اطلس: تتذكر نداء عياط موقفًا تصفه بالبطولي، حدث في آخر جلسة محكمة لشقيقها الأسير المريض سامر شعبان عياط،
الذي تحدى محكمة الاحتلال، برفضه الاعتذار وإبداء الندم على ما قدّمه من نضالات.
تقول نداء "لن أنسى هذه الجلسة" فرغم القيود التي كان مكبّلًا بها، انتصب سامر بشموخ وصلابة ومعنويات عالية جدً، ولم يضعف أو تنهار عزيمته حينما نطق القاضي الإسرائيلي بالحكم عليه بالسجن المؤبد.
وأضافت، عندما شاهد دموعنا، خاطبنا بقوة وشجاعة: لا تبكوا ، فهذا الحكم لا شيء، والدفاع عن شعبنا ومقاومة الاحتلال لتحرير وطننا هو أمنيتي وحلم حياتي، فلماذا البكاء ونحن الأحرار رغم القيد (...) أمي لا تحزني فقريبًا سيأتي يوم حريتي وعودتي لكم، ثم أخرجوه من المحكمة وتلاشي صوته لكنه ما زال يتردد في أعماقنا ويزرع فينا الصبر والأمل.
في رحلة العودة لمنزل العائلة في مخيم طولكرم، لم تتوقف نداء على بث الأمل والتخفيف عن والدتها التي لم تتمكن من السيطرة على نفسها لشدة صدمتها.
تقول نداء إن كلمات سامر شجعتنا وخففت عنا، لكن يبقى شعور ووضع الأمهات مختلف، فعانت من الصدمة حتى لم تعرف طعم النوم والأكل، وتفاقمت معاناتها مع مرور السنوات، ولشدة الحزن والبكاء أصبحت تعاني من الضغط والسكري، وتعرضت لجلطة.
قبل 39 عامًا، وُلد سامر في مخيم طولكرم، تصفه شقيقته بـ "الحنون والبار بوالديه وصاحب القلب الكبير الذي حمل هموم أسرتنا ولم يقصر معها حتى خلال احتجازه خلف القضبان"، فهو يحرص على متابعة أمورنا وتقديم كل ما أمكن لإسعادنا ورفع معنوياتنا وحلّ مشاكلنا، رغم أن من واجبنا نحن أن نحل له أموره، لكنّه ولشدة حنانه علينا يشاركنا حياتنا لحظة بلحظة.
وتضيف أنه عاش في المخيم وتعلم في مدارس الوكالة حتى أنهى المرحلة الإعدادية، وحظي بوظيفة في الارتباط العسكري ثم الأمن الوطني حتى اعتقاله. يوم الرابع والعشرين من أيار 2003.
وعن يوم اعتقاله، تقول شقيقته التي عاشت لحظات صعبة عندما شاهدت جنود الاحتلال يعتقلون سامر بعد أن اقتحموا المخيم وفرضوا حظر التجول عليه. فقد داهم عشرات الجنود المنطقة، واقتحموا المنازل، واحتجزونا للتفتيش، ثم عزلوا شقيقي سامر واعتدوا عليه بالضرب وقيّدوه ولم يسمحوا لنا بوداعه.
ومكث سامر بعد ذلك مدة شهرين في التحقيق بالجلمة، ومنع خلالها من زيارة المحامين، وبعد سنة من التمديد والتأجيل في محكمة سالم العسكرية، صدر حُكم بسجنه بالمؤبد، مضافًا إليه 3 سنوات كعقاب.
وخلال سجنه، شارك سامر في إضرابات الأسرى بمختلف السجون، حتى عانى من مشاكل صحية في قدمه وارتفاع في ضغط الدم، وقد حرم الاحتلال عائلته من زيارته، برفض منحها التصاريح.
أكمل سامر تعليمه داخل سجنه، وانتسب لجامعة القدس المفتوحة في تخصص الخدمة الاجتماعية، وأنهى سنته الدراسية الثانية، وما تزال والدته بانتظاره وقد صار إلى جانبها 27 حفيدًا لم يراهم سامر أو يعرفهم طوال حياته.