اطلس - أكد السفير د.أحمد الديك، المستشار السياسي لوزير الخارجية والمغتربين، أن الوزارة تستعد قريباً لإنهاء إجلاء آخر الرحلات المعلنة منذ بدء إجلاء العالقين مطلع الشهر الماضي.
وأقرّ الديك في مقابلة خاصة مع "القدس"دوت كوم بوجود بعض التقصير في ملف العالقين في الخارج لدى بعض السفارات، مؤكداً في الوقت ذاته أن الوزارة بدأت في الآونة الأخيرة بفتح تحقيق بتلك التقصيرات، وقال: "نحن بشر نخطئ، لكن عوضنا تلك التقصيرات".
وإليكم نص المقابلة:
س: أين يتوزع العالقون في دول العالم؟
ج: عدد الدول التي يتوزع عليها العالقون هي 83 دولة من جميع دول العالم. والثقل الأساسي للعالقين كان يتركز في دول مثل: مصر، وتركيا، والولايات المتحدة الأميركية، والإمارات، والسعودية، وأوروبا -بشكل متفاوت بين الدول الأوروبية، وفي دول شرق آسيا، خاصةً ماليزيا، وأعداد قليلة في دول العالم الأُخرى، سواء في أفريقيا أو أميركا اللاتينية.
لقد كانت أُولى الدفعات التي عادت من العالقين هي الدفعات التي بدأت بعودة العالقين من المملكة الأردنية الهاشمية عبر معبر الكرامة، وبدأت في وقت مبكر من شهر أيار الماضي، وتواصلت حتى الآن، وستنتهي في الثاني من الشهر المقبل.
لقد سيّرنا 31 رحلة طيران، وتمكنا فيها من إعادة 5200 شخص من العالقين، أما فيما يتعلق برحلات البر فقد تمكنا من تسيير 35 دفعة عبر معبر الكرامة، وأعدنا 7828 شخصاً، ومن مصر تمكّنا من إعادة 4200 شخص. ومجموع من تم إجلاؤهم من العالقين 13028 من محافظات الضفة الغربية عبر المطارات ومعبر الكرامة، ومَن غادر الضفة إلى الخارج وصل عددهم 510 مواطنين، ولا يوجد أحدٌ غادر من غزة، لنكون بذلك قد أجلينا 18008 عالقين في كلا الاتجاهين (من أرض الوطن وإليه).
س: ما تعريف العالق؟
ج: يمكن القول إن العالق هو من تقطعت به السبل؛ سواء أكان طالباً أنهى سنته الدراسية ويرغب في العودة بالإجازة إلى أرض الوطن، أم الطلبة الذين تخرجوا بالفعل من جامعاتهم، أم الطالب الذي توقف عن دراسته بسبب جائحة كورونا، إذ إن الغالبية العظمى من جامعات العالم أوقفت الدراسة، فيما توقف جزء منها عن الدراسة، واستمر جزء آخر بالدراسة عن طريق التعليم عن بعد، وبالتالي لم يعد مبرراً بقاء الطلبة واستمرار مصاريفهم في تلك الدول.
كما أن جزءاً من العالقين من المواطنين الذين كانوا في زيارة أو حصلوا على تأشيرة سياحية للخارج؛ سواء لأغراض السياحة أو الرحلات العلاجية، وبالتالي العالقون أكثر من فئة، باستثناء المقيمين في تلك الدول.
س: هل من الممكن متابعة الطلبة الذين عادوا إلى أرض الوطن، ويريدون الالتحاق مجدداً بجامعاتهم؟
ج: نحن على أبواب الانتهاء من إعادة جميع العالقين الذين نسميهم "الأحباب"، وهم من المواطنين في الضفة الغربية، بما فيها القدس، ونحن نؤكد أن حملة "عودة الأحباب" لن تكتمل إلا بحل مشكلة العالقين من الطلبة والمواطنين في قطاع غزة.
نحن نُعد العدة للبدء بإعادة أو بتسهيل عودة طلبة الجامعات إلى جامعاتهم التي يدرسون فيها في دول العالم، بحيث تكون جامعاتهم قررت أن يلتحقوا بمقاعد الدراسة، أما طلبة التعليم عن بُعد فهم غير مضطرين للعودة إلى جامعاتهم، ونحن نُعد العدة أيضاً لتسهيل خروج أعداد كبيرة طلبة الثانوية العامة "التوجيهي"، الذين بدأوا بالفعل بتصديق شهاداتهم وإعداد العدة للالتحاق بعدد من الجامعات في الخارج.
