اطلس:كتب وليد الهودلي: هل يتوقّع مثلا أن يتحلّل الفلسطينيون من قضيتهم، وأن يصبحوا كمّا بشريا لا همّ لهم سوى تحسين أوضاعهم المعيشية
ما استطاعوا لذلك سبيلا؟ أن يتخلّوا عن القدس ومقدساتهم فيها، أن يتخلّوا عن الدولة والسيادة على الأرض وفي وطن معروف الحدود والمعالم، أن يتخلوا عن قيم الحرية والكرامة وحقوق الانسان التي يعترف بها كلّ البشر، ومقابل ذلك أن يتماهى وينسجم مع السياسة الإسرائيلية وما يريدونه للشعب الفلسطيني، أن يرضخ ويكون طيّعا لينا سهل المراس يكون حيث يريدون له أن يكون، يتنفّس من هوائهم النكد والوسخ ولا يحيد قيد أنملة عن مزاجهم العكر.
يريدون منا أن نترك لهم الجمل وما حمل، أن نخلّي بينهم وبين فلسطين كل فلسطين، كي يفعلوا بها ما شاءوا وما يحلوا لهم ثم بعد ذلك يبسطوا نفوذهم على المنطقة بأسرها لتكون لهم السيادة والسقاية والرفادة فتأتمر المنطقة بأمرهم ويرتّبون لها كل ما يخدم مصالحهم الأمنية والسياسية والاقتصادية بسطوة العربدة العسكرية والتفوّق الكبير فيها، ولو وصلوا الى كلّ هذه الأهداف لما توقّفوا ولما كان لهم من حدود لمطامعهم وغاياتهم المنحرفة.
وكان لمسار التسوية هذه النهاية المأساوية التي قرّبتهم كثيرا من أهدافهم وأبعدتنا كثيرا من أهدافنا، فقد شهد الاستيطان توسّعا كبيرا، وزادت وتيرة الاعتداءات على الأقصى وتمادوا كثيرا في تهويد القدس، وتمادوا بكل أشكال التوحّش والعدوان من قتل واعتقال ومداهمات وتضييق الخناق على كلّ مفاصل الحياة الفلسطينية وشطبت كل أوهام تحقيق سلام عادل عند الذين توّهموا ذلك، لم يعد هناك من يتحدّث عن مشروع التسوية وامكانيات الحلّ مع هذا الجنس من البشر. لم يعد هناك أيّ أفق لأية تسوية بل أصبحت في نفق مظلم لا مخرج منه وأصبح من يؤمنون بها دون أية بارقة أمل فما بالنا بالذين لا يؤمنون بها أصلا؟
والان وبعد أن وصل القطار المتهالك محطته الأخيرة ولم يعد بالإمكان إعادة تشغيله ووضعه على السكة من جديد، ماذا يريد الاحتلال من الشعب الفلسطيني؟ هل تحوّل من حالة حلّ الصراع الى حالة حسم الصراع الى صالحه مائة بالمائة؟ وهل هذا ممكن؟ هل يتوقّع الان من الشعب الفلسطيني أن يرفع راية الاستسلام؟ ماذا يقول التاريخ الذي يروي لنا ما جرى مع الشعوب المستعمرة ؟ هل ألقت السلاح ونجح الاستعمار في تذويبها في سياساته؟ ماذا تقول لنا الاحداث الساخنة التي تشهدها فلسطين كلّ يوم؟ ماذا تقول غزّة والتي أصبحت بمثابة الضرس الموجع للاحتلال أو المنجل الذي بلعه ولم يعرف كيف يخرجه أو كيف يتمّ بلعه؟
يجب أن نعرف بشكل موضوعي ماذا يريد الاحتلال بعد كلّ هذا المسار الذي جعلنا على محجّة بيضاء، لا لبس فيها البتّة، وما آلت اليه أمورهم من تزايد كبير في العنصرية والتوحّش و ضرب كل الحقوق الفلسطينية وضرب كل الاتفاقيات عرض الحائط، الأمور باتت واضحة فيما يريدونه منا فهل تصبح واضحة لدينا في ماذا نريد بكل دقّة ووضوح؟