أين المواطن الذي ضاع بين سياسات واستراتيجيات وهميّة لا ترقى إلى مستوى المشاكل التي نعانيها. إلى متى سيبقى هذا الوضع المتدهور. لا أحد يعلم ولا أحد يستطيع أن يستنبط شيئًا منه.
أعزائي لا يشغل بال المواطن الفلسطيني في هذه الأيام شيء أكثر من الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد ومنسوب الشيكات المعادة التي وصلت إلى حدود كبيرة تجاوزت حسب إحصائيات سلطة النقد إلى أعلى نسبة لها على مدار سنوات طويلة. وللأسف نستمع من قبل سلطة النقد عن إجراءات لحماية هذا التدهور ولكن وللأسف دون إدراك لمخاطر الوضع الذي نحن فيه.
لا يمكن وضع حلول لهذا الأمر بشكل عشوائي من دون دراسة واقعية للأسباب التي أوصلتنا إلى ما نحن فيه. ويجب النظر إلى هذه الأسباب والتراكمات التي بدأت منذ عشرين عامًا بهبوط تدريجي باقتصاد هذه البلاد ولو أمعنتم قليلاً في إحصائية سلطة النقد لآخر أربع سنوات بخصوص الشيكات المعادة، ستلاحظون كيف ازداد هذا الحجم بشكل تدريجي حتى وصل سنة 2017 للخطورة الكبيرة التي نشهدها.
فالحل لا يكمن بتشديد الرقابة على صرف الشيكات فقط للمواطنين، ويجب الفصل بين من أعاد شيكاته بهدف النصب، وبين التاجر الذي تعثر نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة.
وكما تعلمون، فإن تعريف الشيك في علم الاقتصاد هو الفراغ أي أن من يكتب الشيك يكتبه لأجل الفراغ المالي لديه، حيث يحتاج إلى مدة زمنية معينة للإيفاء بديونه؛ ولأجل هذا يقوم بكتابة الشيك للأجل الذي يراه مناسبًا وهذا ما أدى إلى وجود فجوة كبيرة في هذا الفراغ وأدى إلى وصول الشيكات لمدد زمنيه طويلة لأجل صرفها. فالخلل موجود في المنظومة العامة لاقتصاد البلاد، والبنوك تتحمل مسؤولية كبيرة في هذا الوضع نتيجة سياسات خاطئة وكثيرة ارتكبتها منذ سنوات طويلة.
لهذا كله، يجب أن تعمل وزارة الاقتصاد وسلطة النقد والبنوك على دراسة الواقع من جديد بشكل جيد ووضع قوانين جديدة تتناسب مع واقع السوق المنهار بحيث لا يزيد من تدهور الأمور أكثر. فوضع اقتصادنا يحتاج إلى دراسات كبيرة من قبل كل الجهات المختصة وعلى رأسها وزارة الاقتصاد وكل الجهات المسؤوله ماليًا عن هذا الوضع ويجب استشارة القطاعات الخاصة بأي أمور تريدون عملها حتى تتناسب مع حجم المشاكل التي نعانيها.
أعزائي المسؤولين كفانا ضياعًا وغيابًا عن الأمور والعمل برأي المسؤول لوحده وعودوا إلى الشارع، وتعرفوا على حجم مشاكله، وكيف يمكن أن نعمل على حلها سويًا بطريقة تتناسب مع متطلبات المواطن الذي فقد آماله وطموحاته في ظل هذه الظروف الصعبة دون مناظرات وسياسات لا تتناسب مع واقعنا.
البلاد في أخطر مراحلها الاقتصادية، ونحتاج إلى وعي من الجميع حتى نجتاز هذه المرحلة الخطيرة في تاريخ اقتصادنا في هذه البلاد العزيزة علينا جميعًا.