لدينا من الأمثلة الناصعة التي وظّفت بشكل خلاق المعادلة الموزونة ما بين الوطني والطبقي والوطني والقومي، والقومي والأممي.
لدينا من التاريخ الذي حافظنا فيه على معادلة موزونة بين مصالح الطبقة العاملة ومصالح رأس المال الفلسطيني. في مطلع سبعينات القرن المنصرم وعقب الإحتلال، لعب رأس المال الفلسطيني دورا هاما مفصليا في إرساء الحد الأدنى من مقومات الصمود جنبا الى جنب مع الطبقة العاملة الفلسطينية والفلاحين والبرجوازية الصغيرة. كنا نحرص على خلق معادلة متوازنة بين أن يستمر مصنع في العمل مثلا وأن نحقق الحد الأدنى من حقوق العمال.
وفي الانتفاضة الأولى، واصلت القوى الوطنية لعب هذا الدور، ولم تتأخر مطلقا في نصرة عجلة الانتاج وتحسين ظروف الطبقة العاملة. كما ولم تتأخر في أخذ قرارات مفصلية، حتى وصلت أنها قامت في بعض الحالات بتأييد قرار فصل عمال في مصانع لسوء سلوكهم، كأن يتبول أحدهم خلف ماكنة تعبئة أطعمة أو عصائر.
أما أن يأتي رأس المال الفلسطيني إلينا هذه الأيام .... متغطرسا مهددا بالعودة من حيث أتى قائلا .. إذا لم يحصل كذا وكذا فسوف أقوم بتجفيف استثماراتي في الوطن وأرحل، فإن ذلك غير مقبول البته ... والله معك، فالوطن ليس حقيبة أن كنت أنت المسافر.
وزيادة على ذلك، نحن نحترم كل مغترب حتمت عليه ظروفه أن يعيش خارج الوطن ولا نلومه مطلقا ونعتبره مكافحا في سبيل أشياء كثيرة تخص الوطن، ونقول للقلة القليلة من بين المغتربين ، اللي " مش عاجبهم العجب ولا الصيام في رجب" جماعة الانتقاد الدائم من بعيد دون طرح البديل، هلموا إلينا داخل دبابة حتى لو كانت (تي 54) عفى عنها الدهر وشرب ، وذلك لتحرير أرض الوطن، فستجدوننا ليس خلف دبابتكم المتحصنين داخلها، وانما أمامها، لكن لا تزاودوا علينا في تغنيكم بحضارة الغرب ومحاولة إسقاطها على وضعنا ونحن نرزح تحت نير الاحتلال.
هناك منظومة خاصة تتعلق بالشعب العربي الفلسطيني، قد تكون مختلفة عن باقي الشعوب نظرا لأننا نرزح تحت نير الاحتلال. كل جهد، حتى ولو كان " بشق تمرة" يبذل من أي فلسطيني أينما كان .... هو مساهمة هامة. نحن بحاجة الى رأس المال المنتمي والصابر، وليس المهدد والملوح بالعقوبات، إذ يكفينا من العقوبات ما نتعرض له يوميا. نحن بحاجة الى المغترب الايجابي الذي يرى الضوء في آخر النفق، والذي يشعل عود ثقاب بدلا من أن يلعن دوما لون العتمة، المراقب لما يحدث في الوطن والمساهم في الصمود. نحن بحاجة الى التنمية من أجل الصمود المقاوم، وليس لترويج السلع المستوردة وسلع الاحتلال، نحن بحاجة الى تنمية لقطاع الانتاج، ووقف غطرسة قطاع الخدمات من بنوك وشركات الاتصالات وغيرها، نحن بحاجة الى أن يقف الراسمالي ويقول للاحتلال ولمن يقوض السلم الأهلي من بيننا "هنا على صدوركم باقون"..... لن نرحل، حتى لو ألحقتم الأذى بنا جسديا ونفسيا.
وفي المقابل، أقف الى جانب عجلة الانتاج ورأس المال الفلسطيني، وأطالب بتطوير الاطار القانوني الناظم وتشجيع الاستثمار في الوطن وملاحقة كل من يتعدى قولا وعملا بشكل متعمد أو دون وعي بغية المس بالاستثمارات الفلسطينية وأربابها.
معادلة " لا يموت الديب ولا يفنى الغنمات" ... معادلة مهمة في الشأن الداخلي الفلسطيني، فإن كانت إحدى قدميك أيها المستثمر هنا .... وقدم لك هناك في بلاد الغربة ... مهددا ملوحا ... في رعاية الله يا عزيزي... طريق السلامة، فللوطن ... رب بحميه.