وفي الحقيقة فان موقفنا هذا لايحمل اي تناقض ’فحيث ان عقلنا الاجتماعي كحزب ذو مضمون اجتماعي واضح ،هو مع الضمان الاجتماعي ،فان فلبنا الشعبي الجماهيري هو مع الحراك بكل ما حمله من ابداع في اساليب التواصل والتنظيم الجماهيري والشعبي.،وايضا لاعجب في ذلك فنحن من ابناء هذه المدرسة الجماهيرية الشعبية التي شاركنا وقدنا من خلالها الاف الفعاليات الاجتماعية والوطنية.
وبسبب هذا الموقف فان حزبنا افسح المجال لرفاقه خاصة النقابيين منهم لاخذ دورهم تجاه هذه القضية وفقا لقناعاتهم ووفقا لانسجام موقفهم مع الاطر والمؤسسات التي ينتمون اليها ،ولذلك فلم يكن غريبا ان يبرز من بينهم ايضا قادة في الحراك يديرون التفاوض حول مطالبه دون اية تقييدات او موانع،ودون ان يرى حزبنا في ذلك ما يضير موقفه .
لماذا كان ولا يزال هذا موقفنا ؟
اولا: لاننا كما اسلفنا نحمل موقفا مبدأيا حاميا لحق الاحتجاج والتعبير بغض النظر عن اختلافنا او اتفاقنا مع الموقف نفسه ،ولذلك رفضنا بكل حزم اية تدخلات امنية في مواجهة الحراك ودافعنا بوضوح عن الحق في الاحتجاج والضغط.
ثانيا: لاننا راينا في هذا الحراك بما تضمنه من شمولية واتساع حالة هي الاوسع من حيث الشمولية والدعم الشعبي من اي حراكات اجتماعبية سابقة ،والتي كان من ابرزها حراك المعلمين الذي انتهى للاسف باقل مما هدف له ،او الحراك الذي قادته الحملة الوطنية للضمان الاجتماعي والذي اسفر عنه تغييرات مهمة وتعديلات تضمنها اقانون الضمان نفسه ، اوقبل ذلك الحراك الذي تصدى لزيادة الضرائب في عهد حكومة الدكتور سلام قياض وانتهى الى التخلي عن الضريبة التصاعدية لصالح اصحاب المال والدخول العالية بعكس مصالح الاوساط التي خاضت الحراك نفسه ،هذا بالاضافة الى الحراكات الاخرى ذات المضمون الوطني او ضد انهاء الانقسام.
ثالثا: لان هذا الحراك يعبر عن قضية تهم كل مواطن، وعن حقه في الثقة والاطمئنان لتوفيراته و(لشقاء عمره) وبالتالي فمن المنطقي والمشروع تماما ان ينخرط فيها بادق تفاصيلها ،وان يصل الى القناعة والطمأنينة تجاه هذه القضية بعيدا عن الاكراه او الفرض التعسفي .
رابعا: لان هناك نواقص وتساؤلات لا بد من الاجابة عليها في القانون ،وبعضها نواقص لم ننجح في ادراجها ضمن التعديلات السابقة او اننا نتبناها من وحي ملاحظات الحراك والجمهور وهذا هو الامر الطبيعي ،فنحن من المدرسة التي تؤمن بالتعلم من الجماهير والاستفادة من حسها وادراكها الواعي او العفوي.
خامسا: لاننا على قناعة بامكانية ادخال بمعظم الملاحظات والقضايا التي تمت اثارتها في الحوارات على القانون ،بما يجعله خلاصة لأوسع حالة نقاش مجتمعي ً اللتعديل.
سادسا: لاننا نرى في مظاهر المبادرة والابداع واساليب التواصل والتنظيم التي يتمتع بها الحراك جزءا هاما من تراث النضال الشعبي الاجتماعي الفلسطيني وهو بدون شك يضيف رصيدا لا بد من الاستفادة منه وتطويره في مجال النضال الوطني ايضا..
واخيرا وليس اخرا لان هذا الحراك حافظ بوعي على الانضباط وعلى الابتعاد عن مظاهر الفوضى او العنف او التخريب التي قد لا تتحكم بها الحركات الشعبية والجماهيرية المشابهة ،وهنا وبرغم الاختلافات وبرغم تعاطفنا الطبيعي مع (الستر الصقراء) في فرنسا وفي غيرها كما يلوح في الافق ،الا اننا يحف للنا ان نفخر كشعب بمختلف مكوناته الشعبية والرسمية بان (سترنا الصفراء)كانت بيضاء ايضا من حيث المظاهر التي اتخذتها اشكال فعالياتها وانشطتها ،وهذه قصة نجاح لا بد من تسجيلها باعتزاز وفخر ،ومن الممكن اكمالها طبعا عبر تعميق الحوار البناء من اجل القواسم المشتركة التي تعالج المشكلة الاكبر في قضية الضمان ،وهي قضية الثقة والاطمئنان الى تكوين وادارة ورقابة مؤسسة الضمان واستثماراتها انطلاقا من الاستقلالية الكاملة لمؤسسة الضمان وحوكمتها والرقابة عليها .
اننا نؤمن بان الارادة الجماعية والتكاملية يمكن لها ان تنتج المكمل الطبيعي لقصة النجاح القائمة حتى الان في قضية الضمان الاجتماعي خاصة وان دوار المنارة الذي يتوسط البيرة ورامالله كان بقامة برج ايقل او اعلى، في تجربة الحراكات الشعبية المتنامية في التجربة العالمية والتي تميز شعبنا الى جانب ميزاته الاخرى.
كم انت كبيرة وعظيمة يا فلسطين