اطلس- لا يبدو الوضع في العراق قابلاً للانفراج في وقت قريب؛ فالحرب في هذا البلد العربي الذي كان ذات يوم يملك واحداً من أقوى جيوش المنطقة، تحصد الكثير من قدراته وإمكاناته،
وذلك يعود إلى طبيعة الظروف التي مر بها هذا البلد خلال السنوات العشرين الأخيرة وما قبلها بقليل عند اجتياح رأس النظام السابق صدام حسين دولة الكويت وما تلا ذلك من تداعيات على الوضع الداخلي والمحيط بالعراق.
اليوم يعيش العراق وضعاً مفتتاً بين الحروب الداخلية والحرب ضد تنظيم «داعش» الذي وجد أرضية صلبة في أرض العراق، تماماً كما حصل على أرضية خصبة ومناسبة في الأراضي السورية، وبات يهدد ليس البلدين فحسب، بل والمنطقة بأسرها، خاصة بعد أن دخلت في دائرته دول عربية أخرى مثل ليبيا واليمن وغيرهما.
المأساة في العراق أنه يدفع ثمن أخطاء زعاماته التي تواصل إنهاك البلد بتحالفات إقليمية تضر بإمكانات الدولة العراقية وتدفعها إلى مزيد من الانقسامات، وهذا يؤثر في حربها ضد تنظيم «داعش» الذي توسع نفوذه في أكثر من منطقة في العراق وتحول في غضون أشهر قليلة إلى قوة باطشة ومعظم ضحاياه من المواطنين الأبرياء الذين يدفعون ثمن تخاذل الحكومات العراقية المتعاقبة على وضع حد لهذا الجنون.
عمل «داعش» على إلحاق الكثير من الأذى بالبنية التحتية العراقية وصارت التداخلات المذهبية واحدة من العوامل التي يستغلها التنظيم في الفترة الحالية، وهي تداخلات أهلكت العراق وأضرّت بوحدته الداخلية، التي تأثرت كثيراً بما يحدث اليوم من مواجهات على الأرض بين «داعش» والقوات العراقية..
الجيش العراقي الكبير والعظيم الذي كان العرب يتفاخرون به تحول إلى ما يشبه الجزر المتناثرة، وصار الجيش المهاب مجرد مدافع عن وجود هياكل دولة، ولم يعد الجيش الذي يحمي دولة العراق وأبناءه بمختلف مذاهبهم وانتماءاتهم وهوياتهم، ويتجسد ذلك في المعارك الخجولة التي يخوضها ضد تنظيم «داعش» في هذه المنطقة وتلك، حيث صار يخسر الكثير من المناطق لصالح خصومه وإذا ما استرد منطقة ما عاد وخسرها من جديد.
منذ مدة ونحن نسمع أن الجيش العراقي حرر منطقة هنا وخسر منطقة أخرى، وعاد ليحرر المنطقة الخاسرة ويخسر المنطقة المحررة، وهكذا دواليك، ويبدو للمواطن البسيط أن الحكومات العراقية المتعاقبة لا تريد أن تحسم المعركة وأنها مستفيدة من الضياع الذي يعيشه العراق إنساناً وتاريخاً ووجوداً.
نعلم أن دولاً كثيرة، في المحيط وفي العالم الخارجي أيضاً لا يهمها استقرار العراق وعودته ليلعب الدور الذي كان يلعبه في السنوات والعقود الماضية، إلا أن هذا التراخي الذي نراه اليوم في معالجة المعركة ضد «داعش» يضع أكثر من علامة استفهام عن المستفيد من بقاء هذا الوضع «المائع» في هذا البلد الذي يغرق كل يوم في المزيد من الأزمات والنكبات.