اطلس- على الرغم من دعوة الولايات المتحدة الاميركية الى "التهدئة" ومطالبتها اسرائيل
بالسماح للمصلين بدخول الاقصى والدعوات الدولية للحكومة الاسرائيلية بوقف الاستيطان، والاتصالات التي اجراها وزير الخارجية الاميركي جون كيري امس الاول مع الرئيس محمود عباس ومع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو، الا ان الحكومة الاسرائيلية اثبتت مجددا انها غير معنية بوقف التصعيد الخطير الذي تنتهجه حيث عمدت امس، ايضا الى تحويل القدس المحتلة الى ثكنة عسكرية ومنعت آلاف الفلسطينيين من الوصول الى الاقصى لأداء صلاة الجمعة ولجأت الى تفريق مسيرات سلمية بالقوة واعتقلت عددا من الشبانفيما أعلن في اسرائيل امس، ايضا عن البدء عمليا ببناء اكثر من سبعين وحدة استيطانية جديدة من مستوطنة "هار حوما" في جبل ابو غنيم.
ومما لا شك فيه ان هذا الاستخفاف الاسرائيلي ليس فقط بمشاعر الفلسطينيين والامتين العربية والاسلامية، بل بمواقف المجتمع الدولي بما في ذلك الولايات المتحدة يعني ان اسرائيل بمواقفها هذه وممارساتها ماضية قدما في دفع المنطقة نحو الانفجار مع كل ما يعنيه ذلك من تداعيات خطيرة. وازاء ذلك فان التساؤل الذي يطرح الآن هو: كيف يمكن تجنب هذه الدوامة الخطيرة التي تدفع باتجاهها الحكومة الاسرائيلية المتشددة ؟ وما هو الدور الذي يجب ان يلعبه المجتمع الدولي والولايات المتحدة واوروبا تحديدا في لجم هذا العبث الاسرائيلي بأمن واستقرار المنطقة ؟
إن ما يجب ان يقال هنا ان المجتمع الدولي الذي يرى بوضوح تجاوز اسرائيل لكل الخطوط الحمراء بعد قيامها للمرة الاولى منذ احتلال عام 1967 باغلاق المسجد الاقصى تماما أمس الاول واستمرارها بعد ذلك في منع حرية العبادة ومنع وصول المصلين للأقصى ومواصلتها للاستيطان، بات يتحمل مسؤولية خاصة ازاء ذلك ولا تكفي الدعوات والمطالبات لاسرائيل بالتهدئة والتوقف عن ممارساتها تلك بل ان هناك حاجة ملحة لقرار دولي ملزم لاسرائيل يضع حدا لانتهاكاتها المتواصلة لحرمة المسجد الاقصى ولاستيطانها غير الشرعي في الاراضي المحتلة.
ويدرك المجتمع الدولي ان استمرار الاحتلال يشكل العامل الرئيس للتوتر والصراع في هذه المنطقة ولذلك فان الوقت قد حان كي يتجاوب مجلس الامن مع مشروع القرار الذي يطالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته بوضع جدول زمني محدد لانهاء هذا الاحتلال وتمكين الشعب الفلسطيني من العيش في دولته المستقلة حرا سيدا كباقي شعوب الارض.
ومن الواضح أن غالبية المجتمع الدولي تؤيد وتدعم انهاء هذا الاحتلال، الاّ ان الولايات المتحدة التي لازالت تقف الى جانب اسرائيل وتوفر لها الدعم والحماية في الساحة الدولية عليها ان تدرك ان "التهدئة" التي دعا اليها كيري خلال اتصالاته لم تعد ممكنة دون وقف ولجم هذا التصعيد الاسرائيلي الاخير وأن اقصر الطرق لضمان الامن والاستقرار في هذه المنطقة هو الانضمام لإرادة المجتمع الدولي وللشرعية الدولية والضغط على اسرائيل لانهاء احتلالها وللاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
لقد اوضح الرئيس عباس لوزير الخارجية الاميركي مدى خطورة الممارسات الاسرائيلية وخطورة التصعيد الذي لجأت اليه حكومة نتانياهو، خاصة ما يتعلق بالاقصى والقدس والاستيطان وبالتالي فان الكرة الآن في ملعب واشنطن اذا كانت معنية فعلا بالتهدئة. ولكن ما يجب التأكيد عليه مجددا أن شعبنا الصامد المرابط في القدس وباقي انحاء الوطن وفي الشتات لا يمكن ان يقف مكتوف الأيدي ازاء المساس بمقدساته ومن حقه التعبير عن رفضه لهذه الممارسات بكل الطرق المشروعة دوليا وسيبقى شعبنا وفيا لتضحيات ابنائه ومتمسكا بحقوقه المشروعة فالاقصى ليس موضع مساومة وكذا القدس وكل ذرة تراب من الاراضي المحتلة وأي حق من حقوق شعبنا المشروعة، وهي رسالة يجب ان يفهمها نتانياهو وحكومته المتطرفة وكذا كل الداعين الى التهدئة والمعنيين بالامن والاستقرار في المنطقة.