إن جزءاً من العالقين الذين سجلوا في سفارات دولة فلسطين أخذوا قراراً بعدم العودة، خاصة أن جزءاً منهم طلبة نحن ناشدناهم أن يبقوا في أماكنهم وقلنا لهم إن دولة فلسطين لا تمتلك ضمانات لإعادتهم إلى مقاعد الدراسة في الخارج، سيما في ظل الأزمة السياسية التي تترتب على قرار الحكومة الإسرائيلية بضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية وفي ظل وقف التنسيق مع الجانب الإسرائيلي، وجزء من أولئك الطلبة قرروا أن يبقوا في أماكنهم حفاظاً على صحتهم ودراستهم.
إننا نطمئن أبناء شعبنا بأننا نعد العدة لاستمرار بذل جهودنا لإعادة الطلبة إلى مقاعد الدراسة لمن لا يدرسون عن بُعد، ولتأمين مغادرة أعداد كبيرة من أبناء شعبنا من الطلبة الخريجين من الثانوية العامة "التوجيهي".
س: هناك عالقون في الضفة الغربية يودون السفر للخارج، أين وصلت أُمورهم؟ وهل هناك بوادر لفتح معبر الكرامة؟
ج: لقد حققت وزارة الخارجية ودولة فلسطين إنجازً مهماً بإعادة العالقين "الأحباب" من الضفة الغربية، بما فيها القدس، وأيضا حققنا إنجازاً كبيراً لمغادرة المئات من مواطنينا وطلبتنا في الضفة الغربية، بما فيها القدس، والعالقين قبل بداية جائحة كورونا.
وشملت الدفعات عالقين سافروا إلى الإمارات وأميركا وألمانيا، ومنها عبر مطار "فرانكفورت" إلى جميع الدول في العالم وإلى تركيا، كما أننا انتهينا من الترتيبات اللازمة لتسهيل مغادرة دفعات أُخرى إلى "الإمارات، والولايات المتحدة الأميركية، وألمانيا" في القريب العاجل.
أما فيما يتعلق بقضية فتح معبر الكرامة، فإنه لا توجد حتى الآن أي معلومات أو مؤشرات لفتح المعبر.
س: هل ما زال بالإمكان عودة عالقين آخرين؟
ج: لقد أعلنّا قبل أيام وقف جميع أشكال التسجيل للعالقين، سواء القادمين أو المغادرين، بحكم أن الأعداد بدأت تقل، وفكرة تسهيل مغادرتهم جاءت من خلال أننا نستغل رحلات الإجلاء التي تُسيّرها الملكية الأردينة بالتعاون مع المملكة الأردنية الهاشمية.
ويمكن التسجيل مجدداً لإجلاء عالقين آخرين، ونحن قمنا بإحصاء العالقين من قطاع غزة عبر سجلات وجداول بكامل أسمائهم وعناوينهم موجودة لدينا، ونحن على جاهزية تامة في حال حصلنا على الموافقة المصرية أن نُسير رحلات وإعادتهم إلى أُسرهم وذويهم.
لا بد من الإشارة هنا إلى أنه من الممكن التسجيل مجدداً إذا توفرت لدينا أعداد معقولة بالنسبة للحالات الفردية، لكن بالنسبة لقطاع غزة هناك حالة جماعية، ونحن بحاجة لطائرات للإجلاء، والتسجبل مستمر، وهذا حقهم، أما مَن هم من الضفة الغربية والقدس فحالياً هم أعداد قليلة بعد الجدول الذي أعلناه للإجلاء الذي سينتهي في الثاني من الشهر المقبل، لعالقين من شيكاغو الأميركية، كما أنه يمكن أن نتساعد مع الأشقاء في الأردن ونُجلي هذه الحالات الفردية عن طريق رحلات مشتركة مع الملكية الأردنية لإجلاء الرعايا الأُردنيين.
س: حدثنا عن ملف العالقين في قطاع غزة؟
ج: للأسف الشديد، تواجه حملة "عودة الأحباب" صعوبات، وتتعثر في طريق استكمال جميع مراحلها في إعادة "الأحباب" العالقين من أبناء شعبنا في قطاع غزة، وكما تعلمون، فإن الأشقاء في جمهورية مصر العربية فتحوا معبر رفح منذ بداية الجائحة 3 مرات متتالية، وفي كل مرة منها يكون فتح المعبر لمدة 3 أيام، وتم فيها إجلاء جميع العالقين الغزيين من مصر إلى قطاع غزة، وعددهم 4200 عالق.
