الخليل - اطلس - يجد العديد من المغاربة ضالتهم في تداول النكتة فيما بينهم، أو ما يسمونه "التَّقْشاب"، من أجل التعبير عن الأوضاع التي يعيشونها والتنفيس عن مشاكلهم الاجتماعية والمالية والقضايا السياسية التي تشغل الشارع المغربي.
وانتشرت صفحات خاصة بالنكت و"التقشاب" على موقع "فيسبوك" والمنتديات الإلكترونية، بعضها حظيت بكثير من الشهرة والتداول بين متصفحي الشبكة العنكبوتية، فيما صفحات أخرى ارتبطت بالنكتة السياسية لانتقاد الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية.
"سي قشوب" و"بوزبال"
وتنتشر النكت بين المغاربة في الواقع وفي العالم الافتراضي بعد كل حادثة تهز الرأي العام الوطني، أو عند زيادة في الأسعار مثلا، من قبيل الزيادة الأخيرة في أثمان البنزين، حيث إن نكتا كثيرة عمت صفحات الإنترنت جعلت من قرار الزيادة موضوعا للضحك والاستهزاء.
وحظيت الهزيمة الأخيرة للمنتخب المغربي لكرة القدم أمام فريق تنزانيا بثلاثة أهداف لهدف واحد بكثير من التنكيت على الطريقة "المُذلة" التي خسر بها "أسود الأطلس"، حيث قارنت بعض النكت الأسود بالقطط، فيما لجأت نكت أخرى إلى قفشات الكوميدي المصري عادل إمام لانتقاد هزيمة المغرب أمام تنزانيا.
واستثمرت صفحات فيسبوكية الميل الشديد للمغاربة نحو التنكيت للتعليق على المستجدات السياسية والاجتماعية، لتخلق شخصيات خاصة ذات طابع هزلي ومُضحك، من قبيل شخصية "بوزبال"، أو شخصية "سي قشوب" وغيرهما.
شخصية "بوزبال"، التي انتقلت من "فيسبوك" إلى موقع "يوتوب" لتصبح الأكثر مشاهدة عند المغاربة، تخصصت في تقمص دور الشاب الأرعن والصريح الذي ينتقد المظاهر السلبية في المجتمع بطريقته الخاصة، ولغته البسيطة التي يستمدها من حياته في الأحياء الشعبية.
أما "سي قشوب"، بقبعته ونظارته الطبية وشاربه الكثيف، فقد اختار الضحك الهادف والنكتة السياسية، حيث ينتقد بطريقة هزلية الحكومة والبرلمان والمسؤولين من خلال نكت تترجم الواقع "أفضل من ألف تقرير إعلامي مُضلل" وفق تعبير "سي قشوب.
تفاوت النكات في المغرب
وشرح عمر أهيضار، الباحث في الأنتروبولجيا والثقافة الشعبية، في تصريحات لـ"العربية.نت" انه عادةً ما ينظر للشعب المغربي على إنه شعب جاد، "غير أنه في عمقه شعب نكتة خالصة"، حسب قوله. وأشار إلى أن أكثر النكت التي تحظى بتداول المغاربة هي النكت الجنسية والسياسية والدينية، باعتبار أن الثالوث "المُقدَّس" غالبا ما يستأثر باهتمام المغاربة والعرب كلهم.
وأكد الباحث أن المغاربة استخدموا النكتة طيلة عقود من الزمن كسلاح نقدي يكشف عورة المجتمع ونقائصه. وشرح أن النكتة فيما قبل كانت تلجأ إلى شيء من "التقية" والإيحاء بسبب الخوف من التعبير الحر والمباشر، بينما اصبح المغاربة حاليا يلقون نكتا جريئة في جميع المجالات وبدون خطوط حمراء مثل الماضي.
ولفت أهيضار إلى وجود تفاوتات في التنكيت و"التشقاب" عند المغاربة، موضحا بأن النكتة في المدينة غير النكتة في البادية، والنكتة عند جيل الاجداد ليست هي نفس النكتة عند جيل الشباب الحالي. وأضاف أن النكتة قديما كانت تستمر طويلا، فيما النكتة العصرية تتبع الوقائع وقد تموت بموت الحدث.