اطلس:شكرا للمناضلة ريما نزال زوجة الشهيد العاشقة والمُحِبّة والإنسانة المخلصة التي أصرت ووفت بالوعد الذي قطعته لأبنائها ديمة وغيث ان تكتب سيرة زوجها الشهيد خالد نزال، والتي صدرت مؤخرا بعد 37 عاما من استشهاده بعنوان " خالد في حياتي".

نجحت ريما في أن تعرفنا على خالد نزال الإنسان أولا والمناضل الثوري ، مكّنتنا من رؤية خالد المحب، والخطيب والزوج المشارك والداعم ومن ثم الأب الحنون ، والرفيق المخلص والصديق لرفاقه  والقائد المتواضع ، والابن الصديق الذي يحترم والديه وعائلته.  حقيقة لقد أحببت  خالد من خلال حديث ريما عنه.

عرّفتنا ريما وبالتفصيل عن إمكانية الجمع والدمج بين الحياة الخاصة والعامة  للمناضلين والمناضلات، الأسرة وما عليها من التزامات وواجبات ومسؤوليات والحياة النضالية وما يتبعها من مسؤوليات أيضا ومهمات ومخاطرة  بالحياة أحيانا.

استطاعت ريما ان تصور  وببراعة التناقض  الذي تعيشه المرأة حينما تختار، بين ان تجمع ما بين حياتها العائلية والاستقرار وان تتزوج من مناضل يمكن ان يكون في أي لحظة هدفا للاغتيال والاستشهاد، وفعلا كان خيارها الارتباط بمشروع شهادة كما ذكرت في أكثر من مكان  في الرواية، وعلى الرغم من وعيها لذلك والنتائج والصعاب والآلام  والتعب الذي يمكن ان ينتج عن خيارها، الا انها اختارت وبوعي  كامل، الارتباط بمناضل يمكن ان يكون مصيره الاستشهاد في اية لحظة.

من خلال الرواية أو السيرة ، عرفتنا ريما على حياة جزء من شعبنا الفلسطيني في الشتات في الأردن وسوريا ولبنان، وتعرفنا على طبيعة العلاقات التي تربط الرفاق والمناضلين ببعضهم البعض ، وعمق العلاقة التي تعوضهم  البعد عن  الوطن والعائلة ، وفهمت تماما طبيعة العلاقة التي تربط أهلنا الذين جاءوا من الخارج والذين أطلقنا عليهم  لاحقا اسم العائدين ، وقوة الرابطة  التي  ما زالت تربطهم ببعضهم البعض.

استطاعت ريما ان تصور لنا حياة  أبناء الشهداء والمسؤوليات والهموم التي تواجهها  امرأة مناضلة عندما تُضطر إلى أن تربي أبناءها لوحدها في حال فقدان الأب. استطاعت ريما ان تصف  مصير امرأة شابة تفقد زوجها في عمر مبكر وتتحمل مسؤولية تربية ابن وابنة ، ولكن لم تسهب وتطيل كثيرا في هذا الموضوع ، على الرغم من اني كقارئة للسيرة تمكنت من تصور الضغوطات التي يمكن ان تتعرض لها امرأة تعيش مثل هذه الظروف. ولكن يمكن لأسباب مختلفة انه لم يجر التركيز على هذا الجانب لكون الكاتبة قوية الشخصية ومستقلة في قرارها،  ومحظوظة بوجود أسرة ومحيط داعم لها  الى حد كبير.

في الرواية او السيرة تسلسلت ريما في حياة خالد حتى استشهاده ، وأبدعت حينما وصفت تلقيها للخبر وكيف تجمع الصديقات والأصدقاء ليخبروها بالفاجعة. أثناء قراءتي السيرة ، شعرت اني واحدة من المجموعة التي حضرت لتخبر ريما عن  جريمة الاغتيال لدرجة اني ارتعشت وسالت دمعتان وأكثر. 

خالد  الزوج المناضل الشهيد فعلا  بقي خالدا  في حياة ريما، حتى انها في الرواية وبعد الحديث عن الاستشهاد والدفن والحزن، عادت  للحديث عن خالد أنه معها حين قطعت الجسر وقابلت الجنود على الجسر ووصلت الى استراحة أريحا، ومن ثم استقبال الأهل والرفاق لها وتجولها في مدينتها طولكرم ، بقي خالد معها وبقي خالد خالدا وحيا ومرافقا لريما ، خالد حي  في عقل ونبض وقلب ريما ورفاقه المخلصين ، وهذا كان واضحا حين الإعلان عن الكتاب  قبل عدة أيام في اللقاء الذي تم في قاعة الجليل  في متحف محمود درويش ، بعدما قرأت السيرة فهمت لماذا بكى تيسير الزبري حين شارك في الحديث عن الشهيد خالد  في احتفالية اطلاق السيرة، وصدق الحديث الذي تحدثت به الصديقة المقربة لريما ماجدة المصري.

شكرا ريما  مرة أخرى  لايفائك بالوعد لأبنائك بكتابة السيرة، ولإصرارك ان يبقى خالد حاضرا وباقيا وحيا في عقول  وقلوب من عرفوه ، وشكرا ايضا لأنه ممكن ان تكوني قد شجعت زوجات أو أخوات لشهداء ان يوثقوا سير ابطالهم الشهداء الذين قدموا حياتهم فداء لهذا الوطن. وكل الاحترام لنهاد أبو غوش على التقديم الرائع الصادق للسيرة.

وأخيرا اود القول ان مهمتك  يا ريما في كتابة السيرة لم تكن سهلة ، لأنك استحضرت تاريخا وذكريات وحياة، يمكن ان تكون في بعض أجزائها مؤلمة  بل مؤلمة جدا بالرغم من جمالية أجزاء كبيرة منها

أبارك لك النجاح في توثيق سيرة مناضل سيقى خالدا  في حياتك وحياة كافة المناضلين والمناضلات والوفيين والوفيات للشهداء والوطن