اطلس:ليس هناك من شيء يغطي على حالة الحزن التي تجتاحنا ونحن نرى بأم عيوننا أشلاء الاطفال التي مزقها الردم والهدم والقصف ، حالة الحزن هذه ليست مقتصرة علينا نحن الفلسطينيين فقط
ولكنها تمتد لتطول البشرية كلها ، ولهذا خرجت جموع الجنسيات في مظاهرات صاخبة وغاضبة منددة بهذه الجرائم الحربية بحق الاطفال الابرياء الذين كانوا يغطون في نومهم في انتظار فرحة صبح عيدهم ، ولكن اسرائيل بنخبها وعلمائها وضباطها وطياريها ، ابقوهم على نومهم الى الابد.
وبعيدا عن حالة الحزن والثكل والفقدان ، واقترابا من قراءة الواقع كما هو ، بدون رتوش او عواطف ، ونحن في خضم ذكرى النكبة بعد ثلاثة وسبعين سنة على مرورها ، وهي نفسها السنين التي يحتفل بها الاسرائيليون بما يسمونه تحررهم واستقلالهم ، فإن الواقع يصرخ بانبلاج لحظة تاريخية ، او منعطف حاد ، لا يستطيع ايا كان تجاهله او الادعاء انه لا يراه ، بحيث يستطيع المحللون والمراقبون والمؤرخون اعتماده كتاريخ تحولي او بدء عد عكسي لبداية نهاية نكبتنا ، ما يعنيه أيضا بداية نكبتهم ، او بالادق بداية نهاية استقلالهم واقامة دولتهم.
يتعلق الامر أكثر من اي شيء آخر ، أكثر من أن الشعب كقر عن بكرة أبيه بالنضال السلمي الاستسلامي ، وأكثر من ان غزة الصغيرة والفقيرة والمحاصرة شلت حياتهم وأرسلتهم الى الملاجيء ، بل بالشعب الواحد ، الذي ارادوه شعبين ، شعب الخارج "الشتات" والداخل ، ثم ثلاثة شعوب ، "عرب اسرائيل" ، ثم اربعة شعوب "شعب غزة" ، فجاء هذا اليوم ليبطل هذا الزعم وليمزق هذا الغشاء البكاري و ليكسر هذه الفخارة على رأس اصحابها ، وهم الصهيونية الاسرائيلية اليهودية الذين جاؤوا من كل حدب وتوحدوا على ارضنا كشعب ، وعلى مدار سبعين سنة ، كذبوا الكذبة وصدقوها ، مسحوا التاريخ وغيروا اسماء المدن والشوارع والعادات والقيم والمفاهيم ، فانتفض ضدهم كل شيء ، البشر والشجر والحجر ، حتى كنسهم ، أمكنة عبادتهم ، لم تعد تستطيع استيعابهم ، فأخذت تنهار عليهم ، حتى اقرب مقربيهم من الامريكان وبعض الاوروبيين لم يعد بإمكانهم استيعاب جرائمهم واكاذيبهم و فضائحهم وتكلفتهم الباهظة (حوالي 4 مليارات دولار سنويا من امريكا الرسمية وحدها) ، حتى هم أنفسهم انقلبوا على انفسهم ، وها هم يتحضرون لانتخابات خامسة في غضون سنتين .
الفخارة التي يكسرها الشعب الفلسطيني الواحد والموحد اليوم على رأسهم ، انما ستطول عاجلا او آجلا رؤوس اصحابهم ، من عرب الردة وفلسطينيي العار الذين طبّعوا و فاوضوا وقايضوا وسالموا ، فكان عبارة عن وبال ودمار وفساد وإفساد وانقسام وتشرذم واحتراب وتخوين ، كان ذلك أشد وطأة علينا من وطأة حزننا على أشلاء اطفالنا جراء مجازرهم بعد مضي كل هذا الوقت على ذاك السلام الاسود ، سلام الذئب والخروف ، ووصلوا الى درجة متقدمة منه ، تمكنهم ان يعودوا لاحتلال اللد وحيفا وكفر كنا من جديد