نستطيع القول: إنه لا يوجد عالق فلسطيني واحد من قطاع غزة موجود حالياً في مصر، ومَن بقي هناك بقي بإرادته، وإذا أراد التوجه إلى غزة فهو ينتظر فقط فتح المعبر.
كما أن مصر قدمت تسهيلات كبيرة في إجلاء ما يزيد على 1600 طالب ومواطن فلسطيني، غالبيتهم من أبناء الضفة الغربية ووصلوا على متن 6 طائرات مصرية، وأيضاً في العشرين من الشهر الجاري ستذهب طائرتان من الملكية الأردنية لإجلاء ما تبقى من الرعايا والمواطنين من أبناء الضفة الغربية المقيمين في مصر.
والسلطات المصرية، بشكل تقليدي، تعتمد معايير لمن يستطيع أن يدخل جمهورية مصر العربية، وهذه العملية باتت متواصلة، حيث يقوم الطيران المصري وهو في رحلاته لإجلاء رعايا مصريين بإجلاء مواطنين من أبناء شعبنا في غزة على متن تلك الطائرات، ممن تنطبق عليهم المعايير المصرية، والسفارات والسلطات المصرية تقدم لهم تسهيلات على متن هذه الرحلات، ومن ليست لديه تأشيرة ممن تنطبق عليهم هذه المعايير يتم منحه تأشيرة ويدخل إلى مصر، وهم حالياً بانتظار فتح المعبر.
وأود الحديث هنا بشأن نقطة أساسية مهمة، أننا نواصل التنسيقات اللازمة في جمهورية مصر العربية، وتقدمنا بطلب رسمي لتسيير رحلات طيران، أُسوةً بالموافقة التي حصلنا عليها من الأشقاء في الأردن، لإجلاء رعايانا إلى الضفة الغربية، وهي في طريقها إلى الاكتمال، ونحن الآن ننتظر حتى تتم الموافقة من الأشقاء بمصر لتسيير رحلات لإجلاء أعداد كبيرة من أبناء قطاع غزة العالقين في تركيا والإمارات والسعودية وماليزيا ودول شرق آسيا.
ويبدو أن الأمر مرتبط بفتح معبر رفح، وليس فقط بالموافقة المصرية، ومعبر رفح من الجانب الفلسطيني تسيطر عليه حركة حماس، وهي تتحمل مسؤوليةً في هذا الموضوع.
س: حدثنا عن الصعوبات التي يُعاني منها العالقون في الخارج؟
ج: بالمناسبة، تصلنا مئات الاتصالات يومياً، وكذلك فإن وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام تزخر بالمناشدات من العالقين من أبناء شعبنا في عديد دول العالم، وهم في الحقيقة يعانون معاناة شديدة يصعب وصفها، نحن نقف إلى جانبهم في معاناتهم، ونبذل من جهودنا 100% لوقف هذه المعاناة.
ومن بين حالات العالقين حالات مرضية، ومنهم من تشتتوا عن أُسرهم، ومنهم من لم تعُد لديه أي أموال ليستطيع الاستمرار في تلك الدول، ومنهم من تم إنهاء أعمالهم، وأوضاعم جداً صعبة، ولا يمكن وصفها حقيقة بالكلمات، هذا المسار متعثر للأسف، ونأمل أن نتمكن من حله، وأنا أضم صوتي وأُناشد جميع المسؤولين ذووي الصلة ليبادروا لحل هذه المشكلة، وأدق ناقوس الخطر أمام الجميع لظروفهم المعيشية الصعبة.
والعالقون الفلسطينون صمدوا ما يزيد على 3 أشهر، وهم يعانون في الخارج، سواء عانوا من ظروف معيشية أو صحية، هناك عدد من طلبتنا أخرجوا من السكنات الجامعية، وتحولت تلك السكنات إلى مقار وأماكن للحجر الصحي، نحن قمنا بتأمينهم في سكنات عبر خلايا الأزمة وعبر سفاراتنا في جميع دول العالم، ووقفنا على احتياجتهم العلاجية والصحية والمعيشية.
إنني أود أن أشكر باسم دولة فلسطين جميع الجنود المجهولين في السفارات، وفي وزارة الخارجية، وأبناء جالياتنا في العالم، وفي الاتحاد العام لطلبة فلسطين بجمع فروعه، على الجهود الجبارة التي بذلوها للحفاظ على أوضاع الطلبة الصحية والمعيشية.
