الكاتب: م. طارق ابو الفيلات
القصة الشهيرة حين جاء البشير بن النعمان الى الرسول الكريم اللبيب العارف بطبيعة البشر العالم بخفايا التكوين النفسي للناس جاءه يشهده انه نحل ابنه بستانا فسأله هل نحلت كل ولدك مثل النعمان فلما رد بالنفي قال الرسول الكريم اللبيب:
لا تشهدني على جور.
يكفي ان نستشهد بهذه القصة ليدرك الدكتور سلام فياض رئيس الوزراء انه اتخذ قرار خاطئا على كل الصعد وسلك دربا لن يوصل الا الى الفوضى والى انهيار السلم المجتمعي والى وضع يجعلني احقد على اخي كما قال اخوة يوسف "ليوسف وأخوه احب الى ابينا منا"
قرار اعفاء المتخلفين عن السداد من ذمم الكهرباء قرار غريب عجيب ولن تبقى الحياة بعده كما كانت قبله لانه قلب المفاهيم واخل بكل الموازين وتدحرج ككرة الثلج كلما تدحرجت كلما كبرت وجرفت كل ما امامها.
العدل اساس الملك واصل البقاء وهذا القرار حقق الاجحاف والظلم ولما احب رئيس الوزراء تدارك الامر زاد الطين بله وزاد الشعب فرقه ونشر بذور التفرقة بين ابناء الشعب الواحد.
الاصل في العطايا والهبات ان توزع بالعدل والإنصاف للجميع لا يستثنى من ذلك بدو ولا حضر ولا مخيم ولا قرية فكلنا ابناء فلسطين.
كيف ادفع انا ولا يدفع جاري واجد انني وإياه في الميزان سواء,كيف يعفى مواطن من اثمان استهلاك عشرين عاما من الكهرباء ولا يعوض من التزم طوال السنوات العشرين بتفضيل فاتورة الكهرباء على فاتورة الخبز,انه والله الجور بعينه.
فوق ذلك يتم اعفاء المنازل وتستثنى المصانع والشركات لان اصحابها مستوطنون يهود وليسوا فلسطينيين,ولان المصانع لا تعاني من عجز الحكومة عن حماية المنتج الوطني ولان المصانع لا تشغل فلسطينيين وفي سبيل تشغيلهم كثير منا يخسر ويعجز عن تسديد فاتورة الكهرباء لكن رئيس الوزراء لدية تصنيف لا نعرف ابجدياته.
انا اقدر الظروف التي دفعن رئيس الوزراء الى اتخاذ قرار اعفاء المخيمات من الديون المتراكمة واغلب الظن انه قرر التضحية بالسابق ليضمن اللاحق وانه كان مكرها لا مسامحا.وأظن انه لم يتوقع ردة الفعل الغاضبة لان ظن ان التعطف الشعبي مع اخوتنا سكان المخيمات سيمرر هذا القرار دون تذمر ام تململ ولم يخطر بباله ثورة او تمرد.
ومن تمام الظلم وعموم الجور استثناء المصانع والاشتراكات التجارية واذكر رئيس الوزراء ان الكثير من الورش والمشاغل والمصانع الصغيرة تقع تحت البيوت وتستغل الاشتراكات المنزلية وهي بذلك اعفيت مع انها ليست منازل.
وكم اشتراك تجاري استغل لإنارة المنازل فوق المصانع ولم تعفى مع انها منازل.
قبل القرار كنا اذا جمعنا مجلس يتباهى احدنا انه ولله الحمد يدفع اثمان الكهرباء اولا بأول بل ان احدهم كان يفتخر انه مستعد للاستدانة لكي لا تتراكم عليه اثمان الكهرباء واليوم يتباهى المتخلفون بكثرة ما تراكم عليهم وكثرة ما حصلوا عليه من اعفاء جائر ظالم فلا عقل ولا منطق لكنه التخبط وانعدام التخطيط وتسرع عير مسبوق.
لا اعرف طريقة لتحقيق العدالة في هذا الملف وربما كان الحل الامثل الغاء القرار واقترح على اصحاب القرار بدل الاعفاء وخلق هذه الفتنه ان تقرر الحكومة الزام كل شخص بدفع ما عليه وتقسيط الذمم القديمة على فترة عشر سنوات للجميع مخيمات وقرى ومدن ومصانع وشركات,وهذا التقسيط الميسر يكون للجميع بشرط الالتزام اللاحق وان تحصل الحكومة اثمان الكهرباء على مدار عشر سنوات افضل من ان لا تحصلها مطلقا ,وبذلك يتحقق العدل والرحمة والإنصاف فمن التزم سابقا لم يخسر شيئا ومن قصر سابقا نعطيه فرصة للسداد الميسر ومن يعطى عشر سنوات للسداد فكأنه نال شبه اعفاء.
اتمنى ان تراجع الحكومة قرارها وان تعمل على تحقيق العدل وليت الحكومة تتبنى اقتراحي لأنه يحقق الرحمة قبل العدل وليت الامر ينجلي بسرعة لأنني قررت انا وغيري من الملتزمين اننا سنطالب الحكومة برد ما دفعناه حتى نتساوى مع اخواننا غير الملتزمين.
اخيرا اذا ساد الظلم وانعدم العدل وكوفي المتخلف عن السداد وعوقب الملتزم فإنني وباسم كل بيت فلسطيني التزم بالسداد سالخا الى القضاء الفلسطيني لرد كل ما دفعته من اثمان الكهرباء من تاريخ الاعفاء الى يومنا هذا.
طبعا انا اتمنى ان لا تتراجع الحكومة عن قرارها وان تعفي من تراكمت عليه الديون وان ترد المال لمن التزم بالدفع وساعتها نقول اننا والحكومة في "فندق " واحد.
بداية متخبطة للحكومة في السنة الجديدة اجارنا الله وإياكم من قابل الايام.