والتي اسمتها الإدارة الأمريكية بصفقة القرن والتي أنا بدوري أتحفظ على هذه التسمية وأصمم على تسميتها بالصفقة الأمريكية الإسرائيلية، بالكثير من الخطوات التي ساذكرها لاحقا.
لن أُطيل الحديث في هذه المقالة لأن العالم العربي انشغل انشغالاً كبيراً ، وأخذت هذه الصفقة الحديث الطويل دون أن يطرق للولايات المتحدة الأمريكية أو الإسرائيلية جفن و كأنهم يقولون لنا " على بال مين يلي بترقص بالعتمة "، وقد أكون قاسي بالكلام ولكن سأتحدث بمصارحة وموضوعيّة مجرّدة وكأني بعيد عن آثار هذه الصفقة ولذلك سأرد على الصفقة الأمريكية من خلال المنطلقات والردود التالية :
أولاً : من حيث القيمة القانونية؛ بإيجازٍ شديد جدا، لا يوجد قيمة قانونية لهذه الصفقة من ناحية القانون الدولي ، وبالتالي فإن هذه الصفقة طالما أن الفلسطينيين أعلنوا رفضهم لها فهي لن تكون ملزمة لهم بشيء ولن يترتب عليهم أي استحقاق يُذكر ، لأنه وببساطة شديدة، إن القانون الدوليّْ نظّم طبيعة الإتفاقيات بين الدول وجعل لها إطار قانوني ناظم من شأنه أن يوفر الحماية الدولية لأي اتفاقية دولية تحظى بمباركة المجتمع الدولي ، وحيث أن هذه الصفقة هي صفقة أمريكية بامتياز ولم تحظَ بأي إجماع أو رضى دولي فهي عبارة عن رؤيا أمريكية إسرائيلية فقط تعني هاتين الدولتين و لا يمتد أي أثر قانوني أو غير قانوني لأي دولة أخرى ليست طرفاً في هذه الصفقة .
و أمّا الشعب الفلسطيني فعليه أن يستمر بما بدأ به منذ أعوام و هي خوضه لمعركة قانونية دولية في مختلف المحافل الدولية و أمام جميع المحاكم الدولية دون الإلتفات لهذه الصفقة ، بل على العكس على الفلسطينيين أن يتقدموا خطوات بوتيرة أسرع على أن تكون مدروسة قانونيا بشكل كامل اتجاه الجنائية الدولية، ومحكمة العدل الدولية خاصة " إذا أقدمت إسرائيل على ضم الأغوار إلى سيادتها العسكرية الاحتلالية " وان يتم التوجه الى محكمة العدل الدولية في هذا الخصوص لانتزاع قرار دولي نستطيع من خلاله الاستناد عليه مستقبلا أمام مجلس الأمن وسائر المنظمات الدولية .
ثانياً : الرد الرسمي الفلسطيني؛ على المستوى السياسي او القيادي الفلسطيني فيجب ان يتم اتخاذ جملة من القرارات التي من شأنها أن تترك أثراً لدى الطرف الإسرائيلي كما تتم تسميته بموجب " أوسلو" ومن هذه القرارات التي صرخ الشعب الفلسطيني مرات ومرات وهو يُناشد قيادته التنصل والافتكاك من سطوة التنسيق الأمني لذلك على القيادة الفلسطينية ان تبدأ بمباشرة :
- انهاء التنسيق الأمني: دون الحديث في التفاصيل فقط الوقوف عند هذا الموضوع لا يستلزم أكثر من الإعلان عن إنهاء التنسيق الأمني مع توافر البدائل طبعا والإحتياطات اللازمة لمثل هكذا قرار، لأن المضطلع على موضوع التنسيق الأمني يُدرك ان وقف مثل هكذا قرار له تبعات كبيرة وكثيرة ، و لكن الجرأة تقتضي والموقف الوطني يقتضي حتماً الغاء وإنهاء التنسيق الأمني بالرغم من كل التبعات و الآثار التي يتطلبها مثل هكذا قرار .
