الخليل -أطلس- :قبل أيام فقد وسط ألعاب القوى العداء الإيطالي بييترو مينيا الذي يعدّ أسطورة في بلاده عن 61 سنة بعد صراع مع مرض السرطان.
وكان للرقم القياسي العالمي في الـ200 م الذي سجله "سهم الجنوب" خلال دورة الألعاب الجامعية في مكسيكو سيتي (يونيفرسياد) عام 1979 الدور الأكبر في بلورة شهرته، فطغى حتى على لقبه الأولمبي في دورة موسكو عام 1980، التي غاب عنها الأبطال الأميركيون بسبب المقاطعة الغربية.
فقد بلغ رقم مينيا 19.72 ثانية محطماً رقم الأميركي تومي سميث (19.83 ث خلال دورة مكسيكو الأولمبية 1968).
وساهم الارتفاع عن سطح البحر في تحقيقه من دون شك، لكنه صمد 17 عاماً، قبل أن يحطمه الأميركي مايكل جونسون (23/6/ 1996) في التجارب الأولمبية لمنتخب الولايات المتحدة مسجلاً 19.66 ث، ثم يعززه في دورة أتلانتا الأولمبية في العام ذاته محققاً 19.32 ث.
ويعدّ مينيا من أفضل عدائي السرعة الأوروبيين في حقبة السبعينات من القرن الماضي وكان دشن مسيرته بين الكبار بحلوله ثالثاً في سباق الـ200م (20.30ث) خلف السوفياتي فاليري بورزوف والأميركي لاري بلاك، قبل أن يتفوق على بورزوف في بطولة أوروبا عام 1974 في روما.
جمعت مناسبة الـ"غولدن غالا" في روما عام 2011 بين مينيا والنجم الساطع حالياً الجامايكي أوساين بولت، وقد أهدى مينيا البطل الأولمبي والعالمي قميصاً طبع عليه الرقم القياسي 19.72 ثانية، في لفتة إعجاب وتقدير لــ"حامل الأمانة" الحالي الذي عزز الرقم 53 جزءاً بالمئة من الثانية (19.19 ث، سجله في بطولة العالم في برلين عام 2009).
يومها أسر مينيا إلى بولت بتقنيات كان يعتمدها في المنافسات، وصرح أمام الصحفيين قائلاً: "حققت أفضل مواسمي في سن الـ28، أي بعد 10 سنوات من سلوكي درب الانتصارات خارجياً، مسيرة النجاح هي قصة انتصارات وإخفاقات واستفادة من دروسها".
وأضاف: "في حال قرر بولت الاعتزال بعد دورة لندن الأولمبية عام 2012 فليس هناك من يملأ فراغه حتى مواطنه يوهان بلايك، وحده يستطيع حالياً أن يحقق دون الــ19 ثانية (هذا ما يصبو إليه العداء الجامايكي هذا الموسم)، وفي مقدوره أن يحافظ على تسجيله أرقاماً بحدود 19.60 ثانية بوتيرة مستمرة، فقط أنصحه بالتقليل من الاستعراض".
ولم يوافق مينيا رأي القائلين بتفوق عدائي العرق الأسود في سباقات السرعة، إذ "يستطيع الأبيض أو الأسود أو الأصفر أن يكون بطلاً، السر في كيفية انتقاء الموهبة وإعدادها، وكثر من العدائين البيض ساهموا في كتابة تاريخ سباقات السرعة أمثال الألماني آرمين هاري والبريطاني آلن ويلز والسوفياتي فاليري بورزوف، وحالياً يبرز بطل أوروبا الفرنسي كريستوف لوميتر".
كان مينيا يملك بنية جديرة بسباقات المسافات المتوسطة (1.78م، 68 كلغ)، ويقر أنه لم يملك القدرة دائماً على مجاراة عدائي الـ100م علماً أن رقمه القياسي بلغ 10.01ث عام 1979 (رقم إيطاليا القياسي حتى تاريخه)، ورقمه العالمي السابق في الـ200م لا يزال الرقم القياسي الأوروبي.
ويفخر مينيا أنه شارك في خمس دورات أولمبية (من 1972 إلى 1988)، وحمل علم إيطاليا في عرض افتتاح الدورة الأخيرة في سيول، كما أنه خاض نهائي الـ200م في أربع دورات أولمبية متتالية (من 1972 الى 1984).
في موسكو 1980، سجل مينيا 20.19 ثانية متفوقاً على البريطاني ويلز(20.21 ث) والجامايكي دوناد كاري (20.29 ث)، كما حصد مع فريق بلاده برونزية البدل 4 مرات 400 م، ما رفع رصيده إلى 3 ميداليات في دورتين أولمبيتين، فضلاً عن 4 ألقاب أوروبية (لقبان في الـ200م ولقب في الـ100م ولقب في الـ400م داخل القاعة)، لكنه لم يحرز أي لقب عالمي مكتفياً ببرونزية الـ200م وفضية البدل 4 مرات 100م في بطولة العالم الأولى عام 1983 في هلسنكي.
درس البطل المرموق الذي يعدّ ملهماً لمواطنيه الحقوق والعلوم السياسية، وعمل محامياً ومستشاراً في أمور الضرائب، وأستاذاً جامعياً ومحاضراً في التربية الرياضية، وانتخب نائباً في البرلمان الأوروبي (1999- 2005)، وكان يصف نفسه بأنه "صعب المراس والمعشر"، وفضل أحياناً العيش على الهامش، لكنه امتلك الشجاعة ليعترف عام 1987 بتنشطه بعد دورة لوس آنجلوس الأولمبية عام 1984، خطأ حال ربما دون ترؤسه الاتحاد الإيطالي لألعاب القوى عام 1994.