الكاتب: فارس الصرفندي
لم يعد خافيا على احد بان ملامح صراع دام بدا يتشكل في سماء تونس الخضراء بين الحكومة التي يقودها اسلاميون حزب النهضة وبين الجماعات السلفية المتشددة التي اعطت الولاء لتنظيم القاعدة بقيادة خليفة بن لادن ايمن الظواهري ...
شهر العسل بين الاخوان والحركات السلفية الجهادية قد انتهى بالفعل ليس في تونس فقط ولكن في كافة الدولة التي سيطر فيها الاخوان على مقاليد الحكم ...والسبب ان الفكر الاخواني البرغماتي والذي يتكيف مع الواقع الاقليمي والدولي لايمكن ان يلتقي مع الفكر السلفي الذي يرفض الاخر ويلوح بسيف التكفير في كل كبيرة وصغيرة ...
قبل اسابيع كنت اشاهد لقاءا تلفزيونيا مع عبود الزمر احد المتهمين بقتل الرئيس السابق محمد انور السادات والرجل الذي امضى عقودا في السجون المصرية لم يخف اعتراضه على طريقة الحكم التي يتبعها الاخوان المسلمون ووجه سهام النقد الى المؤسسة الرئاسية والتشريعية والعسكرية ...
عبود الزمر لمن لا يعرفه رجل عسكري كان برتبة مقدم عندما شكل الخلية التي اغتالت السادات وكان يخطط لانقلاب عسكري في مصر بعد حادثة المنصة مباشرة تبدا بسيطرة عدد من العساكر الذين جندهم على مؤسسة الاذاعة والتلفزيون المصرية وعلى عدد من المواقع الامنية لاسيما في جنوب مصر ...لكن الاقدار خالفت ما اراده الزمر وانتهت الحركة الانقلابية باعتقال الرجل واعدام رجاله الذين نفذوا الاغتيال ...
الى جانب عبود الزمر هناك الكثير من القيادات السلفية الجهادية تعتبر بان ثورة الخامس والعشرين من ينانيركان يجب ان تفضي مباشرة الى تطبيق شرع الله ...
فالحاكمية هي الاساس ومن لم يحكم بما انزل الله فؤلئك هم الكافرون ...وعليه فان الاخوان المسلمين حتى اللحظة بالنسبة لهؤلاء لايختلفون مقدار نقير عمن سبقوهم في الحكم ...فما الفارق بين حسني مبارك ومحمد مرسي ان كان الاول لم يحكم بما انزل الله والثاني كذلك ...فالصلاة وابتداء الخطب السياسية بالبسملة والحمد الله والصلاة على رسوله الاعظم لا يعني لقادة السلفية الجهادية شيء ...المهم بالنسبة لهم ان يروا على الارض تنفيذا لاحكام الشريعه المعطلة بيد الاخوان المسلمين في مصر وتونس وقطاع غزة ....
ولنعد قليلا الى الفارق الجوهري بين الفكر الاخواني والفكر السلفي المتشدد....الفكر الاخواني هو فكر واقعي يرى بان التغيير يبدا من القاعدة الى ان يصل راس الهرم ...وتحديدا عبر اصلاح الدوائر ...فالدائرة الاولى وهي الاسرة الى الدائرة الثانية الى اصلاح المجتمع حتى ولو كان الامر يلزم عشرات السنين للتنفيذ ...بالاضافة الى ان الفكر الاخواني فكر يرفض التكفير (علانية على الاقل ) ويقبل الى حد ما الاخر ...ويتعاطى مع السياسة بواقعيه ...وهوقادر على عقد التحالفات مع الفكر الماركسي والعلماني في سبيل تحقيق اهدافه سواء اتفقنا مع هذه الاهداف ام اختلفنا ...
بالمقابل الفكر السلفي الجهادي ...والذي ظهر في مصر قبل اربعين عاما تقريبا يرفض البرغماتية ويعتبر الديمقراطية شكل من اشكال الكفر ...ويعتقد بالصدام مع الحاكم ان رفض تنفيذ شرع الله او خالفه ...ويقسم العالم الى داراسلام ودار كفر- وبالطبع حتى في زمن حكم الاخوان بالنسبة لهؤلاء لا يوجد دار اسلام- ...طبعا هناك بعض المراجعات التي حدثت في الفكر الجهادي لكنها لم تغير من طبيعة الفكر بشكل عام ...
ولا مانع لدى هذا الفكر من القتل والابادة ان لزم الامر لمن يخالفه ...والتمكين بالنسبة للفكر السلفي الجهادي قد ياتي عبر تنفيذ مجزرة بمخالفيه ...النتيجة لا تحتاج الى عقل متقد ذكاء كي يقراها ويراها راي العين ...ان فكرة اقامة الدولة الاسلامية لدى الاخوان المسلمين ليست مطروحة على الاقل في هذه المرحلة والواقع الدولي يفرض عليهم ان يقدموا تنازلات وان يحافظوا على اتفاقيات وان يهادنوا بعض الكفار (من وجهة نظر السلفية الجهادية ) وان يعقدوا صفقات يرونها لمصلحة الدولة التي يقومون عليها حتى ولو كانت هذه الصفقات مع الولايات المتحدة راس الكفر لدى الجهاديين ...وبالطبع ما سبق يعني بالنسبة للسلفية الجهادية قمة الكفر والالحاد ...
وسيجد السلفييون الفتاوى لدى قادتهم جاهزة للخروج على الحاكم الكافر وهو في هذه المعادلة محمد مرسي ...وكما حدث في سيناء وقبل ذلك في غزة للدولة هيبة يجب ان تحترم ..
.فالرئيس محمد مرسي فرض هيبة الدولة في سيناء بالصدام مع السلفية الجهادية ...واسماعيل هنية فرض هيبة الدولة في قطاع غزة عندما حاول عبد اللطيف موسى ان يتحداها في مسجده ...
في الختام عندما اعلن الرئيس مرسي بانه سيعقد مؤتمرا حول سوريا لفرض حل سياسي رفع السلفيون في شوارع القاهرة وانا رايتها بام عيني لافته تقول (لا اله الا الله محمد مرسي عدو الله ) والباقي لديكم .