اطلس- تبدو كل الاحتمالات مفتوحة مع التحرك الذي بدأه الرئيس الفلسطيني محمود عباس تحت شعار «إنهاء الاحتلال»، وهي خطة لا تحتمل الوسطية هذه المرة
بحسب ما يقول مسؤولون فلسطينيون، فإما قرار بإجلاء الإسرائيليين عن الأرض الفلسطينية أو مواجهة مرتقبة بسبب التوجه إلى الجنايات الدولية قد تفضي إلى حل السلطة الفلسطينية.
وفيما يصل عباس إلى واشنطن خلال يومين ويلتقي وزير الخارجية الأميركي جون كيري ويضعه أمام الخيارين المتبقيين له، دولة أو مواجهة دبلوماسية، تتواصل المشاورات التي يجريها الفلسطينيون مع الدول العربية والكتلة الإسلامية ودول أميركا الجنوبية ودول عدم الانحياز في الأمم المتحدة لضمان مشروع قرار في مجلس الأمن يطلب بشكل واضح إجلاء إسرائيل عن الأراضي الفلسطينية في مدة زمنية محدودة.
وقال عضو اللجنة السياسية الفلسطينية العليا، وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واصل أبو يوسف: «المشاورات مستمرة على كل الصعد من أجل تقديم مشروع قرار في مجلس الأمن».
وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «الرئيس سيعرض خطته ورؤيته كاملة وواضحة في خطابه في 26 الحالي في الأمم المتحدة، لكن مشروع القرار ما زال بحاجة إلى وقت وسيقدم إلى مجلس الأمن».
وينص مشروع القرار الذي يعمل الفلسطينيون على تقديمه إلى مجلس الأمن على الطلب من المجلس إلزام إسرائيل بصفتها دولة عضو في الأمم المتحدة (محتلة) بالجلاء عن أرض الدولة العضو فلسطين التي يقع عليها الاحتلال وفق مدة زمنية محددة بالاستناد إلى قرارات سابقة في هذا الصدد.
وأوضح أبو يوسف: «هناك مجموعة كبيرة من القرارات ترفض حكومات الاحتلال تنفيذها، وهذه أصبحت الآن من مسؤولية المجتمع الدولي». وأضاف: «نحن نريد أن نستثمر الاعتراف بنا وأن نجسد واقع الدولة». وتابع: «يجب الآن. ولم يعد ممكنا تأجيل ذلك. يجب نقل الفلسطينيين من السلطة إلى الدولة، السلطة وجدت من أجل اتفاقات مؤقتة ودورها كان مؤقتا كذلك، والآن انتهى هذا الدور، يجب إقامة الدولة».
ولم يشر أبو يوسف إلى حل السلطة، واكتفى بالقول إن دورها انتهى. لكن مصادر مطلعة قالت لـ«الشرق الأوسط» إن خطة أبو مازن تضع حدا لدور السلطة، أما عن طريق إقامة دولة وانتهاء السلطة أو عن طريق مواجهة مفتوحة إذا مضى في الخطة إلى نهايتها قد تفضي إلى انهيار السلطة.
ويفترض أن يتوجه الفلسطينيون للانضمام إلى كل المنظمات الدولية بما فيها الجنايات الدولية، والبدء في محاكمة قادة إسرائيل إذا فشلت تحركهم في مجلس الأمن. وقالت المصادر: «إذا فشل التوجه إلى مجلس الأمن فإن البديل هو الانضمام إلى الجنايات ومنظمات أخرى وهو ما يعني باختصار أن مواجهة قاسية تنتظرنا». وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري رفض الخطة الفلسطينية الحالية بدعوى أنها تقوم على إجراءات أحادية وأصر على استئناف المفاوضات.
وقال أبو يوسف: «كيري أبلغ الوفد الفلسطيني الذي التقاه في واشنطن أنه يرفض الخطة ويفضل مفاوضات». وأضاف: «نحن قلنا إذا استخدم الأميركيون الـ(فيتو) في مجلس الأمن ضد إقامة الدولة، سنذهب إلى المعاهدات الدولية وسنتحلل من الاتفاقات مع إسرائيل بكل أشكالها السياسية والأمنية. هذا قاله أبو مازن بوضوح». ويرى أبو يوسف أن المفاوضات استنفدت وفشلت، وأن الخطة الحالية هي بديل استراتيجي للمفاوضات.
ويعني ذهاب الفلسطينيين إلى المنظمات الدولية بما فيها الجنايات مواجهة مفتوحة مع إسرائيل والولايات المتحدة، كذلك قد تشمل وقف التحويلات المالية ومحاصرة السلطة في الضفة الغربية اقتصاديا وأمنيا وشل حركة رجالها.
وقالت المصادر: «الرئيس الأميركي باراك أوباما شخصيا حذر أبو مازن في وقت سابق من موضوع الجنايات وقال له إنها ستكون مواجهة مع الولايات المتحدة».
وقد تعني هذه المواجهة بحسب كثير من المسؤوليين الفلسطينيين نهاية السلطة المنهكة ماليا.
ولا يريد الفلسطينيون اتخاذ قرار بحل السلطة، لكنهم يقولون إن إسرائيل إذا ما استمرت بهذه الطريقة فإنها تفرغها من مضمونها وتؤدي لاحقا إلى انهيارها، ولذلك فإنهم يحاولون الآن رمي كل الأوراق الممكنة. ومع ذلك لم يسقط الفلسطينيون خيار التفاوض، كحل آخر ويخرجهم من مواجهة صعبة، ولكن وفق آلية واضحة ومحددة تقوم على مفاوضات لعام واحد فقط وتبدأ باتفاق على حدود 1967.
وكان عباس دعا من باريس، التي وصلها في إطار جولة لجلب الدعم لخطة إنهاء الاحتلال، كل الدول «إلى تحمل مسؤولياتها لوضع حد لنزاع مستمر منذ أكثر من 66 عاما»، مؤكدا أن «صنع السلام سيمنح شرعية أكبر لمكافحة الإرهاب في المنطقة». وعد عباس أن «فرنسا تستطيع الدفع في اتجاه تعبئة دولية من أجل تنفيذ المبادرة العربية».
وشجع عباس العالم على تبني المبادرة العربية بصفتها الوحيدة القادرة على إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي.
وتنص المبادرة العربية، التي أطلقت في 2002 ورفضتها إسرائيل، على إقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس (الشرقية) مقابل سلام وأمن وتطبيع العلاقات بين إسرائيل و57 دولة عربية وإسلامية.
واستمع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، إلى عباس وأعلن لاحقا عن مشروع قرار حول «حل النزاع» بين إسرائيل والفلسطينيين ستقدمه فرنسا في مجلس الأمن الدولي. وقال هولاند: «سنقول بكل وضوح في قرار سيقدم إلى مجلس الأمن ما نتوقعه الآن من العملية وما ينبغي أن يكون عليه حل النزاع».
وأضاف: «منذ وقت طويل جدا هناك مشاورات ومفاوضات وعمليات تعليق وتوقف بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، وهذا الأمر استغرق وقتاً أطول مما ينبغي، حيث بات هناك شعور بأنها لن تفضي إلى أي حل على الرغم من أن صيغة الاتفاق المحتمل معروفة للجميع بكل جوانبها».
وذكر هولاند بأنها المرة الثالثة التي تدمر فيها غزة، متابعا: «سنقوم طبعا بعملنا التضامني، ولكن ما علينا أن نسعى إليه هو اتفاق سلام دائم». مشددا على وجوب استئناف المفاوضات المتوقفة بين الجانبين.