اطلس-قال المفوّض العام للأونروا بيير كرينبول، اليوم الأربعاء، إن تقليص المساعدات الأميركية للأونروا
سيؤثر على الأمن الإقليمي في ظلّ المخاطر والتهديدات التي تحيط بمنطقة الشرق الأوسط وخاصةً المتمثل في ازدياد التطرف.
وأشار كرينبول في رسالة مطولة وزعتها الأونروا، إلى أن الوكالة واجهت تحديات كبيرة منذ نشأتها ولا زالت متمسكة بتفويضها والدفاع عنه، باعتبار أن ذلك يمثل تعبيرًا عن إرادة المجتمع الدولي وحفاظًا على الخدمات الأساسية كالتعليم والرعاية الصحية للاجئي فلسطين.
ولفت إلى أن القرار الأميركي بالمساهمة بـ 60 مليون دولار فقط يعتبر دون مستوى المساعدات السابقة وبفارق كبير. مشيرا إلى أن أميركا مولت الأونروا بما يزيد عن 350 مليون دولار خلال عام 2017، وأنها تعتبر أهم داعم لها.
واعتبر أن تمويل الأونروا أو أي منظمة إنسانية أخرى يعد قرارًا سياديًا لأي دولة عضو في الأمم المتحدة. مشيرًا إلى العلاقة التاريخية الطويلة والقوية بين الولايات المتحدة الأمريكية والأونروا.
وحذر من أن المساعدات المقلصة ستهدد إحدى أكثر المساعي نجاعة في مجال التنمية البشرية في منطقة الشرق الأوسط. مشيرا إلى أن أكثر من 525 ألف طالب وطالبة في 700 مدرسة للأونروا يواجهون خطرًا في مستقبلهم التعليمي، وسيدخل الملايين من اللاجئين في خطر "أمان كرامتهم" في ظل حاجتهم الماسة للمساعدات الغذائية الطارئة وأشكال الدعم الأخرى في الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية وقطاع غزة.
وقال "إن حقوق وكرامة مجتمع بأكمله في خطر، هذه المساهمة المقلصة ستؤثر على الأمن الإقليمي في وقت يشهد العديد من المخاطر والتهديدات في منطقة الشرق الأوسط وخاصة ذلك الخطر المتمثل في ازدياد التطرف".
وأشار إلى أن الأونروا تواجه الآن الأزمة المالية الأكبر في تاريخها. داعيًا جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لاتخاذ موقف والانضمام للأونروا في رسالتها للاجئي فلسطين بأن حقوقهم ومستقبلهم تحظى بقدر كبير من الأهمية.
ودعا شركاء الأونروا من الدول المضيفة والمانحين إلى الالتفاف تأييدًا للوكالة والانضمام لها في خلق مبادرات وتحالفات تمويل جديدة لضمان أن يستمر الطلاب من اللاجئين الفلسطينيين بالحصول على التعليم في المدارس والحفاظ على كرامة لاجئي فلسطين وأطفالهم وعائلاتهم من خلال جميع خدمات الوكالة.
كما دعا جميع الأشخاص ذوي الإرادة الطيبة في كل مكان في العالم حيث تتجلى الشراكة والتضامن مع لاجئي فلسطين للانضمام للأنروا والاستجابة لهذه الأزمة عبر التبرع إليها لضمان أن يتمكن الأولاد والبنات من لاجئي فلسطين من الاستمرار أقوياء.
وأشار إلى أنه سيتم إطلاق حملة تبرعات عالمية خلال الأيام القليلة القادمة لتشكل تمثيلا وإطارا للالتزام الشامل في الحفاظ على المدارس والعيادات مفتوحة خلال العام 2018 وما بعده.
وخاطب جميع اللاجئين الفلسطينيين في كافة أقاليم العمليات، قائلا لهم "سنعمل بتصميم مطلق لضمان استمرارية خدمات الأونروا". كما وجه رسالة للطلاب في كافة مناطق تواجد اللاجئين "إن أبواب المدارس ستبقى مفتوحة حتى تتمكنون من الحصول على التعليم الذي تقدرونه عاليا ولتكونوا على ثقة بأنكم تمتلكون مستقبلكم".
كما وجه رسالة أخرى "إلى جميع المرضى في عياداتنا والمنتفعين من الخدمات الاجتماعية والإغاثية ومن برنامج التمويل الصغير وكافة أشكال الدعم الأخرى أقول بأنكم سوف تتلقون الرعاية والمساعدة التي هي من حقكم".
وفي رسالة للموظفين، قال المفوض العام للأونروا "إلى 30،000 من موظفي الأونروا الدائمين والمتمرسين من الأطباء والممرضين والممرضات ومدراء المدارس والمعلمين والمعلمات وموظفي الحراسة وعمال النظافة وموظفي الدعم النفسي والاجتماعي وموظفي الإدارة ووحدات الدعم، أقول لهم بأن يستمروا بالعمل من مواقعهم لخدمة المجتمع بنفس العزيمة التي طالما ميزتهم وبنفس الإصرار. هذه لحظة للتلاحم الداخلي والتضامن فيما بيننا. هذه أوقات صعبة ولكننا سنبذل كل ما في وسعنا وطاقتنا لحمايتكم.
وقال "نحن نشهد صراعاً وعنفاً واستقطاباً مستمراً في منطقة الشرق الأوسط مما يؤثر على حياة الملايين من الأشخاص. ونشهد على عالم يسوده الغضب عوضاً عن الثقة وهو عالمُ تتحكم فيه القوة، في معظم الأحيان، وليس العدالة. إنه عالم يولي قيمة أكبر لما يفرق عوضا عن ما يوحد ويشمل الكل ويجمع بينهم".
وأضاف "إن الحالة التي يعيشها العالم وأوضاع لاجئي فلسطين حساسة للغاية وعلى قدرٍ من الأهمية لا تسمح لنا بأن ننغمس في السخرية والتشاؤم أو اليأس. إن الأونروا تمثل الأمل واحترام الحقوق والكرامة. عندما تصعب الأمور، فإن تصميمنا سيزداد بالمقابل. وعندما يبدو أن الطريق مجهولة فعلينا أن نسخر كل طاقاتنا للبحث عن مسارات جديدة. وحتى عندما تصبح بعض الأمور المسلَّم بها غير مؤكدة، فإننا ننظر إلى الأفق ونبحث عن حلول مختلفة".
وأشار إلى "المسؤولية العميقة التي يتولاها المجتمع الدولي لجميع الدول لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين حتى يتجذر السلام وحتى إيجاد حل عادل ودائم لمحنتهم ليتمكن الشرق الأوسط من وضع هذا النزاع القاسي خلفه نهائيا". معربا عن احترامه لجميع الأشخاص ذوي النوايا الطيبة حول العالم والذين عبروا عن تضامنهم مع اللاجئين الفلسطينيين عند حاجتهم لها. والآن، وأكثر من أي وقت مضى، فإن اللاجئين بحاجة إلى دعمكم. كما قال.
وختم قائلا "دعونا نستمد قوتنا من اللاجئين الفلسطينيين والذين يعلموننا في كل يوم بأن اليأس ليس خياراً وأن الأونروا لن تيأس أيضا. أنني أدعوكم للوقوف إلى جانبنا".