اطلس- بينما تشتد حمى الانتخابات على مقاعد الكنيست بين اليمين المتطرف والأكثر يمينية، وسط توقعات بعدم قدرة "ملك إسرائيل" على الاحتفاظ بالعرش، فإن العديد من المحللين يرون صعوبة عودته للحكم، وعدم قدرته على تأمين أغلبية مريحة لتشكيل الحكومة.
ومن المقرر أن يتوجه الناخبون الإسرائيليون إلى صناديق الاقتراع يوم السابع عشر من الشهر الجاري، إذ تتنافس 31 قائمةً انتخابيةً على 120 مقعدًا في الكنيست الإسرائيلي (البرلمان) الثاني والعشرين.
"القدس" دوت كوم حاورت كُتّابًا ومحللين ومختصين بالشأن الإسرائيلي لقراءة واقع الانتخابات الإسرائيلية المقبلة، في ظلّ محاولات نتنياهو المُستميتة الفوز بتلك الانتخابات.
31 قائمة تتنافس على 120 مقعدًا في الكنيست
تتنافس 31 قائمة انتخابية، الثلاثاء المقبل، على 120 مقعداً في انتخابات الكنيست الإسرائيلي، وتُعد قوائم: الليكود، أزرق أبيض، القائمة العربية المشتركة، المعسكر الديمقراطي، تحالف "يمينا"، شاس، يهدوت هتوراة، العمل، "إسرائيل بيتنا"، صاحبة الوجود الفعلي بين تلك القوائم الـ31، فيما المتبقية لا وزن انتخابياً لها.
وتوجَد أحزاب صغيرة أبرمت اتفاقيات مع الأحزاب الكبيرة، كحزب الهوية برئاسة موشيه فايغلين الذي وقّع اتفاقاً مع الليكود ليتنازل عن مقاعده لصالح الليكود مقابل منحه وزارة، فيما حزب اليمين الجديد برئاسة شاكيد وبينيت اتفقا مع حزب البيت اليهودي ليشكلا قائمة "يمينا"، أما المعسكر الديمقراطي فيضم حزب إسرائيل الديمقراطية بزعامة أيهود باراك وحزب ميرتس، علاوةً على وجود شخصياتٍ عسكريةٍ وسياسيةٍ قديمةٍ انضمت إليهم، وكانت محاولةً لضم القائمة العربية المشتركة، لكنها فشلت، أما حزب "أزرق- أبيض" فيمثل رئيسه بيني غانتس وشريكه زعيم حزب "هناك مستقبل" يائير لابيد وشريكهم الثالث حزب "تيليم".
ويجب أن تزيد نسبة الحسم لأي حزب عن 3,25% من أجل الحصول على مقعدٍ واحدٍ على الأقل، بمعنى أنّ كل 160 صوتًا انتخابيًا تحقق الحصول على مقعدٍ واحدٍ فقط، ويصل عدد الناخبين نحو 6 ملايين و400 ألف شخص، ويوجد نحو 700 ألف إسرائيلي في الخارج لا يستطيعون الانتخاب سوى موظفي السفارات.
يجب أن تحصل القائمة الانتخابية على 61 مقعدًا فأعلى من أجل أن تشكل الحكومة المقبلة، وبذلك تخرج من المراهنة على القوائم الأُخرى وعدم اللجوء إلى تحالفات.
يخوض فلسطينيو 48 الانتخابات من خلال القائمة المشتركة التي تضم (الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، والتجمع الديمقراطي، والقائمة العربية الموحدة، والحركة العربية للتغيير)، فيما يُوجَد حزب عربي واحد خارج القائمة العربية المشتركة، لكنه من المتوقع أن لا يحقق نسبة الحسم، ويوجَد 950 ألفاً من فلسطينيي 48 هم أصحاب حقٍّ بالاقتراع.
