وكانت السيدة قد أصيبت بجراح خطيرة بعدما فقدت السيطرة على سيارتها وتجاوزت حاجز أمن حيث أإعتقد الحراس أنه هجوم وأطلقوا النار عليها.
ربما مرّ البعض مرور الكرام على هذا الخبر، دون التمحيص في دلالته. وأخرون تمعنوا ورددوا مقولة " كل شىء يحمل في داخله ضده".
إن هذا الجندي المتمرس خلف كتلة إسمنتية عند أي حاجز ويده على الزناد وكل حواسه متحفزة، ليس مثالا للجندي المنضبط المنفذ للأوامر، بل هو مرعوب أيما رعب، لدرجة الهذيان والجنون، فهو مشدود الأعصاب وجاهز لإفراغ رصاصات رشاشه دون تلقي أوامر وبعد إنتهاء الرصاصات جاهز للفرار وقد بال على نفسه إن كان قادرا أصلا على الفرار.
وقد وصل هذا الرعب ليس فقط إلى أولئك الجنود على الحواجز ذات التماس المباشر مع الفلسطينيين بل أي حاجز في عمق الكيان الاحتلالي، ووصل الرعب الى إنتهاج سياسة " أطلق الرصاص لتقتل" وليس " لصد الاعتداء أو شل المعتدي".
وأزيدكم من الشعر بيت أيها الأحبة، وأنتم تعلمون ذلك جيدا، فشل كيان الاحتلال في " إتفاقيات السلام" التي أبرمها مع بعض الدول العربية، ظلت هذه الاتفاقيات محصورة بين الأنظمة ولم تر إمتداد لها بين جماهير الشعب العربي، ولا يغرنكم أفعال فردية يقوم بها بعض المتصهينين هنا وهناك.
وللمعجبين في التقدم والرقي في كيان الاحتلال الغاصب، ألا تشاهدونهم عند شواطىء البحر وهو يرتدون ملابس السباحة لكنهم يمتشقون البنادق. ألا يرى من يذهب من بيننا للتبضع في أسواقهم – وأنا ضد ذلك - كيف يرتعبون عندما سماع اللغة العربية.
كل شىء يحمل في داخله ضده، أرادوا أن يظهر كيانهم قويا، ركزوا على التفوق العسكري، أمعنوا في القتل والتشريد والتدمير، سجنوا أهلنا في قطاع غزّة في سجن كبير، وجهوا ضربات في العمق اللبناني والسوري، بل والسوداني والعراقي، نفذوا عمليات إغتيال في كافة أنحاء العالم، هددوا وعربدوا، فجاء الضد، إستحالة التعايش السلمي، إستحالة المغفرة، إستحالة النسيان، زيادة الحقد والكراهية.
فلم يكن أمامهم إلا أن يتمترسوا، داخل جدار إسمنتي، رسموا حدودهم بأنفسهم لأنفسهم، أسقطوا أوهامهم بإقامة دولتهم من المحيط الى الخليج، فليس أمامهم إلا أن يتمترسوا خلف فزاعة " الأمن".
إنظروا، كيف خرج طلاب جامعة بريطانية من محاضرة لسفير الكيان، كيف يتحدث أحد المسنين من بينهم كان قد شارك في مجزرة قتل وتهجير عام 1948 ويصف حالته النفسية، كيف أخفقوا في "تهويد" من قاموا بإستقدامهم من بلدانهم، تجدوا في كيانهم تجمعات اليهود من روسيا وأوكرانيا يعيشون حياتهم وعاداتهم وتقاليدهم ويتكلمون لغة بلادهم، إنظروا الى حراك المهمشين من يهود إثيوبا والقارة الافريقية، حتى المستعمرات التي أقاموها في الاراضي المحتلة، فقد تم إخلاء مستعمرات قطاع غزة، ولا يوجد في القطاع أي من مواطني دولة الاحتلال، وحتى مستعمرات الضفة الغربية فهي عبارة عن سجون صغيرة لهم " كانتونات" لم تفلح جهودهم في السعي للتعايش مع القرى المجاورة، وإن حدثت بعض الحالات، فهي فردية.
لماذا أكتب ذلك كله؟
بصراحة ... كي أناقش به كل من يظن أننا نسير الى الحضيض، وكل من تولد لديه يأس، أو إحباط ... تذكروا الطاهر وطار في روايته " اللاز" وهو يقول ... ما ببقى في الوادي .. إلا حجاره.
نحن حجاره البلد، ألم يقل لكم شاعرنا الراحل توفيق زياد ..
هنا باقون
كأننا عشرون مستحيل
في اللد , والرملة , والجليل
هنا .. على صدوركم , باقون كالجدار
وفي حلوقكم
كقطعة الزجاج , كالصبار
وفي عيونكم
زوبعة من نار
هنا .. على صدوركم , باقون كالجدار
نجوع .. نعرى .. نتحدى
ننشد الأشعار
ونملأ الشوارع الغضاب بالمظاهرات
ونملأ السجون كبرياء
ونصنع الأطفال .. جيلا ثائرا .. وراء جيل
كأننا عشرون مستحيل
في اللد , والرملة , والجليل
إنا هنا باقون
فلتشربوا البحرا
نحرس ظل التين والزيتون
ونزرع الأفكار , كالخمير في العجين
برودة الجليد في أعصابنا
وفي قلوبنا جهنم حمرا
إذا عطشنا نعصر الصخرا
ونأكل التراب إن جعنا .. ولا نرحل
وبالدم الزكي لا نبخل .. لا نبخل .. لا نبخل
هنا .. لنا ماض .. وحاضر .. ومستقبل
كأننا عشرون مستحيل
في اللد , والرملة , والجليل
يا جذرنا الحي تشبث
واضربي في القاع يا أصول
أفضل أن يراجع المضطهد الحساب
من قبل أن ينفتل الدولاب
لكل فعل رد فعل:- ... إقرأوا
ما جاء في الكتاب