطينية ان تأخذها بعين الاعتبار، وبالاضافة الى مواصفة المكونات من المفترض وجود مواصفات اخرى تكمل عملية انتاج وايصال او تسويق او حتى تصدير المنتج الوطني، وتتعلق بآلية انتاج وايصال المنتج بالجودة والسلامة الى المستهلك الفلسطيني، اي مواصفة تصف آلية الفحوصات وتوثيقها وآلية المتابعة والتفتيش وآلية او اجراءات الردع وتطبيق القوانين في حال عدم الالتزام، وما الى ذلك من تفاصيل، وصولا في المحصلة الى دعم وحماية المنتج الوطني والمستهلك الفلسطيني بشكل موضوعي ومستدام، وذلك بالاعتماد على معايير الجودة والفائدة والسلامة والفحوصات المخبرية ووجود المواصفات التي توفر له هذه المعايير.