على الرغم من كل ذلك هالني رعباً ما نتج عن أحداث المقام من مواقف داخل البناء الاجتماعي الفلسطيني، فالكل يبحث عن ضحية والكل يبحث عن دور البطولة فيما حدث.
ورغم ذلك ارى ان لهذا الحدث العديد من الايجابيات:
1- شجع الناس على إعادة إحياء العبادات في المقام وتنظيفه وإعادة ترتيبه.
2- إعادة اللحمة ونقطة الانطلاق ما بين الشباب في القدس المحتلة واهلنا في مناطق ومدن ومخيمات وقرى الضفة الغربية، مما جعلهم يتسابقون في جعله مزارا ومكانا يستحق العمل فيه وتعزيز صمود الناس على اراضهم.
3- أعطى فرصة جديدة لوزارة الاوقاف لاعادة الاهتمام به من جديد بالمقام ومن اهم هذه المؤشرات تعيين حارس للمحافظة على المقام سيما المسجد منه مما فرض مسؤولية وطنية ودينية على الجهات الرسمية خاصة وان المقام يقع في الاغوار.
4- كشف حجم التقصير الرسمي والشعبي والمؤسساتي بحق هذا المقام مما دفع بكافة الاطراف الى المبادرة لحمايته واعادة ترتيبه، ومثل ما حدث فرصة لترتيب الأنشطة والرقابة عليها.
5- ما حصل كشف انعدام الشجاعة لدى المستوى الرسمي في تحمل المسؤولية السياسية والمهنية لما حدث وقد تؤدي لجنة التحقيق المشكلة لقرارات بهذا الاتجاه!
6- ما حصل كشف عمق واهمية وتاثير الرأي العام في حسم اية قضايا واجبار الحكومة والجهات ذات الصلة لاتخاذ قرارت قد تخالف المالوف والمعهود.
7- كشف هشاشة وضعف مؤسسات المجتمع المدني والحقوقية وعجزها وابتعادها عن الشارع فأصبحت معزولة بغض النظر عن صدقية مواقفها من عدمه.
أمام كل ما حصل ورغم كل الإيجابيات لما حدث إلّا أننا نوصي بضرورة الإسراع بالخطوات التالية:
1- ضرورة أن تتحمل وزيرة السياحة المسؤولية السياسية وان تقدم استقالتها دون تاخير لان اللجنة المشكلة من دولة رئيس الوزراء هي لجنة فنية لن توصي باقالة الوزيرة وقد تحمل المستوى التنفيذي المسؤولية وهذا ينافي الواقع ويجافي مفهوم المسؤولية. لذا على رئيس الحكومة الطلب منها الاستقالة او اقالتها.
2- ضرورة إقالة مدير عام الشرطة الفلسطينية بصفته المسؤول عن الشرطة السياحية، وهذا يقع ضمن مبدأ المسؤولية السياسية والمهنية، ونعتقد أن رئيس الوزراء ووزير الداخلية ان فعلها سيرسل رسالة هامة تعيد الثقة بجدية التعامل مع مثل هكذا احداث.
3- ضرورة توفير محاكمة عادلة للمتهمين بتنظيم الحفل سيما وأن الإذن الممنوح وحسب ما سرب، فإنه ينص على احترام حرمة المكان، وبالتالي فان على المؤسسات الحقوقية ان تعمل على ضمان سلامة الاجراءات للمتهمين الموقوفين على ذمة القضية، وللمحكمة ان تقرر البراءة او الادانة.
4- على المؤسسات الحقوقية أن تعيد تقييم شكل وطريقة تدخلها في المسائل الحقوقية والا تكون انتقائية، فتتصدى لتوقيف شخص بصلابة وتصمت أو تصدر على استحياء بيانات تتعلق بممارسات تنتهك الحياة في اراضي الدولة الفلسطينية المحتلة وخارجها وما صمت المؤسسات الحقوقية على استشهاد عمر النايف الا احد هذه المفارقات.
5- إن على بعض الاحزاب الدينية والشخصيات والنشطاء الكف عن توجيه الاتهام لمؤسسات المجتمع المدني وأي جهة أو شخصية تعارضهم بالولاء لاجندات خارجية، فالاختلاف في وجهات النظر لا تعني الفجور ولا تستلزم الاخراج عن الملة.
إن ما حصل في مقام النبي موسى معيب ومخجل وطنيا ودينيا وقيميا، بغض النظر عن كافة الملابسات والاسباب والدوافع، الا ان ذلك لا يعني الا ان ننظر الى الايجابيات التي نتجت عن هذه الاحداث، فنحول الازمة الى فرصة وعمل، لذا علينا ان نطوي هذه الصفحة ونتوقف عن تمزيق انفسنا فوق تمزقنا وان نمضي نحو تعزيز صمودنا فوق ارضنا واتركوا القضاء ولجنة التحقيق تاخذ مجراها، ولتتحمل وزيرة السياحة ومدير عام الشرطة المسؤولية السياسية والمهنية وليرحلوا بمبادرة منهم بالاستقالة وان لم يفعلوا فليتم اقالتهم، ولنحافظ على المقام وارجو الا تكون فزعتنا حول المقام موسمية تذوبها الاحداث ويغييب عنا المقام لاسباب اخرى، فهل من مستمع او مجيب او متفكر؟