تم تطوير المرايا في وقت متزامن في جامعة "هارفارد" الأميركية ومعهد الكوانتوم إلكترونيكس في زيوريخ بسويسرا، وجرى وصفهما في بحثين تم نشرهما بنفس اليوم في دورية Physical Review Letters.

توسيع حدود الممكن

ووفقاً لما يقوله الباحثون، فإن هذه "الإنجازات الهندسية توسع من حدود ما هو ممكن في هذا الكون الفيزيقي".

وعلى الرغم من الاقتراب من الحد الأدنى للسُمك، الذي من الممكن أن يكون عليه كائن ما، ويظل عاكساً بموجب قوانين الفيزياء، فقد عكست المرايا الصغيرة قدراً كبيراً من الضوء الذي سطع عليها.

ووفقاً لما ذكره البحث الأول فإن مرآة هارفارد، المركبة على قاعدة من السيليكون، عكست 85% من الضوء، الذي سقط عليها. فيما ذكر البحث السويسري أن مرآة زيوريخ، المركبة على السيليكا (نمط مؤكسد من السيليكون)، عكست 41%. وعكست كل من المرآتين الضوء في نطاق 780- نانوميتر، بلون أحمر عميق.

يعد هذا الإنجاز العلمي مثيرا في حد ذاته، ولكن كتب الباحثون أيضاً أن مراياهم يمكن أن يكون لها نفعها، إذ إنها يمكن أن تلعب أدواراً مهمة في أجهزة الاستشعار المتخصصة بالغة الصغر، وفي رقائق الكمبيوتر، التي تستخدم أشعة الليزر في نقل المعلومات.

حقائق علمية

ويستخدم الموليبدينام ديسيلينايد MoSe2 كمرآة بسبب الطرق المعينة، التي تتحرك بها الإلكترونات وهي تحيط بلب المادة. وكما ذكر في بحث سابق نشر في سبتمبر 2017، فإن هذه المادة تتجه إلى تكوين فجوات في مجالاتها الإلكترونية، وهي المناطق التي يمكن للإلكترون أن يدور فيها، ولكن بدون وجود إلكترون.

وتكون الإلكترونات جسيمات دقيقة مشحونة بالسالب، وتكون البروتونات في النواة الذرية مشحونة بالموجب، ومن ثم، وتلك هي الحيلة، فإن ثقوب الإلكترونات تأخذ لنفسها جزءا من الشحنة الموجبة من البروتونات الموجودة في النواة، ويسمح هذا للثقوب بأن تتصرف قليلا مثل الجسيمات، على الرغم من أنها حقا تمثل عدم وجود الجسيمات.

وفي مكان قريب، تجذب الإلكترونات السالبة الشحنة تلك الجزيئات الوهمية، وتحت ظروف معينة، تتزاوج معها لتشكيل الكائنات الميكانيكية الغريبة الضئيلة الحجم، التي تسمى إكسيتونات. وتلك إكسيتونات تبث ضوءا خاصا بها، يتداخل مع الضوء الوارد ويعيد إرساله مرة أخرى على النحو الذي جاء، تماما مثل المرآة في بيتك.

فوائد المرايا للمتخصصين

وكما تبين فإن لهذه المرايا الرقيقة للغاية الكثير من إمكانات العالم الحقيقي.

يمكن لمهندسي الكهروضوئية، وهم المتخصصون في العمل على رقائق بصرية صغيرة وشبكات الألياف البصرية وغيرها من الأجهزة التي تعتمد على التحكم بدقة متناهية في الحزم الصغيرة للفوتونات، يمكن أن يستفيدوا حتى من مرآة عادية تكون بعرض ذرة واحدة فقط.

ومن ناحية أخرى، ذكر الباحثون في سياق ما تم نشره لنتائج أبحاثهم، أن MoSe2 يعمل أكثر من مجرد مرآة صغيرة، اعتماداً على الشحنة الكهربائية المطبقة على المادة، وتتباين انعكاسية MoSe2 صعوداً أو هبوطاً. وإن هذا التأثير يحدث بسرعة فائقة، بما يكفي، وفقاً لما ذكره فريق زيوريخ، لأن يكون التأثير مفيداً في العديد من تطبيقات الحوسبة الكمية مفرطة السرعة.