اطلس- اعتبر محللّون سياسيون أن رفض الإدارة الأمريكية لمبدأ حل الدولتين، ومنح الفلسطينيين
حكما ذاتياً بدلا عن دولة مستقلة، هو انهاء للمسار التفاوضي السلمي بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، معتبرين أن الاقتراحات الأمريكية بهذا الشأن تنسجم مع أفكار اليمين المتطرف في إسرائيل.
وعلمت "القدس" من مصادر مطلعة في البيت الأبيض، أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعد ورقة لتكون بمثابة خارطة طريق، تتضمن شطب حل الدولتين، ومنح الفلسطينيين حكماً ذاتياً في المرحلة الحالية.
واعتبر الكاتب والمحلل السياسي، الدكتور ناجي شّراب، أن ورقة المقترحات الأمريكية التي يتم الحديث عنها، وتتطرق إلى حكم ذاتي للفلسطينيين، وشطب حل الدولتين، تلغي كل المسار النضالي السياسي والدبلوماسي والشعبي للفلسطينيين، وتنسف ما يسمى "صفقة القرن"، كما أن هذه الورقة تدعو لعدم التفاؤل بأي جهود للوصول إلى التسوية والسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين برعاية أمريكية، مؤكدا أن إدارة ترامب لا تمتلك رؤية واضحة للحل بين الجانبين.
وعبّر شرّاب عن اعتقاده أن هذا الاقتراح الأمريكي قديم، وهو يعبّر عن الفكر اليميني المتطرف الذي يحكم إسرائيل حالياً، والقائم على رفض فكرة الدولة الفلسطينية، وتعويضها بإقامة الوطن البديل مع الأردن، إضافة إلى انفصال قطاع غزة.
وأضاف شرّاب :"إن الرؤية المشتركة للإدارتين الأمريكية والإسرائيلية ترتكز على خلق كينونة سياسية فلسطينية مستقلة في قطاع غزة، وكونفدرالية مع الأردن في الضفة الغربية"، مؤكدا أن القيادة الفلسطينية لا يمكن أن تقبل بهذه الرؤية، وأن خيارها الوحيد هو "حل الدولتين".
وبشأن الأخبار التي راجت مؤخرا عن نية الرئيس الأمريكي عقد لقاء ثلاثي يجمعه مع الرئيس محمود عباس، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتياهو، قال شراب: "إن هذا اللقاء يمكن أن يعقد على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك خلال الشهر الجاري"، مشيرا إلى أن الرئيس عباس لن يرفض طلب الرئيس الأمريكي بشأن عقد هذا اللقاء، كي يفوّت الفرصة على نتنياهو الذي يدّعي دائما أن الرئيس أبو مازن هو من يرفض لقاءه.
وأوضح شرّاب أن اللقاء إن عُقد، قد تتبعه مفاوضات ثنائية فلسطينية إسرائيلية برعاية أمريكية، وذلك لفترة زمنية معينة، مضيفاً أن الرئيس عباس قد يميل إلى هذا الاقتراح.
بدوره، اعتبر استاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر في غزة، الدكتور مخيمر أبو سعدة:" أن الإدارة الأمريكية غير مهتمة بحل الدولتين، وهي تتحدث عن حلول أخرى، ولا تأتي مطلقاً على ذكر حل الدولتين"، مشيرا الى ان الإدارة الأمريكية بذلك تتبنى وجهة نظر اليمين المتطرف في إسرائيل. ب
واوضح أبو سعدة :"أن إدارة ترامب بشكل عام، وطاقمه المعني بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بقيادة صهره جاريد كوشنر، والمبعوث جيسون جرينبلات، تتطابق مواقفهما مع مواقف الحكومة الإسرائيلية، التي لا تريد حل الدولتين، بل تتحدث عن بعض التسهيلات الاقتصادية فقط".
وعزا ابو سعده تراجع حل الدولتين، الى التطورات السياسية المضطربة في الإقليم، وتحكم اليمين المتطرف بمفاصل السلطة في إسرائيل.
وحول إمكانية عقد لقاء ثلاثي بين عباس وترامب ونتنياهو، قال أبو سعدة إن هذا الاجتماع إن تم، فهو صورة للعلاقات العامة فقط، ويريد التأكيد من خلاله أن الولايات المتحدة ما زالت وسيطاً بين الجانبين، وراعية لعملية السلام بينهما.
ورأى أبو سعدة أن الرئيس عباس قد يرفض لقاء نتنياهو، لأنه يعتبره غير صادق بخصوص التوصل إلى تسوية نهائية على أساس حل الدولتين، مشيراً إلى أن الرئيس أبو مازن يعتبر أن لقاءه بنتنياهو في الظروف الراهنة، سيضر بصورته أمام الجمهور الفلسطيني.
هذا اللقاء الثلاثي إن حدث، يعيد إلى الأذهان صور مفاوضات كامب ديفيد، واللقاءات الثلاثية بين الرئيس الراحل ياسر عرفات، ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود باراك، برعاية الرئيس الأمريكي آنذاك بيل كلينتون، والذي فشل خلاله الأطراف الثلاثة في الوصول إلى حلول للقضايا التي كانت على جدول المفاوضات، حيث أدى ذلك إلى نتائج وخيمة، أهمها اندلاع الانتفاضة الثانية.
ويشير الدكتور أبو سعدة، إلى أن هذا السيناريو حاضر في ذهن القيادة الفلسطينية، التي تتخوف من أن تتعرض لما تعرض له الرئيس الراحل عرفات، من تصفية سياسية أولا، قد تصل فيما بعد إلى التصفية الجسدية.
في غضون ذلك، أعلن وزير الخارجية والمغتربين رياض المالكي، اليوم السبت، رفض الجانب الفلسطيني أي مقترحات أمريكية تشطب حل الدولتين على حدود العام 1967.
وقال المالكي، في تصريحات للإذاعة الرسمية ردا على ما ورد في صحيفة "القدس": "لم تصلنا أي إشارات أو تأكيدات على شكل الورقة الأمريكية حتى الآن".
وأضاف المالكي، أنه "عندما يأتي الجانب الأمريكي ليطرح أي مقترح أقل من الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية فسوف يسمع نفس الجواب الذي سمعته الإدارات الأمريكية السابقة جميعها دون اختلاف".
وتابع الوزير: "سيكون لدينا نفس الموقف والجرأة والشجاعة ونفس الموقف الوطني الملتزم الذي يمثل جميع أبناء الشعب الفلسطيني الذي يسعى لاقامته دولته الفلسطينية المستقلة".
وأردف المالكي: "نحن نريد تجميع كل قوانا للوقوف والرد على أي مقترح ينتقص من الحقوق الوطنية وخاصة في اقامة دولتنا واستقلالنا وحريتنا".
وأشار المالكي إلى أن الجانب الفلسطيني "يحاول تحفيز نظيره الأمريكي ليواصل جهوده التي يبذلها على أمل أن نصل إلى نقطة التقاء حول الأسس التي تسمح باقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وبالتالي حتى ذلك الحين يجب أن يصدر عنا كل ما هو إيجابي وفعال لصالح مثل هذه النقطة".