ومن أبرز القوائم التي ستخوض الانتخابات المقبلة: حزب الليكود بزعامة نتنياهو، وحزب "أزرق- أبيض" بزعامة بيني غانتس، والقائمة العربية المشتركة بزعامة أيمن عودة، والمعسكر الديمقراطي بزعامة أيهود باراك، وتحالف يمينا بزعامة إيليت شاكيد، و"شاس" بزعامة أرييه درعي، و"يهدوت هتوراة" بزعامة يعقوب ليتسمان، وحزب العمل بزعامة عمير بيرتس، و"إسرائيل بيتنا" بزعامة أفيغدور ليبرمان.
شلحت: احتمالية سقوط نتنياهو ستشكل فاتحةً لواقعٍ جديد
يوضح المختص بالشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت، في حديث لـ"القدس"دوت كوم، أنّ سقوط نتنياهو عن عرش اليمين بات محكوماً قبل أيّ شيءٍ بفشله في تأليف الحكومة المقبلة، وفي حال نجاحه في تأليف الحكومة سيبقى مُتربعاً على عرش اليمين، وحال سقوط نتنياهو سيشكل ذلك فاتحةً لواقع جديد، لكنه لن يعني عدم بقاء حكم اليمين، فالخارطة السياسية الإسرائيلية باتت تحوي مركباً يمينياً واضحاً ومركباً وسطياً أقرب إلى اليمين، وما عاد هناك موقعٌ مؤثرٌ حينما تواضعنا على تسميته اليسار الصهيوني.
ويشير شلحت إلى أنه يصعب تقدير فرص فوز نتنياهو، لكنها ليست معدومة، فهو يركز المعركة الآن على تحقيق نتيجة أكثر من 60 مقعداً لحزبه الليكود وحلفائه الطبيعيين من أحزاب اليمين الاستيطاني وأحزاب الحريديم، حتى تسقط حاجته إلى حزب "إسرائيل بيتنا" بزعامة أفيغدور ليبرمان، وكذلك من الصعب التكهُّن من الآن، فيما إذا كان عدم تحقيقه مثل هذه النتيجة سيعني سقوطه، فقد تكون هناك أحزاب مستعدة للانضمام إليه، على غرار تحالف حزبي العمل وغيشر، أو أحد أحزاب تحالف "أزرق- أبيض"، ويمكن القول إنّ فُرَص نجاح نتنياهو تُعادل فرص سقوطه.
وبرأي شلحت، فإنه في حال فوز نتنياهو، من المتوقع على المستوى الداخلي أن يُصعّد هجومه على ما يسمى "حراس التخوم"، وبالأساس الجهاز القضائي والإعلام، كي ينجو من احتمال سجنه بشبهات فساد، وعلى المستوى الخارجي سيواصل محاولاته سد الطريق على أي تسويةٍ عادلةٍ للقضية الفلسطينية بحسب رؤيته الخاصة بضم مناطق من الأراضي المحتلة العام 1967 متسلحاً بدعم الإدارة الأميركية.
وفي حال عدم فوزه، يوضح شلحت أنه متوقعٌ أن ينشغل بديله بقضايا داخلية، وعلى مستوى السياسة الخارجية لا توجد إشاراتٌ قويةٌ إلى أنه سيحدث اختراقٌ في مفاصل السياسة الخارجية الإسرائيلية، خاصة ما يتعلق بالفلسطينيين، لذا يجب عدم التغاضي عن عوامل أُخرى قد تؤثر، منها العامل الفلسطيني والعاملان الإقليمي والدولي.
وتطرق شلحت إلى إعلان تأجيل الإدارة الأميركية الشق السياسي من صفقة القرن إلى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية، مؤكداً أن الهدف منه مساعدة نتنياهو على الفوز في الانتخابات، حتى لا ينشأ وضعٌ افتراضيٌّ تكون فيه اعتراضات إسرائيلية على بعض البنود، ما قد يُحرج نتنياهو في حمأة معركة الانتخابات، من دون أن يعني ذلك أن تلك الصفقة تنطوي على ما يُلبي التطلعات الوطنية الفلسطينية.
