بدري ... ولا ينطبق هنا أيها الأفاضل المثل الانكليزي .. أن يأتي متأخرا .. خير من أن لا يأتي أبدا.
لا يا سادة يا كرام ، لا يا قادة فصائل اليمين أو اليسار ... لا ينفع أن تعلقوا كل إخفافاتكم على شماعة أوسلو .. تلك الشماعة الجديدة البديلة كما يبدو عن شماعة الاحتلال.
لأوسلو .. ما لها ... وما عليها، وربما ما عليها يكون أكثر مما لها .. لكنها مرحلة مررنا بها جميعا في الداخل وفي الشتات ... مرحلة مفترض أن نستخلص منها العبر والنتائج لنبني عليها تحركاتنا للمرحلة الجديدة المتمثلة في إشتداد الهجمة الشرسة على الشعب العربي الفلسطيني سعيا لطمس هويته وتطلعاته بالاتعتاق الحقيقي الكامل والشامل من الاحتلال وبإقامة دولته الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وبعودة اللاجئين وغيرها من الاستحقاقات الأخرى.
عندما كانت أوسلو لبعض قادة فصائل اليمين واليسار .. منصبا في المجلس التشريعي الفلسطيني مع كل الامتيازات، صمت هؤلاء القادة .. وعندما كانت منصبا وزاريا سكتوا أكثر فأكثر، وعندما أحضرت لهم أوسلو بعض الامتيازات دون سواهم من عامة أبناء الشعب الفلسطيني من حرية الحركة والمرور " كشخصيات هامة" هم وأبناء عائلاتهم ... صمتوا عن أوسلو ... صمت القبور. الان كما يقول المثل الشعبي الفلسطيني واصفا الغنمة " بعد ما ضرطت ... شدت ليتها".
فإذا كان الهدف من التصريحات النارية لبعض قادة الفصائل هو تسجيل المواقف ليس أكثر ... أو تلميع الذات أو غير ذلك ؟ فلماذا لم تسجلوا هذه المواقف قبل 25 عاما؟ ولماذا إرتضيتم الدخول في "لعبة أوسلو"؟ مع الأخذ بالاعتبار أنكم ما زلتم تتمتعون ب" مميزات أوسلو" الخاصة بكم، فمنكم من هو الى الان عضوا في المجلس التشريعي الفلسطيني ( غير الفاعل) ومنكم من كان وزيرا وما زال يتقاضى راتبا تقاعديا الى هذه اللحظة، ومنكم الوكيل والوكيل المساعد وغيرها من المواقع القيادية في كافة تلك الوزارات التي أفرزتها "أوسلو" ومنكم المتفرغ في فصيله السياسي .. فهل أسرد عليكم المزيد؟
أوسلو مرحلة .. حقبة زمنية وسياسية .. مررنا بها ... سموها كما شئتم، بإرادتنا، رغما عنا، بصمتنا، بتقاعسنا أو بأي من المسميات أو التوصيفات ... لها ما لها وعليها ما عليها ... ولا يحق لكم الترحم " ع أيام زمان" فكما تغني جواليا بطرس " يا قصص من بالك شيلينا .. وبقلب الحاضر خلينا .. شو بدك بزمان الماضي ... احنا ما خلقنا لماضينا".
كفاكم بكاءا وعويلا ... إستخلصوا العبر والنتائج .. وأبنوا عليها .. وبلوروا تكتيكا جديدا وأدوات نضال جديدة تخدم أستراتيجياتنا .. إلتصقوا أكثر فأكثر بأبناء الشعب الفلسطيني .. تلمسوا همومهم وإحتياجاتهم ... كونوا معهم وبينهم في كل موقع .. كفوا عن التصريحات النارية، توقفوا عن تمثيل دور " الحردان" و " اللي مش معجبوا العجب ولا الصيام في رجب"، وإلغوا والى الأبد مقولة " يا لعيب يا خريب" .. عندها تستقيم الأمور ونكون قد بنينا يجابا على حقبة أوسلو وإستخلصنا العبر والنتائج.
وعلى صعيد أخر، بدلا من تعليق إخفاقاتكم على شماعة أوسلو، عليكم يا قادة فصائل اليمين واليسار أن تستحدثوا برامج نضالية في الشأن الداخلي عنوانها نشر ثقافة العلم والنور والمعرفة التطبيقية في مواجهة ثقافة الظلام.
لا تتركونا نتأرجح بين نسيم البر ونسيم البحر .. تارة بتعليق إخفاقاتكم على شماعة الاحتلال .. وتارة أخرى على شماعة اوسلو .... فنحن في عصر " الدراي كلين" يا سادة يا كرام.