اطلس:القضاء حق للناس، واستقلاله مرتبط بمستقبل ابنائنا، والشعور بأن العدالة تنهار هو اخطر شعور على المجتمع، عندما يشعر المواطن انه لا توجد جهة ما تستطيع انصافه ورفع الظلم عنه، لذلك فإن الوضع المتردي في ادارة القضاء يجب ان يكون مرفوضا من جميع الناس وليس من القضاة والمحامين والمختصين فقط، لان هذه الخطورة تنسحب على المجتمع برمته أفرادا وجماعات.
ان عدم شرعية مجلس القضاء الاعلى الانتقالي باتت امرا واضحا للكافة بسبب تشكيله المخالف للقانون الاساسي وقانون السلطة القضائية، وما يجري داخل القضاء الفلسطيني من انتهاكات واضحة لأحكام القانون انما يعتبر نتاجا طبيعيا لهذا التشكيل غير الدستوري وغير الشرعي، لأن مجرد القبول بتجاوز القانون من حيث التشكيل سيتبعه بالضرورة خروجا عن حكم القانون في ادارة القضاء والقرارات الصادرة عن المجلس الانتقالي.
ربما شاهد الجميع حالات الندرة الخارجة عن المألوف والمتعارضة مع الفطرة الانسانية عندما حكم رئيس المجلس الانتقالي بطلب هو الخصم فيه فأصبح خصما وحكما، وما تبع ذلك من انتهاكات كثيرة لحقوق الانسان، كان أبرزها تقديم عدد كبير من الشكاوى الجزائية من قبل رئيس الانتقالي ضد عدد من القضاة والمحامين لمجرد انتقادهم ادائه أو مطالبتهم بتطبيق صحيح القانون، وكذلك عدد الشكاوى المقدمة ضده التي امتلأت بها ادراج النيابة العامة، وربما شاهد الجميع ايضا صفحات التواصل الاجتماعي وهي تعج يوميا بالمخالفات والانتهاكات التي احدثها المجلس الانتقالي وما تبع ذلك من مطالبات مجتمعية واسعة برحيل المجلس الانتقالي وتشكيل مجلس القضاء الاعلى الطبيعي وفقا لأحكام قانون السلطة القضائية بعدما ظهر للمجتمع المدني ونقابة المحامين ونادي القضاة عدم قدرة هذا المجلس على تحقيق اي تطور داخل القضاء، بل ما قد لوحظ من تراجع حاد على دور السلطة القضائية في حماية الحقوق والحريات العامة في فترة عمل المجلس الانتقالي.
ان اي نظام سياسي دستوري يقوم على مبدأ سيادة القانون وأي مجتمع متحضر يسعى للتحرر من الاحتلال واقامة دولة ديمقراطية لا يقبل ان يكون قضاؤه محلا للتندر الى الحد الذي وصل اليه القضاء في عهد المجلس الانتقالي، وما تبع ذلك من انهيار ثقة المواطن بالقضاء حتى وصلت نسبة الاشخاص الذين لا يثقون بالمجلس الانتقالي الى 95 بالمئة وفقا لاستطلاع رأي الكتروني اعده مركز "مساواة" ، فاستمرار ذلك ينذر، لا سمح الله، بانهيار النظام برمته، وانعدام اي مستقبل له، وهو ما يوجب التراجع عن تشكيل المجلس الانتقالي والعودة الى مجلس القضاء الاعلى الطبيعي، وخلق البيئة الملائمة لتطوير القضاء وتحقيق استقلال فعلي له، وانقاذه من حالة التدهور الحادة التي وصل اليها، ليكون ذلك خطوة جادة باتجاه بناء دولة القانون.أمين سر جمعية نادي القضاة الفلسطينيين.
(*) أمين سر جمعية نادي القضاة الفلسطينيين