أبو غوش: تأجيل صفقة القرن عقب الانتخابات الإسرائيلية دعم إضافي لنتنياهو
يرى المختص بالشأن الإسرائيلي الصحافي نهاد أبو غوش، في حديث لـ"القدس"دوت كوم، أنّ إعلان الإدارة الأميركية تأجيل نشر صفقة القرن إلى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية هدفه الحد من المعارضة الفلسطينية والعربية والدولية، وتقليص ردود الفعل، وهو ما يشكل دعماً إضافياً لنتنياهو في سبيل تحقيق أفضل نتيجة له، مشيراً إلى أنّ صفقة القرن ليست نصاً ثابتاً، وبعضها جرى تنفيذه، وهي مجموعة رؤى لدى الإدارة الأميركية تتطابق مع رؤية اليمين الإسرائيلي المتطرف، عنوانها تقديم منافع اقتصادية لكل الأطراف العربية لتصفية حقوق الشعب الفلسطيني وتطبيع العلاقات في الإقليم لبناء شرق أوسط جديد.
ويشير إلى "وجود احتمالية قوية لسقوط نتنياهو عن عرش الحكم في إسرائيل، لأنه لم تحصل تغييرات منذ انتخابات نيسان حتى الآن من شأنها أن تُغيّر الخريطة السياسية والحزبية في إسرائيل، وبالتالي يُعاد إنتاج الخريطة نفسها التي كانت في السابع من نيسان، وسيكون الوضع صعباً جداً على نتنياهو، الذي قد يحصل على قوة الحزب الأكبر في الكنيست، لكن لن يكون بمقدوره تشكيل ائتلاف مستقر نظراً للضغوط التي يتعرض لها، خاصة من قائمة "إسرائيل بيتنا" برئاسة أفيغدور ليبرمان، واحتمال الإطاحة بنتنياهو وارد، بالرغم من أننا لا نثق باستطلاعات الرأي التي تعكس توجهات الجمهور في لحظة إجرائها".
ويرى أبو غوش أنه توجَد فرصٌ لنتنياهو لتشكيل الحكومة، وما زال نتنياهو يُظهر سماة الزعامة، ما يجعل جمهوراً كبيراً يرى فيه شخصيةً قويةً لقيادة إسرائيل، علاوةً على الدعم المفتوح من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خاصة قيام نتنياهو بمجموعةٍ من الخطوات الاستراتيجية في محاولة القضاء على حل الدولتين، واعتبار المستوطنات شرعية، وتشجيع الاستيطان، وإقرار قانون القومية، والانتقاص من الحقوق المدنية لفلسطيني 48، فهذه تعتبر إنجازات لنتنياهو في سوق المزاودات التي تستقطب تأييد الناخب الإسرائيلي، وقد تحدث تطورات قبل الانتخابات كتحقيقيات الفساد بحق نتنياهو أو تطورات أمنية تُظهر فشل فرض الأمن والأمان، ما قد ينتقص من رصيده في الانتخابات.
ولا يرى أبو غوش فارقاً في مَن سيشكل الحكومة الإسرائيلية بعد الانتخابات المقبلة، إذ إنه يرى وجود تنافس بين اليمين المتطرف والأكثر تطرفاً، وكلاهما ينطلق من قانون القومية والحكم الذاتي المحدود سقفاً لطموحات الفلسطينيين، بالرغم من وجود فروق شخصية بالشخص الذي يقود إسرائيل في المرحلة المقبلة، وفوز نتنياهو تزكية من حلفائه ومن المجتمع الإسرائيلي لكل السياسية القمعية والتوسعية والعنصرية، وسيكون ذلك توطئةً لإعلان نظام أبارتهايد رسمي مع هضم الحقوق المدنية للفلسطينيين، وفي حال فاز حزب "أزرق- أبيض"، فستكون الأرضية نفسها، وسيُجرب الحزب حظه ببعض العلاقات العامة والخارجية، لكن في الجوهر السياسات نفسها التي عمل عليها نتنياهو، هناك إمكانية أن يخترق نتنياهو "أزرق- أبيض" أو العكس.
