اطلس: ألقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس يوم 24 أيلول/ سبتمبر 2021 خطاباً على هامش الدورة السادسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك،
يمكن القول أنه كان ذي طابع تصعيدي وتحذيري، إذ أمهل فيه الاحتلال الإسرائيلي عاماً واحداً للانسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967، بما فيها القدس الشرقية، وهدّد باللجوء إلى محكمة العدل الدولية لاتخاذ قرار حول شرعية وجود الاحتلال على أرض دولة فلسطين.
وطالب الرئيس عباس الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بالدعوة لمؤتمر دولي للسلام وفق المرجعيات الدولية المعتمدة وقرارات الأمم المتحدة ومبادرة السلام العربية وتحت رعاية اللجنة الرباعية، منتقداً المجتمع الدولي بقوله: “أن جميع سياسات المجتمع الدولي وهيئات الأمم المتحدة تجاه حل القضية الفلسطينية فشلت حتى الآن، ولم تتمكن من محاسبة إسرائيل ومساءلتها وفرض عقوبات عليها بسبب انتهاكاتها للقانون الدولي، ما جعل إسرائيل التي تدعي بأنها دولة ديمقراطية تتصرف كدولة فوق القانون".
ويأتي خطاب عباس التصعيدي التحذيري في ضوء غياب أي أفق سياسي للحل، وتعثّر المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية منذ عام 2014، وتأكيد رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت "عدم الدخول في مفاوضات سياسية مع الفلسطينيين، أو الحديث عن تشكيل دولة فلسطينية ".
ويُثير فحوى خطاب الرئيس عباس تساؤلاً حول إمكانية كسر الجمود السياسي وتحريك عملية السلام، خاصةً في ظل انشغال إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في عودة بلاده إلى الساحة الدولية، بعد حقبة الرئيس الأميركي الأسبق دونالد ترمب، إضافة إلى وجود فراغ سياسي دولي، وغياب مبادرات السلام الإقليمية والدولية؟.
نظرياً، يبدو أن الرئيس عباس يسعى إلى كسر حالة الجمود السياسي من خلال اتخاذ خطوة حاسمة كما فعل قبل عشرة سنوات إبّان خطابه الذي ألقاه في الأمم المتحدة بتاريخ 23 أيلول/ سبتمبر 2011، والذي قدّم على هامشه طلباً بالعضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة لأمينها العام آنذاك بان كي مون، داعياً أعضاء مجلس الأمن التصويت لصالح هذا الطلب.
حيث، وبالرغم من معارضة الولايات المتحدة و"اسرائيل"، وإعلان واشنطن عن استخدامها لحق النقض (الفيتو) ضد الطلب الفلسطيني في مجلس الأمن، إلا أن طلب الرئيس عباس لاقى تفاعلاً إيجابياً في المجتمع الدولي، تبعه دعوة إدارة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، عباس للعودة الى "المفاوضات المباشرة" مع اسرائيل. وكانت السفيرة الأميركية السابقة لدى الامم المتحدة سوزان رايس قد صرّحت آنذاك بقولها " علينا أن نقر جميعاً بأن السبيل الوحيد نحو إقامة دولة يمر عبر المفاوضات المباشرة، لا عبر طرق مختصرة ".
بدأت المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية في العام 2013 بعد تسعة أشهر من منح الجمعية العامة للأمم المتحدة فلسطين صفة دولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة، ما يقودنا إلى افتراض استنتاجي مفاده، بأن خطاب الرئيس عباس التصعيدي قد يُشكّل خطوة حاسمة نحو كسر حالة الجمود السياسي، يبقى نجاحها منوطاً بأمدية تماهي الإدارة الأميركية مع المخططات الإسرائيلية، والتفاعل الدولي مع القضية الفلسطينية ، و تماسك الجبهة الإسرائيلية الداخلية، و تأثير الحراك الفلسطيني والعربي الدبلوماسي.