اطلس: تحدث وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، مساء أمس الثلاثاء، بحسب توقيت واشنطن، في اليوم الثاني لمؤتمر الحزب الجمهوري الذي سيرشح الخميس رسمياً كلاً من دونالد ترامب رئيساً، ومايك بينس نائب رئيس من على سطح فندق "الملك ديفيد" في القدس المحتلة
وقد ظهرت قبة الصخرة المقدسة وأماكن العبادة المسيحية واليهودية في القدس المحتلة من ورائه بشكل دراماتيكي في رسالة واضحة، اعتبرها البعض رسالة فجة، في انكشافها أنها ليست أكثر من حركة بهلوانية بهدفها في مراضاة الإنجيليين التبشيريين اليمينيين المتصهينين الذين باتوا كرت الرئيس دونالد ترامب الأخير للفوز بدورة رئاسية ثانية والعودة إلى البيت الأبيض.
وقال بومبيو ووراءه أضواء مدينة القدس القديمة المحتلة والأضرحة اليهودية والإسلامية والمسيحية وكأنها تنزلق سابحة من وراء كتفه، ليكيل الحمد والشكر للرئيس الأميركي ترامب "الذي اعترف بالقدس عاصمة أبدية للشعب اليهودي ونقل السفارة إليها".
وشدد بومبيو من مديحه لرئيسه ترامب "الذي أخرج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الكارثي (الذي أبرم بين الدول الخمس ألدائمي العضوية في مجلس الأمن زائد ألمانيا مع إيران في تموز 2015)" ومتبجحا بقرار ترامب اغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني في شهر كانون الثاني الماضي "المسؤول عن قتل الآلاف من المسيحيين في الشرق الأوسط".
كما اتخذ بومبيو من المشهد المقدسي الرائع الذي يعتبره أغلبية المتدينين في العالم كُنه الروحانية الإلهية للثناء على التطبيع بين إسرائيل والأمارات العربية المتحدة الذي أعلن يوم 13 آب الجاري ، ووصفه بأنه اختراق تاريخي "ستتحدث عنه الأجيال المقبلة"، وليتحدث عن إنجازات ترامب في كبح جماح الصين.
وأطلق وزير الخارجية الأميركي بومبيو بخاطبه الذي يعتبر سابقة مروعة، حالة مستعرة من الجدل مساء الثلاثاء بإلقائه كلمة أمام المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري، وهي خطوة يقول النقاد إنها تنتهك سياسة وزارة الخارجية الأميركية وإرشادات الوزير بومبيو نفسه في وضع الدبلوماسية كما وزارة الدفاع فوق السياسة ويحظر على المسؤولين في الخارجية الأميركية الإفصاح الحزبي العلني على حساب نزاهة ورصانة السياسة الخارجية الأميركية المفترضة.
وكان بومبيو صوّر خطابه القصير بالفيديو ليلة الاثنين من سطح فندق الملك ديفيد الشهير في القدس، مستخدمًا مناظر خلابة للمدينة القديمة كخلفية.
وقالت وزارة الخارجية إن قرار بومبيو التحدث أمام المجلس الوطني الاتحادي اتخذ بصفته الشخصية ولم يشمل موارد حكومية، لكنها تركت الكثير من الدبلوماسيين مذهولين.
من جهته، أعلن نائب ديمقراطي أميركي بارز بمجلس النواب، الثلاثاء، فتح تحقيق في قرار وزير الخارجية مايك بومبيو، بالتحدث أمام المؤتمر الوطني الجمهوري من القدس.
وقال خواكين كاسترو، رئيس اللجنة الفرعية للتحقيقات في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأميركي، إن "هذا الإجراء جزء من نمط من تسييس السياسة الخارجية الأمريكية، الذي بسببه وجه مجلس النواب من قبل اتهامات بالتقصير للرئيس ترامب، ويقوض مكانة أميركا في العالم".
وأضاف كاسترو أن "الشعب الأميركي يستحق تحقيقا كاملا".
وانتقد الديمقراطيون الخطوة ووصفوها بأنها انتهاك لقانون "هاتش" الذي يحظر على المسؤولين الحكوميين المشاركة في بعض أشكال النشاط السياسي بصفتهم الرسمية.
وفي وقت سابق من الأسبوع الجاري، قال متحدث باسم وزارة الخارجية إن بومبيو سيخاطب المؤتمر "بصفته الشخصية" مما أثار استهجان الخبراء الذين أشاروا إلى أن بومبيو كان في زيارة رسمية لإسرائيل عندما قام بذلك ، وتوجه إليها بطائرة رسمية يدفع تكاليفها دافع الضرائب الأميركي.
وقالت الدكتورة سوزان رايس، التي خدمت في إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، أولاً كسفيرة للولايات المتحدة في الأمم المتحدة أثناء دورته الأولى، ومن ثم كمستشارة أوباما لشؤون الأمن القومي في دورته الثانية، أن بومبيو تصرف بشكل مخجل ومن الواضح أنه يريد استخدام إسرائيل لتعزيز حظوظ ترامب الانتخابية عن القطاعات الإنجيلية التبشيرية "ما يجعل من إسرائيل قضية حزبية، ويهدد مستوى الدعم الأميركي على المدى البعيد".
وأضافت رايس على شبكة "إم.إس.إن.بي.سي": "كما أن هذا من شأن أن يبدد آمال الفلسطينيين بالحصول على دولتهم المستقلة، وإحقاق سلام عادل بينهم وبين إسرائيل".
بدوره، قال المفاوض الأميركي السابق في مفاوضات السلام الأميركية الفلسطينية الإسرائيلية في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي آرون ديفيد ميلر معلقاً على ما فعله بومبيو: "بعد أن حظيت بشرف العمل مع نصف دزينة من وزراء الخارجية الأميركيين، لم أصدق أبدًا أنني أرى أحدًا يستخدم القدس كمسرح، ويقوض هيبة المكتب ويستغل سلطته لمساعدة رئيس أميركي على السعي لإعادة انتخابه وتعزيز طموحاته السياسية الخاصة".
يذكر أن كلاً من المرشح الديمقراطي الحالي في مواجهة ترامب جو بايدن، والمرشحة الديمقراطية السابقة في مواجهة ترامب هيلاري كلينتون، التي خدمت أربع سنوات كوزير خارجية أميركا، وجها انتقاداً لاذعاً لبومبيو الذي يقلل من احترام الولايات المتحدة في الخارج بأساليبه الرعناء بحسب قولهم.