وفيما يتعلق بالأحزاب العربية التي ستخوض الانتخابات الإسرائيلية، فإنها نجحت بتجاوز الخلل الذي رافق انتخابات شهر نيسان، وأعادت توحيد صفوفها، ولن تتمكن من ردم الفجوة بينها وبين الجمهور العربي العريض، ودفعت الفجوة قسماً كبيراً للاستنكاف عن التصويت الذي وصل إلى 50%، وهناك ثلث العرب صوتوا لأحزاب إسرائيلية، وفق أبو غوش، الذي أكد أن جمهور فلسطينيي 48 يمكنه أن يُحسّن فرصه وأن يحصد 27 عضو كنيست، لكن ذلك صعب، والطموح الآن أن يصل ما بين 13-15، وهو أمر يبقى رهن زيادة نسبة الاقتراع، ومنع الصوت الفلسطيني من أن يتجه نحو الأحزاب الإسرائيلية.
ويشير أبو غوش إلى أن "خوض الأحزاب العربية المعركة الانتخابية هو جزء من إثبات وجودها في كامل حقوقها السياسية والمدنية، أما تأثيرها على تشكيل الحكومة القادمة فأنا أستبعد أن يكون للأحزاب العربية دور في التأثير على التركيبة السياسية في إسرائيل، فيما لفت إلى تصريحات رئيس القائمة العربية المشتركة أيمن عودة حول إمكانية التحالف مع أحزاب إسرائيلية، وقال: "إن تصريحات عودة أُسيء تفسيرها، فقد أشار فيها إلى إنجاز حل سياسي حاسم بإقامة دولة فلسطينة والتراجع عن قانون القومية، وهو ربط المشاركة بتلك الشروط، وهي تبدو الآن مستحيلة، لكن يمكن أن يكون طرح الأمر في فترة الانتخابات غير مناسب".
>شاهين: أربعة احتمالات لتشكيل الحكومة الإسرائيلية المقبلة
يبدو أننا أمام أربعة احتمالات لتشكيل الحكومة الإسرائيلية المقبلة عقب الانتهاء من الانتخابات، حيث يوضح مدير البرامج في مركز مسارات لأبحاث السياسات الكاتب والمحلل السياسي خليل شاهين، في حديث لـ"القدس"دوت كوم، أن تلك الاحتمالات إما بتشكيل حكومة يشكلها نتنياهو والأحزاب اليمينية، أو ربما حكومة يشكلها حزب "أزرق- أبيض"، وإما حكومة وحدة وطنية، وإما مأزق جديد وعدم تمكن أيّ حزبٍ من تشكيل الحكومة المقبلة، وهو أمرٌ يُدخل إسرائيل في مأزقٍ يكون الأول في تاريخها منذ تأسيسها.
وفي الفترة الأخيرة يحاول نتنياهو تأجيل الانتخابات بالعودة إلى قضية التزوير في الانتخابات السابقة، أملاً بتحويلها إلى المحكمة الإسرائيلية المركزية، وهو احتمالٌ ضعيفٌ جداً، خاصةً أنّ تأجيل الانتخابات سيُدخل إسرائيل بأزمةٍ أكبر في حال عدم القدرة على تشكيل حكومة، وتأجيل الانتخابات يعني استمرار وجود حكومة لا تقدر على اتخاذ قرارات مع وجود قرارات ضم الضفة أو التوتر في الشمال، وإمكانية التوتر مع قطاع غزة، فالتاجيل أمر مستبعد، يشير شاهين.
ويلفت شاهين إلى أن فرص نتنياهو في تشكيل الحكومة المقبلة متعادلة، بحسب استطلاعات الرأي، وستكون الحظوظ مُماثلةً لنتائج الانتخابات السابقة.
