ويواصل الاحتلال الإسرائيلي عمليات التطهير العرقي والتهجير القسري للفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، وتنكرها لحقوقهم الوطنية والإنسانية، وحقهم في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس، وأيضًا حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم.
إن جريمة النكبة عام 1948 لا يمكن فصلها عن السياقات التاريخية التي سبقتها، خاصة عندما اتفقت الدول الاستعمارية المنتصرة في الحرب العالمية الأولى على تقسيم الوطن العربي عام 1916، فيما عرفت باتفاقية سايكس بيكو، مرورًا بعام 1917 وصدور وعد بلفور، الذي أعطى الحق بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين. ولم يقف حدود دعم تلك الدول الاستعمارية للحركة الصهيونية وكيانها الذي أقيم على أنقاض المدن والقرى الفلسطينية المدمرة عند هذا الحد، بل أمدته بكل سبل وإمكانيات الدعم والإسناد والقوة سياسياً واقتصادياً ومالياً وعسكرياً وتكنولوجيا،ً مكنته من مواصلة حروبه العدوانية على الشعب الفلسطيني وشعوب الأمة العربية ومنها حربه العدوانية في حزيران 1967 التي تمكن فيها من احتلال ما تبقى من الأراضي الفلسطينية عوضاً عن أراضي عربية أخرى.
وشكلت النكبة أكبر عملية تطهير عرقي شهدها القرن العشرين، حيث شرد قرابة 950 ألف فلسطيني قسرًا من قراهم ومدنهم بقوة السلاح والتهديد إلى الضفة الغربية وقطاع غزة والدول العربية المجاورة، من أصل مليون و400 ألف فلسطيني كانوا يقيمون في فلسطين التاريخية عام 1948، وتم إحلال اليهود مكانهم.
وسيطر الاحتلال على أكثر من 85% من مساحة فلسطين التاريخية البالغة حوالي 27 ألف كم2 بما فيها من موارد وما عليها من سكان، أي ما يزيد على ثلاثة أرباع مساحة فلسطين التاريخية.
وخلال النكبة، سيطرت العصابات الصهيونية على 774 قرية ومدينة فلسطينية، وتم تدمير 531 منها بالكامل وطمس معالمها الحضارية والتاريخية، وما تبقى تم إخضاعه إلى كيان الاحتلال وقوانينه.
واُرتكبت أكثر من 70 مجزرة بحق الفلسطينيين، تمثل كل واحدة منها جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، وتصنف في إطار جرائم الإبادة الجماعية.
وحسب عدة مصادر تاريخية، بلغ عدد الشهداء الفلسطينيين في معارك النكبة نحو 15 ألف شهيد، بينما بلغ عدد الشهداء العرب من 3500 إلى 700 آلاف شهيد.
وبحسب سجلات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، فقد بلغ عدد مخيمات اللاجئين الفلسطينيين 58 مخيمًا رسميا تابعًا للوكالة تتوزع بواقع 10 مخيمات في الأردن، و9 مخيمات في سوريا، و12 في لبنان، و19 في الضفة الغربية، و8 مخيمات في قطاع غزة.
ورغم مرور 75 عاما على النكبة، إلا أن فصولها ومآسيها لا تزال مستمرة، في ظل مخططات الاحتلال التي ينفذها من استباحة الدم الفلسطيني وسرقة الأراضي وهدم البيوت، والاعتداء على المقدسات الإسلامية والمسيحية، وغيرها من الاعتداءات والانتهاكات المتواصلة.
في مقابل هذه السياسة الصهيونية، لا يزال شعبنا في كافة مواقع تواجده داخل الوطن وخارجه، يتمسك بحقه الأصيل في أرض وطنه، وحق العودة والإقامة فيها، لذلك شق مسار نضاله الوطني منذ اللحظات الأولى التي برزت فيها المخططات الاستعمارية تجاه أرضه الفلسطينية، واستمر في كفاحه الوطني دون كلل أو ملل، وقدم على طريق هذا الكفاح التضحيات العظيمة والكبيرة.