وأريد أن أُسير بشكلٍ خاصٍّ إلى التجربة العظيمية التي خضناها مع جالياتنا في الولايات المتحدة الأميركية، خاصة الصعوبات التي واجهناها بنسج شبكة واسعة مع مراكز خدمات الجالية في جميع الولايات المتحدة ومع المؤسسات الفلسطينية هناك ومع رموز جالياتنا في الولايات المتحدة، بعد أن تم إغلاق مكتب منظمة التحرير على يد إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
إن تجربتنا في نسج هذه العلاقة والنجاحات الكبيرة التي حققناها في الولايات المتحدة تشكل، فعلاً، مفخرة لدولة فلسطين، وسيأتي يوم تسجل هذه التجربة لدينا، إذ إنه توجد لدينا عناوين عشرات الآلاف تواصلنا معهم في أمريكا، وأنا شخصياً استقبلتُ المئات منهم في معسكر النويعمة في أريحا قادمين عبر الملكية الأردنية، وهم يقدرون دولة فلسطين على هذا الجهد غير المسبوق الذي قدمته، ويقدمون الشكر الجزيل للرئيس محمود عباس ولوزارة الخارجية، ولجميع المسؤولين الذين قدموا هذه الخدمة، نحن حقيقةً تشرفنا بخدمة أبناء شعبنا في هذه الجائحة، وهذا واجبنا الوطني والمهني والأخلاقي والإنساني.
س: ما أهم الصعوبات التي واجهت السفارات الفلسطينية في العالم لتقديم المساعدة أو إجلاء العالقين؟
ج: مشكلة العالقين هي مشكلة يتحمل مسؤولياتها أولا وأخيراً وبشكلٍ كاملٍ إسرائيل، بصفتها القوة القائمة بالاحتلال، وهي مطلوب منها وفقاً لاتفاقيات جنيف والقانون الدولي أن تؤمن حرية الحركة للمواطنين الذين يرزحون تحت الاحتلال.
وبالتالي نحن نوجه نداء للمجتمع الدولي والمؤسسات الأُممية المختصة والأمم المتحدة أن تُسرّع في تحميل سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن معاناة أبناء شعبنا العالقين، الذين ما زالوا عالقين، والذين علقوا واستطعنا بجهودنا وبموافقة أُردنية ومصرية مشكورة أن نعيد أجزاء كبيرة منهم، والعملية ما زالت قيد التنفيذ.
نحن واجهنا مشكلة فيما يتعلق بحركة المطارات، حتى الأردن ومصر تأخرتا في إجلاء رعاياهما، ولديهما حسبة ونحن نتفهمها، للتعامل مع جائحة كورونا باتباع طرق السلامة والوقاية أُسوةً بجميع الدول، نحن حصلنا على موافقة بتسيير رحلات للملكية الأردنية لإجلاء رعايانا في 22 من شهر أيار الماضي، وبدأت العملية الفعلية في 18 حزيران الماضي، حينما بدأت أُولى الرحلات التي أقلّت عالقين وصلوا إلى أرض الوطن.
س: هناك حديث عن تقصير لدى بعض سفاراتنا في العالم بقضية العالقين، هل ستحققون بذلك؟
ج: نعم سنحقق، وهذا أمر ضروري، نحن قمنا بالتحقيق ببعض التقصيرات التي حدثت، وعملية الإجلاء كبيرة جداً، كما أنني وبشكل شخصي وأنا أستقبل حافلات العالقين العائدين، في معسكر النويعمة بأريحا، أصعد لكل حافلة تقريباً، وأُهنئهم بسلامة الوصول، وأُبلغهم تحيات الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء محمد اشتية ووزير الخارجية د. رياض المالكي، وجميع المسؤولين الفلسطينيين، وأعتذر لهم عن أي تقصير بدر منا أو من سفاراتنا إزاء أي حدثٍ حصل أثناء وجودهم عالقين أشهُراً طويلةً أو أثناء رحلة عودتهم في أحد المطارات.
نحن بشر ولنا أخطاء، لكن والحمد لله نستطيع أن نقول إننا بذلنا 100% من جهودنا، وعملنا على مدار الساعة، وعملنا على مدى 150 يوماً لتأمين وصول العالقين إلى أرض الوطن، نحن تابعنا بعض التقصيرات، وعوّضنا هذه التقصيرات من خلال جهد مركزي، سواء من خلال السفارات الفلسطينية الموجودة في الدول القريبة، أو من خلال جهد مركزي تابعناه في مقر وزارة الخارجية الفلسطينية.