ويقول: "أعتقد أن فرص نتنياهو في تشكيل الحكومة أفضل، فكتلته الكتلة اليمينية القادرة على حصد مقاعد أكثر، لكن مع استمرار حزب (إسرائيل بيتنا) بزعامة ليبرمان، توجَد مصاعب على نتنياهو في تشكيل الحكومة ما لم تحدث تطوراتٌ تدفع اليمين للتصويت لصالح حزب الليكود، وهو ما يركز عليه نتنياهو في إطار حملته الانتخابية، وبكل الأحوال فإن التطورات المفاجئة لا تبدو مستبعدة، وقد يحقق نتنياهو بعض المكاسب، لأن الوزن الانتخابي للمستوطنين 13% من إجمالي المصوتين اليهود في إسرائيل، ودافعيتهم للاقتراع تزيد".
وفيما يتعلق بالقائمة المشتركة، يرى شاهين أنّ جزءاً كبيراً من وزنها في الكنيست القادمة يعتمد على نسبة إقبال فلسطينيي 48 على صناديق الاقتراع، وهي نسبةٌ لا توجَد عوامل تُحصّن زيادتها بشكلٍ كبير، فهناك أقل من نصف الأصوات، كما أنه بالكاد تُرى مظاهر لحملاتٍ انتخابيةٍ في القرى والبلدات التي يتواجد فيها الفلسطينيون في الداخل، وهناك أحزاب إسرائيلية تراهن على الصوت العربي، ولا بد من برنامج واضح ومحدد قادر على إقناع الناخب العربي بالدفاع عن حقوقه، في حال زادت نسبة الإقبال وتجاوزت 80% ممن يحق لهم الاقتراع فإن العرب سيحصلون على 20 مقعداً، وحتى الآن لا توجد توقعات سوى بالحصول على 11- 12 مقعداً بزيادةٍ طفيفةٍ عن الانتخابات الأخيرة.
ويُشير إلى عدم التوافق المسبق على عددٍ من القضايا لدى الأحزاب العربية، التي كان يجب أن تكون واضحةً قبل التوجه للانتخابات في داخل القائمة المشتركة، خاصةً تصريحات أيمن عودة حول إمكانية المشاركة مع أحزاب إسرائيلية في حكومة قادمة ولكن بشروط محددة، وهي إذا تمت ستدفع إلى الانقسام، ووحدة القائمة المشتركة يجب التمسك بها والحفاظ عليها كهدفٍ رئيسيٍّ في هذه المرحلة، وقد تؤدي نسبة الاقتراع وعدد المقاعد التي ستحصل ما بعد الانتخابات القادمة إلى انقسامٍ جديد، وإلى خروج إحدى الكتل من هذه القوائم.
وحول تأثير نتائج الانتخابات الإسرائيلية على الفلسطينيين، يقول شاهين: "لا توجد فروقات كبيرة، سواء من الليكود أو حزب غانتس، فبالنسبة للقضايا الأساسية، خاصةً ضم الضفة الغربية وفرض السيادة الإسرائيلية، فإن غانتس صرح أنه يقبل بحلٍّ تفاوضيٍّ مع استمرار السيطرة الإسرائيلية على الضفة وعلى منطقة الأغوار، ونتنياهو سبقه بخطوةٍ بضم الكتل الاستيطانية، ضمن محاولته استمالة اليمين بفرض كامل السيادة على المستوطنات، وهو أمرٌ مهمٌّ لكسب أصوات المستوطنين وعدم التفريق بين ما كانت تعتبره إسرائيل مستوطنات قانونية أو غير قانونية، وجعلها في سلةٍ واحدة، ما يطرحه نتنياهو هو أقصى التطرف فيما يتعلق بالضم، وما يطرحه غانتس أيضاً ضم، لكنه يريد عمليةً سياسيةً مع الفلسطينيين، مع تخليهم عن جزءٍ كبيرٍ من الأرض التي يريدون إقامة دولتهم عليها".
ويتابع: "أنا أعتقد أن الخطاب السياسي الفلسطيني آخذ بعين الاعتبار أنه لن يحدث تغيير، سواء تشكلت حكومة بزعامة نتنياهو أو غانتس، فهناك عوامل لدى غانتس قد تؤدي إلى تفجير الموقف بالكامل مع قطاع غزة، فهو وعد بضرب غزة واغتيال قادة حماس، وهذا يؤدي إلى التفجير".
