اطلس:تمتلىء صفحات التواصل الإجتماعي بعبارت يكتبها أصحابها التي تنتصر لغزة وأهلنا في غزة وتبدي تعاطفا كبيرا مع الظروف المعيشية التي يرزحون تحت وطأتها وبشكل خاص كلما تعرض قطاع غزة الى عدوان إحتلالي غاشم يدّمر كل شىء ويقتل الصغار والكبار معا.
غالبية من يكتب لنصرة أهلنا في قطاع غزة يعمل في القطاع العام ومؤسسات وشركات القطاع الخاص، فمنهم من يعمل في القطاع الصحي الرسمي وغير الرسمي وبضمنه وزارة الصحة والمستشفيات ودائرة التحويلات، وفي القطاع التعليمي وبضمنه وزارة التربية والتعليم، وفي وزارة الداخلية وبضمنها دائرة الجوازات.
جميعهم دون إستثناء يكتبون الحلو من الكلام وقلّة منهم يطبقونه مع أهلنا في قطاع غزّة القادمين الى محافظات الضفة الغربية. أقول ذلك ... وبصراحة ممزوجة بالأسف الشديد على تناقض الأقول مع الأفعال.
كم هي معاناة أهلنا في قطاع غزة للحصول على جوازات سفر أو تجديدها، وكم يدفعون لقاء ذلك للوسطاء، وكم يستغرقهم الحصول على جواز سفر، بينما يستغرق الحصول على جواز سفر لأي مواطن يقطن في الضفة الغربية يوما واحدا إن لم يكن بضع ساعات.
قد يقول قائل، أنه قد سجلت العديد من حالات عدم دقة المعلومات من قبل بعض مقدمي المعاملات، كأن يكون أحدهم خارج قطاع غزّة ويدّعي أنه داخلها وأن جواز سفره قد فقد اثناء القصف الإسرائيلي، أو وجود إدعاءات أخرى تستوجب الحيطة والحذر.
وأنا أتفق مع ذلك كله، لكنني لا أتفق مع الفرضية التي تقول أن كل أهلنا في قطاع غزّة مشتبه بهم في عدم دقة معلوماتهم بخصوص جوازات سفرهم الى أن يثبت العكس ..... الله أكبر.
موطن أو مواطنة من قطاع غزة يحصل على تحويلة للعلاج في مستشفيات تابعة لوزارة الصحة في الضفة الغربية. وناهيكم أيها الأحبة عن معاناة الوصول الى الضفة الغربية، تبدأ معاناة المريض لحظة دخوله المنشاة الصحية، أولا بالتنكر الكامل لإسمه، فيصبح من تلك اللحظة "الغزاوي" أو " الغزاوية"، ويبدأ تذمر الموظف المسؤول من عشوائية إرسال التحويلات وعدم وجود أسرة وعدم التنسيق معه مسبقا وكل ذلك بصوت عال وفي وجه المريض " الغزاوي" الذي يتمنى لو أن الأرض تنشق وتبتلعه أو أن يعود فورا حتى دون علاج.
كتب ذات يوم المهندس وائل العشي المقيم في رام الله على صفحته الفيس بوكية ما يلي " حدث معي هذا المساء. يسألني من وين أنت؟ جاوبتو من غزة، قال عنجد؟ والله مش مبين عليك، قللتلو ... والله نسيت الذيل بالبيت قبل ما أطلع ... سامحني. لوين وصلنا بعنصريتنا واحنا كلنا نقبع تحت نفس الظروف القاهرة".
عام 1961 كتب الشهيد غسان كنفاني قصة "موت السرير رقم 12" حول بطل القصة وهو العماني محمد علي أكبر المصاب بسرطان الدم الذي مات وهو في الخامسة والعشرين من عمره.
كان محمد علي أكبر يغضب أيما غضب إذا ما ناداه أحدهم "محمد علي " ويشدد على أن إسمه " محمد علي أكبر"، وعندما توفي خرج الممرض من الغرفة الى الردهة وصاح "مات السرير رقم 12".
آنذاك ... لم ينهض محمد علي أكبر ... أيها الأحبة كي ينهر الممرض لأنه حتى غيّر إسمه بالكامل وحوله الى رقم "12" ... لقد مات المواطن العماني محمد علي أكبر... ولم يستطع أن يقول للممرض " على رسلك لست رقم 12 ... بل أنا محمد علي أكبر"... ولشديد الأسف لم يصرخ أي من المتواجدين في وجه الممرض بالقول " إنه محمد علي أكبر وليس رقم 12".
وقبل ذلك بسنوات، أحب محمد علي أكبر جارته التي رفض والدها تزويجها له بإدعاء أنه لص يسرق الخراف، وكانت إبنته قد نسيت أن تذكر إسمه بالكامل فإكتفت بالقول "محمد علي" وجاء إسمه متشابها لإسم ذلك اللص الذي سرق أحلامه بالزواج من محبوبته.
"الغزاوي" أو "الغزاوية " .... لهما أيها الأحبة أسماء كاملة متكاملة.... لهما مشاعر وأحاسيس وكرامة ... أوجاع وآهات ... تماما كما " محمد علي أكبر" .... نقطة وع السطر