اطلس:لم تكن تتوقع الفتاة سلمى النجار (15 عاماً)، من سكان خانيونس جنوب قطاع غزة، أن تنجح في إقناع صاحب إحدى محطات الوقود في المحافظة للعمل لديه،
لتصبح أول فتاة في القطاع تعمل في هذه المهنة التي يعتبر العاملون بها أنها خطيرة مع مرور الوقت على الصحة الشخصية للعامل، خاصةً أن الوقود بمشتقاته المختلفة يشكل مصدر قلق للصحة العامة.
ولم تمتنع الفتاة النجار عن ممارسة شغفها بالعمل والتعلم بكل ما يمكن أن تتقنه حتى ولو كان ذلك يشكل خطراً بالنسبة إليها كفتاة، أو بالنسبة للعمل الخطر بالأساس، الذي يشكل لها حافزاً للمضي أكثر في البحث عن المجازفة وكسر الحواجز بتغيير الواقع المجتمعي والعادات والتقاليد التي رسمتها طبيعة المجتمع المحافظ الذي يفضل المرأة كربة بيت على أن تعمل في بعض الأعمال، خاصةً المختلطة منها.
وتقول النجار لـ"القدس" دوت كوم إنها أرادت كسر حاجز الخوف بالنسبة للمرأة التي يسعى المجتمع لتقييدها بالعمل في البيت فقط، وأنه يمكنها العمل في أي مهنة تريدها، وليس فقط في المكاتب أو المستشفيات، وأنه يمكنها الاعتماد على نفسها في توفير احتياجاتها المعيشية، وكذلك لعائلتها في ظل الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه غالبية العائلات.
وبيّنت النجار أنّ شغفها الكبير في حب العمل وتعلم كل ما يمكن تعلمه ليس علمياً ونظرياً فقط، بل من خلال المشاركة في أعمال مختلفة، ومنها الشاقة، دفعها لمتابعة ومراقبة عمل الموظفين والعمال داخل المحطة، وتعاملهم مع الزبائن، حتى أحبت هذه المهنة والطريقة التي يتم العمل فيها، ودفعها ذلك إلى التوجه إلى صاحب المحطة وعرضت عليه العمل كمزودة بنزين لسيارات الأجرة والخاصة التي تصل إلى المحطة لتعبئة الوقود.
ولفتت إلى أنها فوجئت من موقف صاحب المحطة الذي شجعها وحفزها بشكلٍ كبيرٍ على العمل، وكسر حاجز العادات والتقاليد المجتمعية، وحرمان المرأة من العمل والوظيفة.
وقالت النجار إن عمرها الصغير مقارنةً بالشابات وغيرهنّ لم يكن مقياساً لحرمان نفسها من تنمية قدراتها التي تشجعها ذاتياً لتكون ذات كفاءة وفتاة منتجة في المجتمع، مشيرةً إلى أن العمر أثبت أنه لم يكن في يوم من الأيام مقياساً للقدرات التي يمتلكها الشخص.
وبينت أن لديها قدرات وكفاءة كبيرة للعمل كمزودة في محطة الوقود، مشيرةً إلى أنها تعمل 3 أيام في الأسبوع، يقابلها 3 أيام أُخرى تتلقى فيها تعليمها المدرسي في إحدى مدارس محافظة خانيونس.
وأشارت النجار إلى أنها تابعت، وكانت تتوقع ردة فعل المواطنين الذين انقسموا في آرائهم بشأن عملها في محطة الوقود، مشيرةً إلى أنها تحترم جميع وجهات النظر والآراء، ولكن لن تتراجع تحت أي ضغوط، سواء أكانت مجتمعية أم بفعل نظرةٍ أُخرى إليها، خاصةً أن عائلتها شجعتها على هذه الخطوة.
من جهته، قال محمد الأغا، صاحب شركة سلامة الجنوب للمحروقات، الذي شجع سلمى النجار على العمل في المحطة لديه: إن فكرة عمل الفتيات والشابات كانت لديه منذ سنواتٍ عدة، وليست بالجديدة، وكان يأمل أن يرى السيدات بجميع فئاتهن من الفتيات والشابات والجامعيات وغيرهن، وهن يعملن في مجالات مختلفة كما الرجل تماماً، وأنه يمكنهنّ العمل في محطات الوقود، سواء في المحاسبة أو حتى في تعبئة الوقود للسيارات.
وأضاف الأغا في حديث لـ"القدس" دوت كوم أنه ليس لديه مانع بأن تحقق الفتاة أحلامها كما فعلت النجارة، وأن تتعلم وتخالط الناس وتكسر حاجز الخوف لديها ولدى الآخرين.
وأشار إلى أن سلمى النجار توجهت إليه وطرحت فكرتها القائمة على كسر حاجز الخوف والشغف من أجل العمل، حتى باتت أول فتاة تعمل في هذا المجال، لتجسد رسالة واضحة بأن للنساء الحق في العمل والاعتياش وتحقيق أحلامهنّ على قاعدة أنّ المرأة شريكة الرجل بالحياة في المناحي كافة.