ويقول شاهين: "لن تكون هناك عملية سياسية يمكن أن يُراهن عليها، وقرار القيادة الفلسطينية تعليق العمل بالاتفاقيات وليس إلغاء الاتفاقيات قرارٌ موارب، ونحن بانتظار الانتخابات الإسرائيلية، وربما نلجأ إلى إعادة التفاوض بشأن بروتوكول باريس أو بروتوكول الترتيبات المدنية، ما يعني أنّ القيادة الفلسطينية سوف تبقى تدور في حلقةٍ مُفرغةٍ دون اتخاذ خطوات، لكن لنرَ ماذا يمكن أن يحدث، وربما سيكون هناك توافق على العودة لمفاوضاتٍ مثلاً، أو العودة إلى جزئية تعديل ملاحق اتفاقية أوسلو، وندخل في دوامة أن الفلسطيني يريد أن يُناور وأن يستخدم العملية السياسية الزائفة لكسب مزيد من الوقت".
ويرى شاهين أنه في حال عدم نجاح أيٍّ من الطرفين في تشكيل الحكومة الإسرائيلية، سواء نتنياهو أو غانتس، وعدم تشكيل حكومة وحدة وطنية، فإن إسرائيل ستدخل في أزمة في نظامها السياسي.
مجلي: القائمة العربية المشتركة قد تكون زعيمة المعارضة ولها صفة رسمية
إمكانية سقوط نتنياهو عن عرش الحكم في إسرائيل واردة جداً في حال سارت الأمور بالشكل الطبيعي والقانوني، كما يُوضح الباحث في الشأن الإسرائيلي نظير مجلي في حديث لـ"القدس"دوت كوم، مشيراً إلى أنها المرة الأولى التي تُفتَح فيها فرصة حقيقة ليسقط نتنياهو خلال السنوات العشر الماضية.
ويشير مجلي إلى أن نتنياهو هو من دواهي السياسة الإسرائيلية، ولديه إمكانية لتقديم مفاجآت تؤدي لعودته إلى الحكم بالرغم من إمكانيات سقوطه، فهو يُدرك أنّ سقوطه يعني أنه سيصبح سجيناً في القريب، لذا فهو لا يُريد أن يصل إلى هذه المرحلة ويحارب بقوةٍ لأجل ذلك، ويستخدم كل الأدوات التي يمكن أن يتخيلها المرء، وليس بالضرورة أن تكون منطقيةً أو قانونية، كمحاولته الذهاب باتجاه مشروعٍ لإلغاء الانتخابات مبنيٍّ على تحقيقاتٍ قامَ بها طاقم محققين خاص استأجره الليكود، وأنه اكتشف -حسب ادعائه- أنّ هناك تزويراً بأُلوف الأصوات، ولولا التتزوير لفاز الليكود بأربعة مقاعد أُخرى، وعندئذ يُقيم الليكود حكومةً دون الحاجة إلى تقديم موعد الانتخابات.
"ومن الممكن، وفق مجلي، أن يعود نتنياهو إلى الحكم، لأن الاستطلاعات تُعطيه أكثرية، والفرصة لسقوط نتنياهو هي بسبب تصريحاتٍ لأفيغدور ليبرمان زعيم "إسرائيل بيتنا" أن حزبه اتخذ موقفاً بأنه لن يؤيد حكومة يمين بزعامة نتنياهو، لكن إذا تخيلنا أن نتنياهو عرض على ليبرمان هذه المرة الدخول بحكومة وحدة وطنية، بحيث يحصل ليبرمان على ثلاث وزارات، بينها: وزارة الدفاع ومنصب القائم بمنصب القائم بأعمال رئيس الحكومة، فإنّ الاحتمال أن يقبل ليبرمان بذلك، ويُغيّر رأيه، فهو براغماتي وسياسي وتكتيكي.
