اطلس- اعتاد مزارعو النخيل في قطاع غزة على قطف محصولهم السنوي في شهر أكتوبر من كل عام؛ تمهيدا لتصديره إلى الخارج؛ لتستفيد منه الدول المستوردة في صناعة العجوة والدبس والمربى.
ومن ثم يعود التجار الفلسطينيين لاستيرادها كمنتج جاهز ويبيعونه في السوق المحلي، في ظل الحصار المفروض على القطاع منذ أكثر من 11 عاما، إلى أن افتتح المزارع جمال أبو جميزة "57 عاما" أول خط انتاج محلي للعجوة ومشتقاتها، في ببيته بمدينة دير البلح وسط القطاع.
المزارع أبو جميزة، أكد أنه تمكن من إنتاج العجوة والدبس والمربى في معمله الخاص بدير البلح، بعدما ابتكر فرنا حراريا؛ يستخدمه لتحويل البلح إلى رطب وثم إلى عجوة بمواصفاتٍ قياسية.
وقال، إنه اتخذ قراره بإنشاء مصنع لإنتاج العجوة ومشتقاتها، بعد أن قضى سنوات عمره بين أشجار النخيل؛ دون أن يجد مصنعا فلسطينيا؛ ينتجها محليا؛ كون مزارعي غزة يصدرون البلح للدول المنتجة كـ"الامارات والسعودية ومصر وإسرائيل"، ثم يستعيدوا استيرادها كمنتج معلب.
ويتكون الفرن من عدة طبقات حديدية تستخدم لوضع البلح الطازج أو المجمد عليها، ومراوح لتوزيع الحرارة البالغة 50 درجة مئوية.
وعن كيفية استخدامه، أوضح المزارع الخمسيني، أنه بعد قطف وإخراج البلح الحياني من الثلاجات، لإدخاله في الفرن، ثم يتم اخراج قمع النوى والقشور منه، وبعدها يعاد للفرن لمدة 8 ساعات متواصلة، حتى تصبح جاهزة للتعليب والبيع، بعد ساعة إضافية لتعقيمه من البكتيريا.
وأشار إلى أنه عمل على تطوير الفرن، لاستيعاب كمية 2 طن بلح لإنتاج 35% منها عجوة في كل مرة، بدلا من السابق الذي كان يستوعب 300 كيلو كحد أقصى بتكلفته البالغة ألفي دولار، لافتا إلى أن الفرن ما زال بحاجة إلى تطوير، بتكلفة مالية ستصل إلى 15 ألف دولار للفرن، و150 ألف آخرين للثلاجات التي ستوزع على 5 غرف. وأضاف أبو جميزة، أن تطوير المشروع سيساهم في رقي الاقتصاد الفلسطيني بأكمله؛ على اعتبار أنه سيوفر ما يزيد عن 200 فرصة عمل، لا سيما أنه سيساعد جميع المزارعين على الاستثمار فيه.
وتابع، إنه بدأ ببيع العجوة في أسواق القطاع بقيمة 10 شواكل للكيلو الواحد، مبينا أنه يُشعل الفرن باستخدام الحطب مؤقتا؛ كونه يحتاج إلى كهرباء منتظمة، وربما غاز "وهذا غير متوفر بشكلٍ دائم في غزة"، واعدا بجعل القطاع يحقق اكتفاءً ذاتيا من منتج العجوة مع التصدير للخارج؛ لأن حاجته اليومية 2 طن، وهذا ما يمكنه انتاجه في حال تطوير المشروع. قهوة للمرضى ولم يكتفِ المزارع الخمسيني بالاستفادة من ثمار شجرة النخيل "المباركة" في العجوة فقط، إنما توصل إلى طريقة للاستفادة من النوى وهو أحد مخلفاتها؛ من خلال تدويره ليصبح قهوة صالحة للشرب.
وبيّن أن قهوته مفيدة لمرضى السرطان والسكري وتمنع الأرق بعد شربها ليلا؛ لأنها خالية من المادة الغذائية التي تحفز خلايا الجسم على السهر، مشيرا إلى أنها ستباع في الأسواق بدءا من شهر فبراير المقبل، بقيمة 20 شيكلا للكيلو الواحد. وفيما يتعلق بطريقة تحويل النوى لقهوة، أوضح أنه يجمع النوى الناتج من مخلفات العجوة، ويغسله قبل أن يرفع القشور عنه، ثم يجففه في فرنه الحراري، ويتم بعدها تحميصه، ويطحنه في أحد المطاحن، لافتا إلى أن منتوجه سيشمل صنفين "قهوة صافية 100% نوى، والآخر 80% نوى والجزء الباقي قهوة عادية وبهارات".
أعلاف للمواشي وسخر أبو جميزة، جريد وفسائل أشجار النخيل؛ كأعلاف قدّمها كوجبة غنية بالمواد الغذائية المفيدة للمواشي والحيوانات؛ بعد أن قام بتجفيفها في معمل الجامعة الإسلامية بعيدا عن أشعة الشمس؛ ومن ثم طحنها بشكلٍ مناسب، وفق أبو جميزة.
ونوه المزارع إلى أن المواطنين الغزيين كانوا يجهلون قيمة الجريد فيما مضى؛ كونهم يستخدمونه كغطاء للمعرشات، وبالتالي تفقد قيمها الغذائية عند التعرض للشمس. سماد للتربة ولم يتوقف استغلال المزارع أبو جميزة لشجرة النخيل عند هذا الحد، بل ابتكر استخداما جديدا لأوراق الجريد، بعدما حولها إلى سمادٍ لتخصيب التربة.
وأشار أبو جميزة إلى أنه اكتشف بعد الفحص، وجود بعض المواد في جريد النخيل؛ التي تعمل على تخصيب التربة، وتحسن من مستواها الانتاجي.
ختاما.. طالب المزارع أبو جميزة، الحكومة الفلسطينية وجميع الجهات المختصة بضرورة الاشراف على عمل المصنع؛ بعد أن تتبناه الجهات الداعمة؛ حتى تتأكد من مبادئ السلامة والجودة التي يتبعها. ودعا أبو جميزة، الجهات المختصة لدعم وتطوير المشروع، قبل فوات الأوان، محذرا في ذات الوقت من إمكانية انقراض النخيل في قطاع غزة في حال تجاهل المصنع؛ لأن المزارعين لن يتمكنوا من محاربة سوسة النخيل التي تضرب مزارعهم منذ عام 2011، والتي أدت إلى خفض كم العائد المالي الصافي لعوائلهم.
- See more at: http://hr.ps/ar/news/85692.html#sthash.mcmhuXCE.dpuf