اطلس- قبل أن تسقط فلسطين عام 1948 كانت المؤسسة الصهيونية قد أنهت بناء كافة المؤسسات التي تكفي لبناء الدولة: المكتبة الوطنية (بيت الكتاب القومي) 1892
الوكالة اليهودية 1920، شركة الكهرباء 1921، الهاغاناة 1922، الجامعة العبرية 1925، ايجد 1933، "مكوروت" شركة المياه 1937...اعلان دولة اسرائيل كان خطوة سياسية رمزية أكثر من أي شيء آخر. كانت "اسرائيل" فينا مذ مطلع القرن العشرين، انتظرنا عشرات السنين لكي نقتنع أنها النكبة.
حين كان الفلسطينيون يقاتلون لبناء مدرسة هنا وجمعية هناك ويحاولون الانتصار للحظتهم، كان اينشتاين قد حصل على جائزة نوبل وباتت محاضراته تجوب أروقة الجامعة العبرية فيما بدأت نخبة من أكثر من مائة لغوي ولساني صهيوني يدرسون الآرامية والكنعانية والهيروغليفية والعبرية لإيجاد منفذ نحو احتلال التاريخ من جذوره. في الوقت الذي انسحبنا فيه نحن من ثقافتنا التراثية واليوم ننسحب من ثقافتنا الوطنية.
المؤسسات التي كانت تحرك الطاقات الصهيونية كانت مؤسسات تعرف قيمة المشروع، أن الفكرة هي الأهم وأن المؤسسة هي الدائم والفرد هو الزائل، وأن المؤسسة الحقيقية هي التي ترفض الفساد وتجيد دراسة طاقات أفرادها وتوظيفهم واستثمارهم في الأماكن الصحيحة وتجيد دراسة مواردها وتكييف مساحتها وفق مقدراتها وتحارب في ذات الوقت كل ما يعرقلها، ولا يعرقل المؤسسات سوى الفساد بكافة أشكاله. ولا زالت مؤسساتنا مؤسسات أفراد وأشخاص متنفذين تنخر بها المحسوبيات والفساد وتنسحب منها الخبرات والكفاءات التي لا تجيد النفاق.
لم تزر أم كلثوم فلسطين بدعوة فلسطينية ومعظم حفلاتها في الزيارتين كانوا من على مسارح يهودية (مسرح مغربي في يافا، مسرح عين دور في حيفا، مسرح سينما اديسون في القدس وسينما عدن في القدس) المسارح هذه جميعها كانت مسارح يهودية مولتها الحركة الصهيونية، ولم تغن أم كلثوم اطلاقاً في سينما الحمرا كما يعتقد البعض وقد جاء هذا الخلط نتيجة الصورة المشهورة لأم كلثوم على سطح مسرح الحمرا وهي في الحقيقة اعلان لعرض فيلم نشيد الأمل.
لم يخسر الفلسطينيون أي معركة عسكرية قاتلوا دوماً ببسالة، لكن المعركة هي المختلف، فالقتال ليس فقط بالسلاح وانما عبر الوعي والرؤية وبناء المشروع والمؤسسة وبعد ثمانٍ وستين عام من النكبة يمكن القول ببساطة لا يوجد حتى اليوم أي مؤسسة فلسطينية حقيقية يمكن اعتبارها نموذجاً لمؤسسة وطنية.
في ذكرى النكبة، ليس من نكبة سوى ألا نعيد قراءة التجربة وأن نهرب دوماً من الحقيقة وألا نعترف بالخلل التاريخي الذي ورثناه مذ مئات السنين، وأن نظل نرفع شعارات العودة دون أن نملك أي مشروع أو أن نعرف كيف صار وهُجرنا