اطلس- يطرح المسرح الروسي صراع "الآباء والأبناء" من زاوية جديدة، من خلال العلاقة بين أب وابنه الذي يعاني من مرض التوحد، وذلك بمشاركة ممثلين مصابين فعلاً بهذا الاضطراب النفسي.
تدور المسرحية حول أحداث تعكس مواقف حقيقية عاشها الممثلون المصابون بهذا الاضطراب، فتحولت إلى سيناريو هذا العمل الفني، الذي يحاول أبطاله العثور على أب مثالي.
يشارك في هذا العمل غير التقليدي الذي يحمل اسم "كريستوفر ووالده" ممثلون من مسارح عدة في موسكو، يسلطون الضوء على هذا المرض والمعاناة التي يتسبب بها سواء للمصاب به أو للمحيطين به. وتدور أحداث العمل المسرحي حول حياة الطفل كريستوفر منذ طفولته وحتى بلغ مرحلة الرجولة.
افتتح العرض الأول للمسرحية في 21 أكتوبر/تشرين الأول الجاري في مسرح "كروُغ II" (الحلقة 2)، ويسلط الضوء على هذه القضية الاجتماعية من خلال "اعترافات بالخطايا" في 6 أجزاء، يصبح كريستوفر أكبر سنا في كل جزء منها، وتكبر معه المشاكل التي يواجهها.
ومع نموه بالتدريج وظهور ذلك من خلال التغيير الجسدي كظهور اللحية مثلا، يبدأ كريستوفر يطرح أسئلة مختلفة، ويصل به الأمر إلى التساؤل عما إذا كان ينبغي على الرجل أن يكون محاربا؟.
يذكر أن مسرح "كروُغ II" كان قد عرض قبل 6 سنوات عملا حول كريستوفر أيضا، يحمل عنوان "نرجس وكريستوفر" حيث تطرقت المسرحية إلى علاقة الانسان الأولى، أي صلته بوالدته. أما في العمل الأخير فإن المسرحيين يطرحون علاقة الانسان بمن حوله من زاوية أوسع من خلال العلاقة مع الأب.
ويطرح هذا العمل تساؤلات على غرار كيف هو اللقاء مع الأب؟ وما معنى أن يكون الانسان أبا؟
حول "كريستوفر ووالده" يقول مخرج المسرحية أندريه أفونين إنه لا يوجد قاسم مشترك في هذا العمل على النحو التقليدي، إذ أن الممثلين ينتقلون من حقبة تاريخية إلى أخرى. فتارة هم في عالم الأساطير وتارة اخرى يستعينون بقصص أوديب وهاملت والملك لير ودون كيخوت (كيشوت).
كما شبه المخرج أداء الممثلين بالسحر، إذ أنهم يفرضون سيطرتهم على جمهور المسرح الذي يبدو وكأنه واقع تحت تأثير التنويم المغنطيسي. فهم يقرعون الطبول ويلعبون بالكرة ويدقون بأرجلهم الحافية خشبة المسرح بشكل عشوائي خارج عن الايقاع وهم يؤدون أغاني فرقة "boney m" أو الفنانة الروسية زمفيرا، "ما يجعل كل متفرج مشاركا في هذا العمل، لأن لكل انسان حكاية علاقة مع المقربين منه".
في نهاية المسرحية يقف كريستوفر أمام الميكرفون وحده فيما تتراقص ظلال على الجدران، في إشارة إلى المجتمع الصاخب، ويصف المخرج أفونين النهاية بأنها تعكس "التوحد في داخلنا".