وفيما يتعلق بالأحزاب العربية، يوضح مجلي أنها ارتكبت عدداً كبيراً من الأخطاء أدت إلى زعزعة الثقة بينها وبين الجمهور العربي، فهي لم تحافظ على القائمة المشتركة وفكّكتها لأسبابٍ شخصيةٍ لقادة بعض هذه الأحزاب، ما جعل الجمهور ينظر إلى ذلك بشيءٍ من التبرم، ثم امتنع الجمهور عن التصويت بنسبةٍ عالية.
ويتابع: الآن هذه الأحزاب انتبهت لهذا الخطأ متأخراً، وعادت اللحمةُ إلى القائمة المشتركة التي بدأت تُفكر بتكتيكاتٍ انتخابيةٍ جديدة، إذ خرج رئيس القائمة أيمن عودة باقتراحٍ حول إمكانية مشاركته مع حكومةٍ من اليسار الإسرائيلي ضمن شروط، أهمها: التعهد باستئناف المسيرة السلمية، وإنهاء الاحتلال، والذهاب إلى دولتين لشعبين، وتحقيق المساواة، وإلغاء قانون القومية، ووقف هدم الأبنية، وعدد من المطالب الأُخرى، وهو تفكيرٌ جديدٌ لم يجرؤ عليه القادة السياسيون في السنوات العشرين الأخيرة، فهو استطاع أن يستردّ الثقة بالقائمة في أوساطٍ غير قليلةٍ تؤيد هذا التوجه، وهناك حظوظٌ للأحزاب العربية بحصدها مقاعد أكثر، لكنّ امتناع العرب عن التصويت يعني تراجعاً في حظوظ الأحزاب العربية.
ويوضح مجلي أن القائمة المشتركة قد تكون رئيسة المعارضة، وهو منصبٌ رسميٌّ في إسرائيل، ويُعامَل رئيسها كشخصيةٍ رسمية، ويخطب في الكنيست وراء رئيس الحكومة دائماً، ويلتقي رؤساء ووزراء يحلّون ضيوفاً على إسرائيل، وبالتالي فإنّ دور القائمة المشتركة مُهم في طرح أفكارها، والمساهمة في طرح قضايا شعبنا، صحيح أننا ننتقد بعض القضايا الشخصية في تلك الأحزاب، لكنها بالتأكيد أحزاب وطنية.
ويؤكد أنّ خطة نتنياهو الحالية مبنيةٌ على رفع نسبة التصويت عند اليهود، وكسب مزيدٍ من الأصوات، وهو يقوم بمنافسة اليمين المتطرف في قلب بيته حتى يكون الكتلة الأكبر، فمن المعروف أنّ الرئيس الإسرائيلي يُكلّف زعيم الكتلة الانتخابية الأكبر بتشكيل الحكومة، وفي حال فشل نتنياهو بجلب أصوات لصالحه ربما يذهب إلى وسائل أُخرى، ويُفكر أيضاً بعددٍ من المكاسب مثلاً، كأن يُقدّم له ترامب هديةً بالإعلان عن توفير الحماية لإسرائيل في حال الاعتداء عليها، وهناك حديث عن زيارة نتنياهو لروسيا أو العكس، ولا بد من الإشارة، أيضاً، إلى أنّ أموال حزب الليكود تُسخَّر اليوم كي يفوز نتنياهو في الانتخابات، علاوةً على أفكارٍ أُخرى لها تأثير في الشارع الإسرائيلي.
وفيما يتعلق بتأجيل الإدارة الأميركية لصفقة القرن، يقول مجلي: "إنّ ترامب قرّر أن يُعلن صفقة القرن بعد الانتخابات الإسرائيلية، فإنه إذا أعلنها قبل الانتخابات سيُحرج نتنياهو، حيث إنه يوجد فيها عددٌ من الأُمور التي لا يحتملها نتنياهو، فصفقة القرن لا يُمكن لها أن تُنكر وجود احتلالٍ لأراضي 1967، "فهم لن يُحرجوه أمام ناخبيه، ولن يعلنوا الصفقة".
