ترى الأحزاب اليمينة الأوروبية المتطرفة أن وباء الكورونا قد أيَّد أطروحاتهم التي لطالما دافعوا عنها من دعوات لإغلاق للحدود والإنكفاء على الذات والتأكيد على إنعدام جدوى الإتحاد الأوروبي وتخريب الأجانب للبلاد، وهم يقدمون خطابهم السياسي أيضا من خلال هذه الدعايا. والحقيقة؛ أن دولا كالنمسا والمجر اعترف مسؤولوها أن التضامن الأوروبي لا يعدو أن يكون سوى أسطورة، حيث لم تغلق الحدود على خارج الاتحاد الأوروبي فقط بل بين دوله أيضاً، ولم يتمكن الإتحاد الأوروبي من إتخاد تدابير مشتركة وانغمست كل دولة قومية في همومها باحثة عن حل لإنقاذ نفسها، لم تُعطى حتى الكمامات لإيطاليا العضو المؤسس في الإتحاد الأوروبي والتي ضربها الوباء بشكل مأساوي بالرغم من طلبها، عٌلقت برامج اللجوء حتى إشعار آخر، أخذ اليمين المتطرف يعتبر هذه التطورات كخطوات تثبت أطروحاته المتمثلة في أن “الحل يكمن في دولة قومية منغلقة” وأن كل ما هو قادم من الخارج وكل ما هو أجنبي سئ ولا يمكننا الثقة في أي أحد غير أنفسنا.
في الوقت الذي يتسابق العالم فيه لاتخاذ جميع الخطوات اللازمة لاحتواء وباء كورونا، يطل بعض العلماء من ليدلوا بتصريحات عنصرية حول إفريقيا باتخاذها حقلاً ضخماً لتجاربهم على لقاح ضد فيروس كوفيد19.
في الأوقات التي لا توجد فيها أزمات حقيقية تميل الجماهير للإنسياق وراء سيناريوهات الكارثة الظنية والانغماس في مناخ الرعب والقيام باختيارات غير واقعية، ولكن في لحظات الأزمات الحقيقية التي تتعرض فيها حياة الناس للخطر لا يطالب الناس بخطابات أيدولوجية براقة ووهمية ولا بدعايا إنقسامية وإنما بخطوات واقعية بإتجاه حل الأزمة، وتزداد الرغبة في الدولة القوية والسياسة الواقعية حتى ولو كانت قاسية، في مثل هذه الأوقات لا يبحث الناس عن الفرضيات الخيالية والخطابات الشعبوية وإنما عن العلم الحقيقي والإحترافية والخبرة، ولكن داخل الأحزاب اليمينة المتطرفة التي لم تُجرب في السلطة إلى الآن لا توجد تجربة إدارة سياسية كهذه ولا موقف علمي مسيطر، المعارضة اليمينية المتطرفة تريد إثبات عجز الحكومات الحالية عن حل الأزمة باستخدام إدعاءات لا أصل لها ونظريات مؤامرة، في حين أن الشعوب في حالات الأزمات الحقيقية لا تنشد دلالي الكارثة بل تنشد دولاً قوية محل ثقة.
وتجلت مظاهر العنصرية خارج الأحزاب من بعض الفنانين كما حدث في حديث الفنانة الكويتية حياة الفهد التي طالبت بطرد الأجانب ، وقيام السعودية بترحيل عشرات الالاف من الاثيوبيين .وكا حدث في التغريدات العنصرية من قبل كتاب لبنانيين حول مخيمات اللاجئين الفلسطنيين .
التقطت سلطات الاحتلال الإسرائيلية الأزمة العالمية واستغلت حالة الخوف المشروعة، وبدأت في فرض سياساتٍ جائرةٍ وإصدار قراراتٍ قاسية بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة، بحجة أنها تريد أن تحمي مستوطنيهم وتقيهم من خطر انتقال فيروس كورونا إليهم، فأصدرت أوامر عسكرية بإغلاق المعابر، ومنع انتقال العمال والتجار والمرضى ومرافقيهم، وأقفلت حركة الشاحنات ونقل البضائع إلى قطاع غزة، وشددت الحصار المحكم المفروض عليه، رغم علمها أن مستشفيات القطاع تعاني من نقصٍ حادٍ في الأدوية والمستحضرات والأجهزة الطبية، وأنها لا تستطيع أن تستوعب كل الحالات المرضية لعدم جاهزيتها، فضلاً عن افتقارها التام لأدوية الكورونا وأجهزة الفحص المبكر لها،لكن أسوأ استغلالٍ إسرائيلي لفيروس كورونا، هو قيام سلطات الاحتلال بتنفيذ بعض بنود صفقة القرن في ظل غفلة دول العالم وانشغالهم بهذا المرض، فهي تقوم بتوسيع المستوطنات وبناء المزيد من الوحدات السكنية فيها.
يبدو ان فايروس الكرونا استطاع ان يكشف عن نوايا الكثير من العنصريين علما ان هذا الفيروس نفسه ليس عنصريا.