- الإنفكاك الإقتصادي: أعتقد أن أمره مفهوم وواضح ولكن للأسف فالسلطة الوطنية الفلسطينية و منذ تأسيسها كانت مُكبلة باتفاقية باريس التي حرمت ومنعت السلطة من القيام بالمشاريع الإقتصادية اللازمة لتمكين البنية الإقتصادية الفلسطينية، و بناء عملية إكتفاء ذاتي للمجتمع الفلسطيني ، ولكن أستطيع القول رُغماً أني لستُ خبيراً اقتصاديّاً بأنّ ما نملكه حالياً في مواجهة السطوة الإقتصادية الإسرائيلية والأمريكية أيضاً هو القيام فوراً رسمياً وشعبيا و الدور الشعبي أهم من الرسمي، بثقافة المقاطعة للبضائع والمنتجات الاسرائيلية والامريكية، فها نحن نلاحظ و للأسف أن محلاتنا تملأها البضائع و المنتجات الاسرائيلية وأن هناك بعض العلامات التجارية لبعض المطاعم الأمريكية ، فيجدر بنا رسميا و شعبيا البدء فورا في هذه المقاطعة .
- ثالثا : إنهاء الإنقسام و إعادة الاعتبار لمنظمة التحرير وتجديد الشرعيات. ببساطة شديدة ان الانقسام الفلسطيني الداخلي كان البوابة للكثير من الإنتكاسات السياسية والقانونية الفلسطينية، و أن استمرار الانقسام يعني حتما التماهي والتعاطي مع الصفقة الأمريكية، ولن أخوض في هذا الموضوع كثيرا ولكن يجب انهاء الإنقسام دون النظر الى التفاصيل و تجاوز كل الخلافات الجانبية وتغليب المصلحة الوطنية على أي مصلحة حزبية او فئوية أخرى و بذات الوقت إعادة تفعيل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية و اعادة الاعتبار والتعامل على أن منطمة التحرير هي الممثل الشرعي و الوحيد للشعب الفلسطيني و ليست السلطة .
- القدس: إنَّ أهم رد على الصفقة الأمريكية يكمن في دعم مؤسسات القدس والبدء فورا في حملة مناصرة و إسناد ودعم مالي وشعبي ومعنوي ورسمي لمؤسسات القدس ومنعها من الإنهيار وتقويتها وتنميتها وتمكينها مثل "جامعة القدس وشركة كهرباء القدس ومستشفى المقاصد ومستشفى المُطَّلع وجريدة القدس" ودعم الحرم القدسيّ الشريف، وكنيسة القيامة وكافة مراكز الاطفال والمراكز الثقافية والعمل ليل نهار مع الشباب المقدسي المخلص لمدينته بعيدا عن أي انتماء على محاربة ظاهرة تفشي الجريمة المنظمة كالمخدرات و القتل والسرقة وغيرها من الجرائم و ان يتم تشكيل لجان شعبية ولجان أحياء داخل القدس .
بالنهاية، ان الصفقة الأمريكية لم تكن مجرد إعلان أعلنه ترامب، بل مخطط سيبدأ تطبيقه في المراحل والأيام القادمة وبالتالي فأن الانسان الفلسطيني سيكون متلقي ويتعامل بردة الفعل، ولذلك علينا كفلسطينيين أن نُعيد تنظيم أنفسنا وصفوفنا و أن يكون الشعار لدى الجميع فلسطين الوطن وأن الرد على الصفقة الأمريكية يكون بإعلان الدولة الفلسطينية على كامل تراب فلسطين من النهر إلى البحر وان القدس كل القدس هي عاصمة الدولة الفلسطينية وان نعود جميعا الى ما قبل اوسلو، وان يعود العالم كله الى مربع الصفر وان تعود القضية الفلسطينية قضية مؤرقة لكل دول العالم يسعى الجميع لحلها و ايجاد حلول لهذه القضية.
فلسطين هي قضية وليست صفقة امريكية او عربية او اوروبية، فلسطين ارض عربية من نهرها الى بحرها .. عاشت فلسطين و عاشت الوحدة الفلسطينية الوطنية و المجمتعية و المحلية و عاش حق العودة .
*عضو مجلس نقابة المحامين