ووفق مجلي، فإنه في حال خسر نتنياهو سيكون غانس رئيساً للحكومة الإسرائيلية المقبلة، وهو من يُحبّذ أن تكون لديه حكومة وحدة وطنية، أما نتنياهو فإنه سيُقاد إلى السجن بتُهم فساد، وسيسعى غانتس إلى تحالفٍ مع الليكود والقائمة المشتركة.
أما في حال فوز نتنياهو في الانتخابات المقبلة، فإنّ مجلي يوضح أنّ ذلك يعني أنه سيشكل حكومة يمين متطرفة، ويُواصل سياسةً يكون فيها في سجنٍ آخر مع اليمين المُتطرف، ويتنازل له في كل القضايا، خصوصاً الاستيطان، فيما يشير مجلي إلى ضرورة الانتباه إلى أنّ انتخابات الولايات المتحدة قادمة، والانتباه إلى أنّ ترامب يُدير سياسة دعمٍ لنتنياهو من قُوى اليمين المتطرفة في الولايات المتحدة، وهم الإنجيليون المسيحيون المُتطرفون والمتعصبون، وستعمل تلك القوى إلى جانب نتنياهو وفرض مزيد من الاستيطان والتهويد والتهديد لأمن المنطقة.
حرب: أحزاب إسرائيل في أيّ عمليةٍ سياسيةٍ ستدير الصراع وتقدم أوهاماً للفلسطينيين
ويرى الكاتب والمحلل السياسي جهاد حرب، في حديث لـ"القدس"دوت كوم، أن من المبكر الحديث عن سقوط نتنياهو، ولكن بعد إخفاقه المرة الماضية بتشكيل حكومة، وإصرار ليبرمان على عدم تمكين نتنياهو من تشكيلها، فمن الواضح أنّ ليبرمان لن يمنح نتنياهو فرصةً جديدةً لرئاسة الحكومة، وبالتالي إما التخلي عن نتنياهو كرئيسٍ للحكومة من قبل الليكود، أو إمكانية ذهاب ليبرمان إلى التحالف مع اليسار أو الوسط واليسار، وهذه فيها صعوبات، إذ إن استطلاعات الرأي العام في إسرائيل، وحتى الآن، لا تمنح إمكانيةً للوسط واليسار في تشكيل الحكومة من دون العرب وليبرمان، وهما نقيضان، وبالتالي حتى الآن فرص نتنياهو بالوصول لرئاسة الحكومة قائمة، إلا إذا كان هناك تغيُّرٌ جوهريٌّ في التصويت للأحزاب الاسرائيلية، وهذا السيناريو ضعيف أيضاً.
ويشير حرب إلى أنّ الأحزاب في تركيبة الكنيست القادمة، وبحسب استطلاعات الرأي، تشير إلى أن اليمين والليكود هو من سيحصل على الأغلبية، لكنّ الصراع الشخصي مع ليبرمان يَحُدُّ من عودة نتنياهو لرئاسة الحكومة.
وفيما يتعلق بتأثير نتائج الانتخابات الإسرائيلية على القضية الفلسطينية، فإنّ حرب يُشير إلى أنّ النقاشات الدائرة حالياً بين الأحزاب الإسرائيلية لا تضع الموضوع الفلسطيني في أولوياتها، بل تضع القضايا الاجتماعية الداخلية، وأيّاً كان الحزب القادم إلى رئاسة الحكومة الإسرائيلية المقبلة، فإنه ربما يتم تخفيف القيود على الأزمة الفلسطينية، لكنّ القضية الفلسطينية ستبقى خارج أولويات الحكومة المقبلة، ما لم يحدث تغيُّرٌ جوهريٌّ في قدرة الفلسطينيين على المواجهة، أو استخدام استراتيجيةٍ جديدةٍ في مواجهة الاحتلال.
ولا يعتقد حرب أن أيّاً من الأحزاب الإسرائيلية، بما فيها الوسط، لديه الإرادة بالذهاب إلى عمليةٍ سياسيةٍ جادةٍ لإنهاء الاحتلال، وهي إن ذهبت للعملية السياسية، فإنها تشتري زمناً، بمعنى إدارة الصراع وتقديم أوهام للفلسطينيين