اطلس-وضع الأطباء الأطفال الذين أُنقذوا من داخل كهف تام لوانغ المتشعب تحت الأرض في تايلاند، رهن الحجر الصحي خشية تعرضهم لعدوى عندما كانوا تحت الأرض حيث علقوا هناك 17 يوماً قبل انقاذهم.
وقد ادخل الصبية إلى مستشفى تشيانغ راي القريب للتعافي غير أن ذويهم لم يتمكنوا من ضمهم إليهم بعد، اذ انهم يمكثون حتى الآن في حجرة معقمة بمعزل عن العالم الخارجي تفصله جدران زجاجية، فيما منع الأطباء معانقة الناجين أو لمسهم قبل إجراء الفحوص اللازمة.
وفي السياق لفت موقع "بي بي سي" البريطاني الى انه حتى بعد الانتهاء من الفحوصات لن يسمح للآباء والأمهات بالاقتراب من أبنائهم أكثر من مترين، بينما يكتسي الزوار لباسا واقياً. وتأتي هذه الإجراءات خشية مما قد يكون الأطفال قد تعرضوا له وهم في باطن الأرض.
وبحسب الموقع تعج تلك الكهوف بثراء طبيعي مدهش من طيور وخفافيش وجرذان، يحمل بعضها ميكروبات ليس أقلها ما يسبب السُعار، فضلا عن الفيروس المعروف بفيروس "ماربورغ" وأمراض أخرى تسببها بعض الفطريات.
وكلما تعمق المرء داخل تلك الكهوف وجد نفسه في عالم مفقود ترتع فيه العقارب والعناكب السامة، فضلا عن عديدات الأرجل، التي تعيش عليها طفيليات تتسبب فيما يعرف بـ"حمى الكهوف"، وهو داء نادر يلحق أحيانا بمن يدخلون الأبنية المهجورة.
وفي السياق قال رئيس الرابطة الوطنية الأميركية للغوص في الكهوف والمعنية بسلامة المستكشفين للمياه داخلها، ريك موركر إن تلك الكهوف تعج بالكائنات، مستشهدا بما رآه بكهف بالمكسيك من "نحل من النوع الأفريقي القاتل اتخذ مسكنه هناك، فضلا عن الخفافيش والعقارب وكل ما تتخيله - كل هذا بالمدخل فقط، بينما خطر البكتيريا لا يبرح مخيلتك".
أما المياه، فحدث ولا حرج بحسب ما اشار المقال، فالصخور الجيرية بالكهف يغطيها رشح المياه باستمرار مما يؤدي لتشبع الكهف بالرطوبة التي تمثل مع الهواء غير المتجدد والخفافيش بيئة مثالية لتكاثر الفطريات المسببة للأمراض، وتتجمع المياه على الأرض كمزيج من الوحل والحمأة، وذرق الطيور، تنعم فيه البكتيريا والطفيليات.
كما يجد المرء نفسه في عتمة شديدة حتى أن الكثير من كائنات تلك الكهوف نَحَّت البصر كلية، وأحيانا ما يُصحب رواد الفضاء إلى الكهوف لإعدادهم لصعوبة الحياة خارج كوكب الأرض، ففي تلك الدهاليز الضيقة وبين الصخور الحادة ما أسهل أن يضل المرء طريقه رغم الاستعانة بالإضاءة الصناعية!
وفي هذا الاطار قالت الغواصة الخبيرة بميكروبات الكهوف هيزل بارتون: "لا أشك لحظة أن الصبية التايلانديين أصيبوا بعدوى تعرف باسم عدوى المنسجات الفطرية لتواجدهم في بيئة مدارية داخل كهف تقطنه الخفافيش، وبالتالي ترتفع احتمالات إصابتهم بتلك العدوى" التي تنتقل من مخلفات الطيور والخفافيش في الأجواء الرطبة.
وتعالج عادة بتلقي الأدوية المضادة للفطريات عدة أشهر وحتى عاما كاملا. وتتسبب تلك العدوى في وفاة واحد من كل عشرين طفلا و8 في المئة من البالغين المصابين، ويصعب العلاج في حالات الوهن وضعف المناعة.
وما أيسر أن يصاب المرء بـ "عدوى المنسجات"، وهو ما اكتشفته بارتون عن كثب العام الماضي حينما كانت برفقة زوجها برحلة بأحد الكهوف في الولايات المتحدة.
وقالت خبيرة الميكروبيات: "ما إن دخلنا الكهف إلا واشتممت رائحة براز الخفافيش فأدركت أننا بكهف موبوء بالمنسجات. لم يفهم زوجي ما قلت حتى لفحت فمه وأنفه بوشاح حتى لا يستنشق الهواء، ومع ذلك ظهرت عليه أعراض العدوى بعد عشرة أيام".
كما ان من الميكروبات الأخرى القابعة بالكهوف بكتريا لبتوسبيرا لولبية الشكل التي تنتشر عبر السوائل التي تفرزها أجسام القوارض كالبول وغيره وتنتقل عبر المياه الملوثة بتعرض الجروح لها أو بدخولها في الفم أو الأنف أو العينين أو باستنشاق الرئتين للرذاذ.
وتتسبب تلك البكتيريا في داء يعرف بـ"داء وايل" يبدأ بأعراض تشبه الإصابة بالأنفلونزا، ويتطور في 5 إلى 15 في المئة من الحالات بشكل خطير يؤدي للنزيف الداخلي وفشل الأعضاء ومن ثم قد تحدث الوفاة.
ورجحت بارتون ان المرض الأرجح أن يصيب الصبية التايلانديين هو "الراعوم" المنتشر في مناطق مدارية بجنوب شرقي آسيا وشمال أستراليا، ويعتقد أنه يصيب قرابة 165 ألف شخص كل عام متسببا في وفاة نصفهم، أي نحو 89 ألفا سنويا.
ويتسبب المرض، بحسب "بي بي سي" في مشكلات عدة جراء إصابة المريض بالبكتريا المسببة التي تعيش في التربة وتلحق بالإنسان خلال أنشطة يومية كزراعة الأرز