اطلس:سحر حنني: يسيطر الخوف والقلق على أهالي قرية سبسطية، من مشاريع الاحتلال وتحركاته ومستوطنيه المتزايدة للاستيلاء على وتهويد المنطقة الاثرية في البلدة التي تضم معالم تاريخية تحفظ حضارة تعود لثلاثة آلاف عام.
ويتعرض الموقع الاثري في قرية سبسطية شمال غرب مدينة نابلس الى اعتداءات مستمرة باتت شبه يومية من قبل الاحتلال ومستوطنيه، اذا يعمد جنود الاحتلال لاقتحام المنطقة في ايام نهاية الاسبوع، ذروة الزيارات السياحية للبلدة، لإخافة الأهالي ووضع اليد على المنطقة.
وفي إطار سعي حكومة الاحتلال للسيطرة على المنطقة الاثرية في سبسطية، رصد الاحتلال مبلغا يقدر بـ 32 مليون شيكل لتنفيذ مشروع تهويدي واقامة "حديقة وطنية" تابعة لمجلس المستوطنات في الضفة بقيادة المتطرف "يوسي بكان".
دخل مهدد بالزوال
عشرات العائلات ستفقد مصدر رزقها إذا ما نجح الاحتلال في الاستيلاء على المنطقة الاثرية في سبسطية، والمواطن ناهض رزق الله سخا المعيل لاسرته المكونة 12 فردا، واحدا من هذه العائلات المهدد مصدر رزقها الوحيد بالزوال بعد 23 عاما قضاها بين اعمدة العاصمة الرومانية القديمة طلبا لرزق يعيل به عائلته.
وقال سخا لـ"وطن": فتحت هذا الكشك منذ عام 2000 وهدمه الاحتلال في 2005 بذريعة وجوده في منطقة مصنفة "ج"، الا انني اعدت بناءه والان يخبرنا جنود الاحتلال بشكل يومي باخلاء المنطقة.
وبخطى سريعة وبود ولباقة يقدم سخا ابن ( 52 ) عاما ضيافة لرواد المقهى على اصوات كلمات تضامنية وفقرات للدبكة الشعبية نُظمت ضمن مهرجان لتعزيز صمود اهالي بلدة سبسطية، وللتأكيد على الحق الفلسطيني بالارض ومقاومة التهويد.
ويلفت سخا الى تراجع اعداد السائحين للمنطقة خوفا من اعتداءات جنود الاحتلال واقتحاماتهم المتكررة في الاوقات التي تزداد فيها حركة السياحة في البلدة، منوها الى ان أحد الزوار من قرية مجاورة فقد البصر كليا بإحدى عينه، بعدما اطلق عليه جنود الاحتلال النار، ما سبب هلعا وخوفا للزوار الفلسطينيين وللسياح الاجانب.
ولا يختلف حال سخا كثيرا عن رباح أبو بكر، وهو صاحب محل مهدد بالهدم والازالة في سبسطية ايضا، الذي كان افتتحه قبل عام ونصف.
ويؤكد ابو بكر، ان أعداد زوار المنطقة تراجعت بشكل كبير خلال الشهور الماضية، خوفا من اقتحامات واعتداءات الجيش والمستوطنين المتكررة التي ازدادت بشكل لافت، ما أدى لتدمير الحركة التجارية.
تهويد الاثار.. العدوان الاكبر في تاريخ الضفة
وقال رئيس بلدية سبسطية محمد عازم في حديث لـ "وطن"، انه ومنذ استلام حكومة الاحتلال الحالية المتطرفة تتعرض بلدة سبسطية لاعتداءات واقتحامات شبه يومية، في إطار سعيها للضغط على اهالي البلدة لإفراغ المنطقة الاثرية، كي تكون متاحة للمستوطنين فقط ضمن مساعيها تهويد المنطقة.
ويوضح عازم ان الاحتلال يسعى لتنفيذ مشروع تهويدي في المنطقة الاثرية ببلدة سبسطية واقامة "حديقة وطنية" للمستوطنين، يديرها "مجلس المستوطنات" في الضفة الغربية.
ويشير الى أن مشروع الاحتلال يسير ضمن عدة مراحلة متدرجة تبدأ بعزل المنطقة الاثرية في بلدة سبسطية عن باقي أجزاء القرية، ثم مرحلة اجراء حفريات وعمليات تنقيب فيها، ومن ثم اقامة بنية تحتية وشق طرق ستقام في قلب المنطقة الاثرية، ما سيؤدي لتدمير أجزاء من المنطقة الاثرية.
ونوه الى انه عند تنفيذ هذا المشروع فان جيش الاحتلال سيعمل على توفير الامن الكامل عبر اقامة برج ونواة استيطانية قد تبدأ بمركز للجيش وشرطة الاحتلال.
وقال عازم: هذا العدوان هو الاول والاكبر على البلدة منذ احتلال الضفة الغربية عام 1967، حيث ان الاستهداف يتعمد انهاء الحركة السياحية المحلية والدولية فضلا عما يمثل ذلك من تهويد لمنطقة حضارية تاريخية.
مشروع تدميري
وأوضح رئيس بلدية سبسطية ان جيش وسلطات الاحتلال نفذوا أعمال مسح داخل المنطقة الاثرية وللشارع الالتفافي الذي يدور حول المنطقة الاثرية، كمرحلة تمهيدية لهذا المشروع التهويدي، الذي سيلتهم نحو 152 دونم من اراضي القرية، تتمثل بالمنطقة الاثرية التي تضم أبرز المعالم الاثرية كالمدرج الروماني.
وقال عازم: حين يفرض الاحتلال سيطرته على هذه المنطقة فانه سيسيطر – تلقائيا- على مئات الدونمات من الاراضي المحيطة بالموقع الاثري وسيحولها الى منطقة عسكرية وسيمنع المواطنين من الدخول اليها، وستفقد البلدة بذلك 1000 دونم من أراضيها الواقعة في محيط المنطقة الاثرية، في حال نجح بمشروعه هذا، لافتا الى ان المنطقة الاثرية تقع على قمة مرتفعة وسط البلدة ما سيعطي الاحتلال ميزة القدرة على ممارسة عدوانه واعتداءاته على المواطنين بشكل أكبر.
وتستقبل بلدة سبسطية ما لا يقل عن 200 سائح أجنبي يوميا، عدا عن المواطنين الفلسطينيين الذين يزورون المنطقة الاثرية، ما سينعكس على اكثر من 25 محلا في محيط المنطقة السياحية يعتاش أصحابها وعائلاتهم من العمل المرتبط بالسياحة، وسيتم اغلاقها في حال نجح الاحتلال بمشروعه التهويدي هذا.